مؤتمر شرم الشيخ الخماسي.. العرب يواصلون حماية إسرائيل
تاريخ النشر : 2023-03-18
مؤتمر شرم الشيخ الخماسي.. العرب يواصلون حماية إسرائيل
حماد صبح


مؤتمر شرم الشيخ الخماسي.. العرب يواصلون حماية إسرائيل

بقلم: حماد صبح
 
ثلاثة أسابيع انقضت على مؤتمر العقبة الخماسي الذي انصبت مداولاته على كيفية حماية إسرائيل من الشعب الفلسطيني، وإن موه المجتمعون الخمسة، أميركا وإسرائيل ومصر والأردن والسلطة الفلسطينية، قبح ذلك الهدف بما سموه خفض التصعيد في الضفة والقدس وسائر الأراضي الفلسطينية مساوين بين الضحية الفلسطينية والمعتدي القاتل الإسرائيلي. 

وها هي ذي الأطراف الخمسة تواصل استقصاء كيفية حماية إسرائيل من خلال متابعة ما نفذ من قرارات مؤتمر العقبة التي كانت كلها جوهريا إسرائيلية المحتوى، والبحث في وسائل جديدة فعالة لحماية إسرائيل. 

أن تتحرك أميركا وإسرائيل بحثا عن هذه الحماية أمر مفهوم، والمذهل المحزن أن تشاركها في البحث ثلاثة أطراف عربية، بينها الضحية الأولى لعدوانية إسرائيل الدموية، أي السلطة الفلسطينية التي يفترض فيها وطنيا وأخلاقيا أن تحمي شعبها لا أن تشارك في تسهيل اعتداء إسرائيل عليه. 

ومن قتلتهم إسرائيل وجرحتهم في نابلس وجنين، وما هدمته من بيوت فلسطينية في القدس، وما وافقت عليه من عطاءات لبناء مئات الوحدات الاستيطانية فيها، وتصويت الكنيست بالقراءة الأولى على تشريع إعدام الأسرى الفلسطينيين؛ يكفي لردع السلطة عن المشاركة في مؤتمر شرم الشيخ في التاسع عشر من هذا الشهر. 

وماذا نقول عن مشاركة مصر والأردن؟! كيف رضيت مصر بهذا التقزيم لنفسها وهي القادرة على أن تكون قوة كبرى في المنطقة لا تساير عدوانية إسرائيل ولا تخضع لمشيئة أميركا الجائرة التي تزدري من يخضع لها، ولا ترى فيه أكثر من وسيلة ذليلة لمعاونتها في كسب ما تطمع فيه ؟! طمأنت مصر إسرائيل بأن " غزة ستحافظ على الهدوء . " مهما فعلت في الضفة والقدس، وهذا ما تتوق إليه إسرائيل: أن تنفرد بهما لتصب عليهما ما تستطيع صبه من دمويتها وإجرامها وتوسعها الاستيطاني مطمئنة البال إلى سلامة مستوطناتها في غلاف غزة. 

وفي وجو وفرة هذا الاطمئنان نقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن مصادر أمنية قولها إن الجيش عازم على القضاء على ما سماه جمهورية الجهاد الإسلامي في جنين ونابلس. وهذه هي إسرائيل طبعا وسلوكا. الويل لمن لا تخاف أن يكسر يدها إذا اعتدت عليه. لن تكف عن اعتدائها عليه ، ولن ترأف به. 

الطبيعي من مصر أن تنهى إسرائيل عن عدوانها في الضفة والقدس لا أن تطمئنها باستبعاد مشاركة غزة في مقاومة هذا العدوان. والأردن الأقرب جغرافيا وبشريا وسياسيا لما يجري في الضفة والقدس يشارك في المؤتمر رغم معارضة الشعب الأردني لهذه المشاركة؛ لأن النظام يستطيع تجاهل هذه المعارضة، ولا يستطيع تجاهل ما تريده أميركا وإسرائيل. وهذه حال مصر والسلطة الفلسطينية. 

الشعب المصري والشعب الفلسطيني يرفضان هذه المشاركة، ولا يحبان لإسرائيل أي خير من أي مصدر ولو من مطر السماء، والنظام المصري والسلطة الفلسطينية يتجاهلان إرادة الشعبين ويخضعان لما تريده أميركا وإسرائيل، وهكذا تنساق الأطراف العربية الثلاثة لعقد المؤتمر تلو المؤتمر للبحث في سبل حماية إسرائيل من الشعب الفلسطيني، حماية الضحية العزلاء من كيان خطط بمساعدة منشئيه الغربيين في المنطقة ليكون أقوى عسكريا من كل الدول العربية مجتمعة. 

وساعدته عوامل كثيرة على أن ينتصر عدة انتصارات عسكرية على تعزيز ثقته بإمكانية أن فعلا أقوى عسكريا من كل الدول العربية. والمغالطة الكبرى والمخادعة المضللة في هذه الثقة أن الدول العربية لم تقرر يوما حشد كل قواها لمواجهة إسرائيل عسكريا أو حتى سياسيا، ولو حشدت تلك القوى بقلب واحد وعزم صادق لغدا وجود إسرائيل مبكرا خبرا ل" كان " التي تواري الناس والأحداث في مقابر الماضي. 

والمفارقة الشاهدة أن المقاومة اللبنانية مجسدة في حزب الله، والمقاومة الفلسطينية، هي التي ضربت إسرائيل وعصفت بعربدتها وغرورها. وفي ميدان المعنويات العظيمة الأهمية في الحروب؛ كفى سماحة الشيخ حسن نصر الله عبقرية قيادة ونفاذ فهم أنه قدم مصطلح كون إسرائيل " أوهن من بيت العنكبوت " تحديا عربيا مضادا لخرافة الجيش الإسرائيلي الذي لايقهر، ولم يقدمه إلا بعد تحريره الجنوب اللبناني منها بقوة الدم والسلاح، وأتبع ذلك التحرير بدحرها في عدوانها على لبنان في 2006، وسارت المقاومة الفلسطينية في غزة والضفة والقدس في ذات الطريق، وفي مرحلة سيرها الحالية هاهي ترعب إسرائيل وتبلبل نفسها بعدد صغير من المقاتلين في أردأ ظروف قاتل فيها أي مقاومين وطنيين في أي مكان وأي زمان، فتهب راعيتها أميركا إلى حمايتها، وتجبر ثلاثة أطراف عربية على المسارعة معها في هذا الهبوب. السوي والعربي والوطني والأخلاقي أن تهب الدول العربية مجتمعة لمؤازرة المقاومة الفلسطينية لعدوان إسرائيل واحتلالها الاستيطاني الاستئصالي لكل ما هو فلسطيني من بشر وحجر وشجر لا أن تعزز هذا العدوان والاحتلال. 

المقاومة الفلسطينية هي خط الدفاع الأمامي عن العرب، ولو كسرت هذا الخط، لا أَذِن الله، لاندفعت إلى ما حولها مبتدئة بسيناء والأردن.