فيتو إسرائيلي
تاريخ النشر : 2023-01-19
فيتو إسرائيلي
أ. عائد عبد الحميد زقوت


فيتو إسرائيلي

بقلم: أ. عائد عبد الحميد زقوت

الخطر الذي تشكله الحكومة الاسرائيلية الحالية الأكثر تطرفًا وفاشية منذ اغتصاب فلسطين لا يقتصر فقط على القضية الفلسطينية، بل يشكل خطورة أكبر على الدول العربية سواءً تلك التي تحاول إسرائيل اجتذابها لحظيرة التطبيع أو من وقعت معهم اتفاقية سلام، والمقصود هما مصر والأردن. 

لا مجال للشك في تداعي دول المركز العربي للانعقاد في خضم التحديات التي تواجه الكيانية العربية في هذا الوقت الذي يشهد تصاعدًا  كبيرًا في كل الاتجاهات وفي المركز منها  محاولة تصفية القضية الفلسطينية واستهداف الوضع التاريخي للأماكن المقدسة في القدس العاصمة الأبدية لفلسطين، حيث التأمت القمة الثلاثية المصرية الأردنية الفلسطينية في القاهرة في الوقت الذي تسارعت فيه الممارسات السادية الصهيونية للانقضاض على الحقوق الوطنية الفلسطينية، والاجتراء على كشف أطماعها في اجتزاء  سيادة دول التماس وفي مقدمتهم مصر والأردن حيث أنّ الفكر التوراتي الناظم لتوجهات هذه الحكومة لا يُخفي تطلعاته لإحياء فكرة الوطن البديل على حساب السيادة الأردنية، ويُمني نفسه دومًا  بتحقيق رؤياه المتدرجة والمتدحرجة لجعل سيناء المصرية امتدادًا حيويًا  لفلسطينيي غزة الذي تعمل اسرائيل جاهدة على جعله مركزًا للدولة الفلسطينية، وبالتالي تصبح سيناء أو جزءًا منها بحكم الوقائع والمعطيات الديمغرافية الناشئة والمتغيرات الجيواقتصادية فضاءً لتلك الدولة المنشودة إسرائيليًا. 

جاء البيان الختامي للقمة معبرًا عن امتعاض المجتمعين من المحاولات الاسرائيلية السافرة، فقد حمل البيان رسائل عديدة حيث حذر المجتمع الدولي من تداعيات استمرار ذات النهج في التعاطي مع التطورات في المنطقة وعلى وجه الخصوص ما يتعلق بالوضع التاريخي في المسجد الأقصى والتأكيد على مساحته بالأرقام في إشارة جليّة بعدم السماح بأي تغييرات على الأرض فيما يخص المسجد الأقصى، وأيضًا حمل رسائل تحذيرية  إلى إسرائيل  من عواقب سياساتها التدميرية على الأرض وأن اصرارها على تنفيذ برنامج حكومة نتنياهو الاستعماري العنصري يعد تفجيرًا لساحة الصراع، ولم يفت المجتمعون تذكير الفلسطينيين من ضرورة مواصلة الحوار الوطني الفلسطيني الشامل لأجل إنهاء الانقسام، وكذلك لم يفتهم التأكيد على تمسكهم بعملية السلام مع ضرورة اطلاق آفاق سياسية سلمية في إطار حل الدولتين. 

يأتي هذا البيان الختامي للقمة التي عقدت في القاهرة في ظل وضع عربي ضعيف ومترهل، وفي ظل وضع فلسطيني أكثر ضعفًا وترهلًا مما يعطي إسرائيل الفرصة الكافية لاستمرار غطرستها والتمادي في سياساتها الرامية إلى تحقيق رؤاها التوراتية، حيث أنها لم تنتظر انتهاء القمة فسارعت إلى تسجيل اعتراضها على القمة ونتائجها عمليًا بمنع السفير الأردني من دخول المسجد الأقصى في إشارة واضحة تؤكد على عدم اعترافها بالوصاية الهاشمية على المقدسات الدينية في القدس وتؤكد عزمها على تنفيذ مخططاتها، وبهذا تكون إسرائيل استخدمت حق النقض الفيتو على البيان الختامي للقمة وكأنه لم يكن ضاربة عرض الحائط بكل ما جاء فيه، وعدم اكتراثها بتداعياته السياسية. 

الاصرار الاسرائيلي على تعمد احراج الدول العربية التي تربطها علاقات دبلوماسية معها في خطوة تهدف إلى إظهار ضعف الموقف العربي، وعدم القدرة على مواجهة التحديات الاقليمية والعالمية يتطلب من الدول العربية المعنية اتخاذ اجراءات جادة ترتبط بالعلاقات الأمنية والاقتصادية مع اسرائيل تكون كفيلة بفرض قواعد جديدة للعلاقات معها.

السياسة العربية في المرحلة الراهنة تبدو كأنها في غياهب الزمن فرغم كل الامكانات المتاحة لها والتي تؤهلها للتأثير في المجتمع الدولي من خلال توظيف تلك الامكانات لخدمة قضاياها الاستراتيجية والتي لا يمكن أنْ تتحقق إلا من خلال تكامل اقتصادي وسياسي يشكل قوةً رادعًة وخطوًة ضروريًة على طريق لم الشمل العربي، وكسر الفيتو الاسرائيلي. 

انعقاد القمم العربية المصغرة أو الموسعة لن يكون لمخرجاتها أثرًا ايجابيًا على القضية الفلسطينية ما لم تتوفر لها ثلاثة شرط تتمثل في وحدة الموقف العربي منها، وثانيها الاعراض عن الاستخدام الاستعمالي والوظيفي لها في المعارك العربية العربية والعربية الاقليمية والدولية، أما ثالثة الأثافي يتمثل في وضع نهاية سريعة للانقسام الفلسطيني الذي بات يشكل عبئًا على القضية الفلسطينية أكثر من  الاحتلال بعينه، واستمراره يعني اللا معقولية المطلقة.