البراغماتية السياسية العربية ومآلات الصراع
تاريخ النشر : 2023-01-31
البراغماتية السياسية العربية ومآلات الصراع
جلال نشوان


البراغماتية السياسية العربية ومآلات الصراع

بقلم: الكاتب الصحفي جلال نشوان

تفاخر الأنظمة السياسية العربية بأنها تمارس البراغماتية النفعية تلك، وليس السير في ركب القومية العربية، وهنا يقصدون عدم السير على نهج الرئيس جمال عبد الناصر رحمه الله، مع أنه كان صاحب مشروع قومي تحرري والانعتاق من الاستعمار الأجنبي وعندما تتعامل تلك الأنظمة مع المستجدات المتلاحقة على الساحة السياسية الدولية، ودائما يصدرون للشعوب مقولة منبطحة: (لنقبل التعايش مع الاحتلال الصهيوني هذا التغير في الأساليب السياسية عند هذه الأنظمة يستند إلى تبرير وهو انه يجب الحفاظ على مقدرات الشعوب والتصفيق لهذا التوجه بحرارة والسير على هديه.

أيها السادة الأفاضل:
إن روح النظرية الفلسفية البراغماتية تسوغ المبررات السياسية، لتبرير التهرب من المسئوليات تجاه قضيتهم المركزية قضية فلسطين وعدم ضرورة الالتفات للقيم الأخلاقية والإنسانية وهم يعلمون جيداً أن الشعب الفلسطيني يٌذبح يومياً من آلة الموت النازية الصهيونية الإرهابية، وللأسف تحت عباءة البراغماتية وهذا يعني تخلى العرب عن فلسطين.

تركوا الشعب الفلسطيني في كل مراحل نضاله، والجميع يعلم أن تلك الأنظمة تركت الزعيم الشهيد ياسر عرفات يواجه مصيره، حيث تركوه محاصراً في بيروت أكثر من تسعين يوماً وياليت الأمر توقف على ذلك بل مارسوا ضغوطاً عليه للخروج من لبنان
وعندما خرج من لبنان جففوا كافة الموارد المالية عنه..
لقد تحمل أبوعمار والقيادة الفلسطينية ما لا تحتمله الجبال
وعندما عادوا إلى الوطن، وبين شعبهم استمرت الضغوط ودائما البراغماتية السياسية!!!!

أدرك الاحتلال الصهيوني الارهابي أن ياسر عرفات يشكل خطراً على وجوده، فقرروا اغتياله وقضى شهيداً شامخاً عزيزاً
واليوم يواجه الرئيس محمود عباس ذلك السيناريو، فالكيان الصهيونى وحكومته الفاشية الصهيونية الإرهابية يخططون لابتلاع الضفة وانهاء السلطة الوطنية الفلسطينية وتحويل منجزات شعبنا لإدارة مدنية ضعيفة، يحكم الاحتلال قبضته عليها
الشعب الفلسطيني وقيادته في خندق واحد، وكما أفشلوا صفقة القرن وخزعبلات السلام الاقتصادي، سيفشلون المشروع الصهيوأمريكي، وكل يوم نودع الشهداء على مذبح الحرية، والكل الفلسطيني يؤمن ايماناً راسخاً ( لا حياة الا بك يا فلسطين والقدس العاصمة الأبدية ).

سقوط الشهداء على مذبح الحرية، وعذابات الأسرى وآهات الجرحى، وحصار الشعب الفلسطيني وتضييق الخناق عليه يحرج الأنظمة السياسية العربية التي تسللت إلى عار التطبيع والتمسك بالبرغماتية النفعية البغيضة سيجعلها في مهب الريح، لأن الشعوب العربية مازالت متمسكة بقضيتها المركزية قضية فلسطين، وما حدث في مونديال كأس العالم من رفع العلم الفِلسطيني في كل المباريات دليلاً دامغاً على ذلك.

الكيان المغتصب فى تيه داخلى عاصف، والصراع بين العلمانيين والفاشيين على أشده وبالرغم من كل ذلك تذهب الدبلوماسية العربية إلى التحضير إلى مؤتمر النقب 2 ودائما السير في نهج البراغماتية السياسية الواقعية!!!!

لم تتمكن الأنظمة السياسية العربية من تغليب مصلحتها والتأثير في المجتمع الدولي وبقيت تسير في ركب الكابوي الأمريكي الذي قهر الشعوب ونهب خيراتها واليوم يمارس المطبعون السياسة البراغماتية النفعية على حساب الشعوب العربية انحيازاً إلى جانب أنظمة القتل والإرهاب الصهيوني والأمريكي..

لم تدرك الأنظمة العربية في خطوتها التطبيعية مع حكومات الاحتلال أنها تسيء للقضية الفلسطينية المقدسة لدى الشعب الفلسطيني وباقي شعوب الأمة، وأنها بفعلتها هذه إنما تدفع بالكثير من الشعوب إلى الانفضاض من حول القضية الفلسطينية، والتعاطي معها من منطلق براغماتي موازي ومتساوق مع موقف الكيان الغاصب.

والحقيقة أنه لم يعد مقبولًا ولا معقولًا الاتكاء العربي على مقولة بائسة مفادها أن ارتماءها في حضن الصهاينة والأمريكان هو بصريح العبارة التخلي العربي عن الشعب الفلسطيني وقيادته وفي هذا المقام نتوجه بتحية إجلال واعزاز وتقدير للحبيبة الجزائر رئيساً وحكومة وشعباً، الجزائر الحبيبة التي رفضت التطبيع وكانت ومازالت تنتصر لقضايا أمتها.

لن تمر مخططات نتنياهو والفاشيين وشعبنا العظيم الذي يقدم الشهداء ويعذب أبناؤه في سجون الموت النازية ويشاهد ويسمع أنين الجرحى ويتحمل ضنك العيش والحصار، سيفشل مخططات الاحتلال لأنه وضع نصب عينيه فلسطين لنا ولن تكون لغيرنا وعلى الذين جاؤوا من وراء البحار أن يعودوا من حيث أتوا.