متاهة في نفق الحياة
تاريخ النشر : 2023-01-06
متاهة في نفق الحياة


قصة قصيرة وعبرة للشامخين الشرفاء

من 3 حلقات.

"متاهة في نفق الحياة"

بقلم: مرعي حيادري

الحلقة الأولى:_1_

نهضت من نومي مستعيدا الحلم الذي راودني ليلاً، وبدأت بترتيب الأحداث مستعيناً بذاكرتي المبعثرة من قسوة عراك الحياة الاجتماعية والسياسية، على حد سواء..

حلم ممنوح بوعي مدرك، لما يجتاح ألم عمقنا الإنساني العربي الفلسطيني في الداخل الفلسطيني، ممتدا ليصل الأخوة المهجرين النازحين قسوة وحسرة على ما تركوه من ذكريات البيت العتيق، ومفتاح البيت الذي أخذوه معهم على أمل أن تلك الهجرة ماهي ألا فترة زمنية قصيرة والعودة قريبة جدا، فكرت قليلاً مستعينا بهذا الحلم لأستعادة شريط الترتيب لسرد ذلك الحلم وتنظيم الأحداث بشكل جيد ، حتى لا يبعثر خيوط التواصل ترابطا.

ومع الأيام، تبعثرت الأحلام منهم من هاجر نحو لبنان وسوريا وعمان، بقي هناك وأستقباله بما يسمى مخيمات اللاجئين الفلسطينيه، موزعة بكل موقع من هذه الدول العربية،ناهيك عن الذين نزحوا عبر بلاد الغربة الأوروبية وتمكنوا من الحصول على جنسيات أجنبية، بخلاف الدول العربية أخوة العرق والجذر.

ومن خلال جولة في تلك الدول رأيت بأم عيني حال اللاجئين الفلسطينيين هناك، وضع مقلق جدا في حياة تختلط فيها السلبية والإيجابية، وفي النهاية يبقى الحال سيء للغاية لو قارناه مع الأخوة في الداخل الفلسطيني، فمأساتهم أضحت متعددة الجوانب والألتباس واضح عليها، بتوق العودة إلى فلسطين ولكن دون جدوى، والحد من صلاحية مواطنتهم في بلد عربي من عرق وجذر واحد..

ما هذا الحلم؟ ولماذا يسيطر على كل عقلي الواعي؟ وقد فاجئني بشكل حلم مؤلم تماماً وكأنه على أرض الواقع، والأنكى من ذلك أن الأضطهاد لهم من كل الحكام العرب وحتى حكامهم وقياداتهم الفلسطينية، التي تاهت وأضاعت البوصلة بين فوضى حواسها الوطنية، وما بين الأمنية في العودة، بعدما تخلت عن نضالها المسلح وبدلته بالتفاوض السلمي، وعلى مدار أكثر من ثلاثون عاماً من المفاوضات دون جدوى أو فائدة ترجى أو تحقق..!!

في الحلم يتخاصمون ويتقاتلون على من هو الأقوى ومن الرئيس والقائد، تماماً كما هو حاصل اليوم بين حماس غزة، وعباس الضفة الغربية، فالوحدة معدومة، لابل عمقها بزيادة ألمها لشعبها.

أنه الحلم الذي يتمناه كل عربي فلسطيني والإجابة عليه أصعب الأجوبة..! تماماً كما الأجوبة الصعبة حلا لمعادلة الهدوء والاستقرار في كل العالم العربي المتصارع والمتخبط في دوامة التيه بأنفاق مظلمة لا تنتهي..!

إنه حلم الليل الذي يستقبله النهار بواقع الألم الحقيقي يا أمة العرب..

"الحلقة الثانية - 2"

استفقت من الحلم الذي ترجمته واقعا ملموسا ومحسوسا،كونه يشابه الواقع الأليم الذي يحياة الإنسان الفلسطيني في الداخل والخارج على حد سواء، باختلاف أوجه الشبه الحياتي ببن بلد وبلد ومدينة وقرية،والفارق مستوى الحياة المعيشي، بينما الهم واحد والعرق والجذر فلسطيني من بلد التهجير المغتصب والمستعمر على يد الاحتلال الإسرائيلي..

أحمد طالب يعيش في الداخل الفلسطيني "عرب 48" وبعد أنهى تعليمه الثانوي وعمل بكل أنواع العمل الأسود، وعاش مع الأغراب والأقارب واليهود، أمتلك الخبرة والصورة وحاول بعد ذلك الألتحاق بتعليم جامعي وبعد أن تقدم للجامعة لم يقبل بموضوع الطب للمعايير التي يضعونها عقبة أمام الطلاب الفلسطينيين العرب، لأنهم لا يتجندون في الجيش الإسرائيلي، يضطر وبعد إقناع الأهل بأن يسافر عبر البلاد الأوروبية الشرقية ليكمل تعليمه هناك، بعدما قبل لموضوع الطب..

سافر أحمد وهناك ألتقى طلاب من كافة الدول العربية والأخوة الفلسطينيين من الضفة وقطاع غزة المحاصر، وكان له شرف التعرف بهم والأختلاط معهم، بكل أنواع الحوار والمعاناة تحديدا للطلبة الفلسطينيين والمستوى المعيشي الذي يجبرهم على العمل أثناء العودة للبلاد في العطل،والعمل للحصول على بعض الدولارات كمصروف يساعدهم في الحياة والتعليم..

ثائر طالب غزي يتعلم مع أحمد تعرفوا على بعض وتصادقوا معا من منطلق حبهم لبعضهم والأكثر جنسيتهم الفلسطينية،وكان يدور بينهما الحوار عن مأسي الشعب العربي الفلسطيني وكيفية التعامل مع العالم كافة والعربي خاصة،والمواقف المخزية للبعض منهم تجاه القضية الفلسطينية،وتحديداً العالم العربي، ويقولها ثائر:_ بمرارة وحسرة "ما أقسى معاملة الأخ لأخية ظلما وقهرا' .!

أمينة بنت فلسطينية تعيش في كندا وحاملة الجنسيتان ،الفلسطينية والكندية، ولكنها تشكو من البعد والحرمان لوطنها الأم فلسطين، وتقول لأحمد خذني معك إلى فلسطين حين تعود لزيارة الأهل..!!

أما ثائر فالعكس تماماً يطلب من أمينه أن تستضيفه لكندا حين تعود لهناك،لما يعانية المواطن الفلسطيني الغزاوي من حصار أقتصادي والوضع الإنساني المتردي... !!

أنظركلهم من نفس العرق والجذر ،ولكل منهما رؤية أخرى كيف وأين يعيش، وكل ذلك ينبع من التشريد والأضطهاد الذي يلاحق الإنسان الفلسطيني وحتى لو توفرت له الامكانيات يبقى قيد دوامة التيه والضياع دون الحل المناسب والمرضي لإقامة الوطن والدولة المستقلة الحري إقامتها، دون الحلم الحاصل في المنام،بل حقيقة واقعة تكون الحل الأمثل بعدما تتوحد الصفوف ويستفيق العرب والقيادات من النوم والحلم والسبات...!

"الحلقة الثالثة - 3"

ومع قرب الانتهاء من فترة التعليم الجامعي لكل من الشخصيات ثائر وأحمد وأمينه، تمت جلسات التداول بالأوضاع العربية والشرق أوسطية وما تحيكه الدول الكبيرة في هذا العالم الرهيب الذي يجتاح المقاييس الدولية، حفاظا على مصالحة الذاتية والمخططات الأستراتيجية لكل منها، حيث تحافظ على أنظمة عربية ديكتاتورية وعلى أنظمتها فقط لمصالح نفوذها وبناء قواعدها الأستراتيجية للحفاظ على البترول، الذي هو المصدر والملهم لها مقابل بناء قواعد عسكرية تهاجم من يضر بتلك المصالح..

نجيب.. طالب سوري أنضم للحوار القائم بين الزملاء الطلاب ناطقا بالعربية، حيث قال: اخوتي وأصدقائي سوريا بلد العروبة والمحبة والحضارة تعالوا وانظروا ما حدث لبلدنا الحبيب من تدمير المدن وتهجير الأطفال والنساء والكهول، عبر الحدود الأوروبية والدول التي أحتضنتهم بشكل إنساني بغير الأخوة العرب من الشرق، الذين ساعدوا على خرابها بكل الدعم المادي والعسكري للأجانب.!!

فماذا تنتظرون من هؤلاء الذين يعملون على دمار الإنسانية؟ فسوريا اليوم تاهت وضاعت مثل فلسطين وبغداد وكل الأخوة الشرفاء، ومع كل ذلك سنبقى صامدون لبناء الوطن من جديد، ونفشل كل المؤامرات الأمريكية العربية، وعليه عودتكم لفلسطين بعد الانتهاء من التعليم ذخر لبلدكم واهلكم ووطنكم الذي ينتظر عودتكم على أمل لم الشمل لكافة الشعب الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة مع المستقبل ان شاءالله..

أمينة: تقول جميلة تلك المحاضرة نجيب، فأنا أفكر بعدما سكنت في كندا قررت العودة إلى أرض الوطن حتى نساعد في البناء والأعمار للأجيال القادمة، لنؤكد لهم أن الوطن لا بديل له، مهما كانت الحياة في كندا جميلة ماديا، ولكن الوطن يستحق الأكثر والأفضل وانا سأعود معكم إلى فلسطين..

نجيب: صدقت صديقتي وأبنة العروبة والشرفاء وهكذا إنا سافعل وأعود إلى وطني الأم سوريا لنبنبها ونكون النواة، والمثال الأعلى لكل الأجيال الناشئة في الوطن العربي الحر والشريف..

فشكرا على هذا اللقاء الأخير والوداع الذي لابد وان ينجدد اللقاء ثانية بعد تحقيق الأهداف.. وإن كنت على خطأ فيقوموني ..َ!!