خيانة الأشقاء.. من طعن فلسطين من الخلف؟
تاريخ النشر : 2023-02-08
خيانة الأشقاء.. من طعن فلسطين من الخلف؟
د. خيام الزعبي


خيانة الأشقاء.. من طعن فلسطين من الخلف؟

بقلم: د. خيام الزعبي - جامعة الفرات

منذ سنين طويلة والقضية الفلسطينية على طاولة المؤامرات العربية والدولية، فالكل يبيع والكل يتآمر من أجل بيع ملف القضية الفلسطينية، والبعض يقبض من أجل التنازلات، وهناك من يسعى ليبقى الاحتلال في قلب الشرق الأوسط. أليس كان أولى بالحركات الإسلامية التي تخرج كل يوم لقتل آلاف الأبرياء من المسلمين أن يأتوا إلى فلسطين ويعدلوا بوصلتهم نحو العدو، لا أن يحاربوا المسلمين في سورية والعراق وليبيا واليمن وغيرها.

السؤال الكبير الذي يفرض نفسه دائماً هنا هو: أين الرجال الذين تنتظرهم فلسطين وعلقت صورهم في شوارعها وأزقتها وحاراتها؟... مجرد منافقين يتاجرون بأرض ودماء الفلسطينيين الأبرياء، أمر معيب ولا أخلاقي من موقف بعض الأنظمة العربية من القضية الفلسطينية وسعيها الحثيث للتطبيع مع الاحتلال الصهيوني وإقامة العلاقات الدبلوماسية الكاملة مع الكيان المجرم الذي يحتل أرضاً عربية بقوة الإرهاب الدموي، الذين ما فتئوا يلهثون وراء فُتات العدو الصهيوني في مفاوضات عبثية استمرت لعقود، دون أن تحقق للشعب الفلسطيني وللأمة بأسرها سوى الخراب والدمار.

في هذا الخصوص، أظهرت الشعوب العربية اعتزازها بعمليتي القدس واعتبرت منفذيهما الشهيد خيري علقم والطفل محمد عليوات أبطالاً، كما أيدت تضامنها مع الشعب الفلسطيني وحقه المشروع في مقاومة الاحتلال، لكن الموقف الرسمي العربي كان كالعادة مخزياً مناقضاً لرأي ومشاعر الشعوب العربية بمساواته بين الشهيد الفلسطيني وبين المجرم الصهيوني المغتصب المتعطش لسفك الدم وقتل الأبرياء وانتهاك حرمة المقدسات، فقد أدانت دول  التطبيع ودول عربية أخرى عملية القدس واعتبرتها عمل إرهابي.

في سياق متصل يبدو أن قادة إسرائيل الذين ينفذون مخططاً ثلاثي الأبعاد يقوم على تهويد القدس وتوسيع بؤر الاستيطان وكسر الإرادة الفلسطينية، قد عقدوا العزم على تسريع خطى ذلك المخطط الاستعماري، في ظل حالة انعدام الوزن التي تمر بها القوى التقليدية العربية ذات التأثير التاريخي في مسار القضية الفلسطينية، الهادف على السيطرة الكاملة علي مدينة القدس.

على خط مواز، إن رؤية أمريكا الجديدة لدولة فلسطين هي الثمن الذي تريد تقديمه كحافز للكيان الاسرائيلي، ثمناً للمساومات الإقليمية والدولية، مستغلة في ذلك ضعف القيادة الرسمية والصراع بين الفصائل الفلسطينية، ومستخدمة كل أشكال الانقسام  والفوضى السياسية بصنيعة أمريكية وإسرائيلية وبمساعدة دول عربية، كي يمرروا مشروعاً هو الأكثر خطورة على القضية الفلسطينية من كل المشاريع السابقة.

وهنا أرى أنه بعد هرولة العرب إلى التطبيع مع إسرائيل لم يبقى أمام الفلسطينيين إلا التخندق  وحدهم في خندق الموت والاستشهاد بشرف مدافعين عن الحق الفلسطيني الغير قابل للتصرف مع مناصري النضال الفلسطيني الشرعي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية،  ومهما يكن فهي فرصة أمام الفلسطينيين لينهوا الانقسام ويتوحدوا لتحرير البلاد من المحتل الغاشم. لذلك لا بد من التحرك الفوري والعاجل، والرد بكل غضب على مخططات الاحتلال، بالإضافة الى الاستمرار في دعم نضال شعبنا الفلسطيني وصموده، صوناً لكرامة الإنسان، وإنهاءً لأبشع صور الاحتلال، وحماية للمقدسات الإسلامية والمسيحية من دنس الاحتلال.

مجملاً.. إن الشعب الفلسطيني لا توحده إلا المقاومة والانتفاضة والاستراتيجية الفلسطينية الموحدة التي هي الطريق لإنهاء الاحتلال لذلك فإن المنطقة اليوم تدخل في مرحلة جديدة سيكون عنوانها التغيير، وسينتج عنها استعادة المحور المقاوم لدوره، وتعزيز ثقافة المقاومة لتحرير الوطن الفلسطيني والأراضي المحتلة.

ولأن الأوطان لا تتحرر بالشعارات والمناشدات وخطب التنديد، والقضية الفلسطينية ليست ككل القضايا، ولأن ما نراه من تفكك عربي على عتبة  السقوط النهائي في مخالب الصهيونية العالمية. نقول: عذراً فلسطين فالشعوب العربية والإسلامية مشغولة عنك وعن دماء أبنائك الطاهرة وأرواحهم الزكية التي تغتالها العصابات الإرهابية الصهيونية، وبراءة أطفالك وأجسادهم التي مزقتها الطائرات والصواريخ التي تمون ببترول العرب.