هل تذكرون جبر الفلسطيني؟
تاريخ النشر : 2023-02-08
هل تذكرون جبر الفلسطيني؟
محمود فنون


هل تذكرون جبر الفلسطيني 

بقلم: محمود فنون 

هناك من يتذكرون الفدائي جبر الفلسطيني. هم الناس في بيت لحم والمناضلين وقليل غيرهم. 

المهم من لا يتذكرونه. 

من هو جبر هذا؟ 

هو مواطن فلسطيني، ظهر اسمه في انتفاضة الأقصى التي انطلقت عام 2000م ميلادي بعد اقتحام شاورون للأقصى. 

جبر امتشق احتقان الحمم ولفه بقطعة قماش وتوجه من بيت لحم الى الخضر سيرا على الاقدام عبر الاراضي القريبة متوجها الى حاجز النفق .. 

جبر بكل حزم الفدائي وجرأة المناضل خطا خطواته الواثقة ودخل ألى منطقة النفق المحروسة بالجيش والامن والكاميرات ونقاط الحراسة.. 

دخل جبر ووضع القماشة على كتفه وعمّر الكلاش وقذف العدو بحممه الغاضبة وأردى ثلاثة .  

ما الذي حصل؟ 

هرب الباقون واحتموا من النيران الغاضبة التي يطلقها جبر. 

جبر لف صديقه بالقماش وغادر ميدان المعركة بسلام وعاد الى قاعدنه سالما . 

ما هذا؟ ما معنى هذا وما قيمته وما الدرس؟ 

قليلون سيفهمون رغم ان الدرس واضح جدا. 

عندما لفّ جبرسلاحه وتوجه به الى ميدانه خلسة، كان أكثر من مئة وخمسون مسلحا فلسطينيا يحملون سلاحهم ويتجولون في شوارع بيت لحم.  

وعندما يرون ذلك مناسبا يتوجهون إلى بيت جالا ويطلقون الرصاص الكثيف باتجاه مستعمرة جيلو وعن بعد، ثم يتوجهون شرقا  باتجاه موقع آخر وربما موقع آخر ومن ثم يعودون وقد انجزوا مهمتهم إلى وسط المدينة حيث يقضون حوائجهم. 

جبر الفلسطيني كان يرى هذه الظاهرة وربما يتعاطف معها. 

درس جبر الموضوع بل قيّمه تقييم الراغب في الفهم واستخلاص الدرس فغادر هذه المسيرة وارتقى عليها فلف عدته في السجادة واختار الطريق. 

من الذي لم يفهم الدرس؟ 

القيادات والمتنفّذون في الشعب الفلسطيني لا اقول لم يفهموه بل تجاهلوا الدرس عمدا وعن سبق إصرار. فجبر الاخرس لا يمثلهم وهم بالطبع لا يمثلونه. هو جبر الفلسطيني وهم المناصب والمكاسب والظهور  وزجاجات العطر والسهر والسفر والامتيازات. فكان جبر يتيما ولم يجد حاضنة تحميه من الجواسيس والتنسيق الامني وبعد حين اجتثته يد العدو شهيدا بلقب الشهادة وهو يستحق لقب جبر الفلسطيني وهو الشهيد الفلسطيني. 

هل ظاهرة المسلحين الفلسطينيين في مناطق شمال فلسطين فهمت درس جبر الأخرس؟. 

الذي فهمها هو خيري علقم. 

خيري علقم الفلسطيني منفردا امتشق عدة الشغل بين شغافه وتوجه الى الميدان المدروس ونفذ خطته التي كان يطوي عليها شغافه بسرية. 

فردا واحدا قام بخير مما قامت به الكتائب الأخرى كلها وبفاعلية عالية. 

كل الكتائب غافلة عن درس جبر الأخرس ولا تقرأ جيدا درس خيري علقم ومئات من أمثالهم. 

وهذه الظاهرة تدفع كل يوم ضحايا جدد، ولديهم عدة الشغل. ولكنهم...

لا بأس. ولكن هل توجد قيادات للظاهرة الكفاحية بمختلف تلاوينها. 

الظواهر الكفاحية الموجودة فعلا في الشعب الفلسطيني والمتأججة في كل الاحوال وطوال تاريخ الكفاح الفلسطيني والتي لم تتوقف أبدا وهي شديدة التنوع. 

إن التجربة الفلسطينية من أغنى تجارب الكفاح الثوري وقد اشتملت فعلا على كل الظواهر وكل التحارب التي خاضتها الشعوب ولا زالت هذه التجربة تبدع الجديد . رغم ضياع البوصلة عند الصف القياديي وبقائها عميقة واضحة عند ضمير الشعب الفلسطيني ولا تتزعزع: ليس أمامنا سوى النضال حتى دحر الوجود الاستيطاني عن كل ارض الوطن الفلسطيني ولا تعايش مع هذا الاستيطان الذي يتوجب اجثاثه من جذوره. 

إن فقدان القيادة الصلبة يعني فقدان البوصلة والتوجيه والتحكم والإستفادة من الخبرة الذاتية والخبرة التاريخية وصوابية العمل الثوري الهادف. 

كأنه ليس لدينا تركيم خبرة عدا عن تطويرها  وكل شيء حولنا ضبابي. 

ومن يتقلدون الالقاب يعزفون على ألحان بقائهم وليس النضال من أجل تفعيل العملية الثورية والتقدم بها إلى الأمام. ولا زالت فصائل السلام تتغلغل فينا من كل صوب وبمظاهر متعددة .النقد الآن وفي كل آن. 

إن تغيير الحالة شديدة الانحطاط يوجب مبضع النقد الذي يكنس الرموز البائدة لتحل محلها قيادة ثورية وليس هنا وتحت الاحتلال بل هناك في محور المقاومة ولتذهب الصدور العريضة والطلات البهية إلى محفوظات التاريخ.