القدس حكايتنا القديمة
تاريخ النشر : 2022-12-07
القدس حكايتنا القديمة

بقلم: بهائي راغب شراب

أخطأوا ..
حين قالوا ..
القدس في القلبِ
ولو عَلِموا ..
القدسُ قلبي
وروحي هيَ،
وهي ..!
قلب الفلسطيني المبجل
المسلح بالصلاة وباليقين
وبالنصر المُعَجَل ..
ونصر الله لا بد يأتي كاملاً ..
ولو مُؤَجَلْ.

فلسطين..
أرض العارفين ..
مَلَكوا زِمامَ البداياتِ البِشاراتِ
يَصنعونَ النهاياتِ السعيدة
يحفظونَ بَلَدَ الأنبياءِ
يواصلون دعوتهم..
في الله حباً..
بلا مغضوب عليهم،
بلا ضالين نلعنهم ..
في الصلاة،
وفاتحة الكتاب.

وأنتم ..
تُكْثِرونَ الكلامَ
تُكثرونَ النحيبَ
تُحاصرونَ الفلسطيني ..
من الوريد الى الوريد،
ومِنَ الليلِ إلى البكور
تَسْعَوْنَ جاهدين..
لَوْ لَمْ يَكُنْ الأقصى لنا،
ولو لم نكن بدء الحضارات السامية..
القديمة الجديدة.
*
هل أنتم ..
فلسطينيون مثلنا..
لا..
حروفكم أشواك غريبة،
أنفاسكم نيران المجوس،
وصليبكم مكسور،
وشَمْعدَانكم مُطْفَأ مَلعون.
وجنودكم تهيم خائبة..
بلا جدوى..
خسيسة.
*
لو تعلمون ..!
القدسُ فاعلٌ مَرفوعُ
وفاءٌ وعشقٌ لا يزول
القدس ..
أجدادٌ وآباءٌ وأبناءٌ وأحفادٌ
وأجيالٌ قادمون،
يُسابقونَ الشمسَ في الشروق
يُزاحِمونَ الفَجْرَ في البزوغ
يقيمون دولة الإسراء
ويَعْرُجونَ ..
إلى العُلا.. بلا قيود.
*
القدس أنا..
أنا القدس
أنا الكُلُّ أنا الجزء ..
أنا الشمس أنا القمر
أنا الكوكب الأرضي أنا النجم
أنا البحر أنا الأرض
أنا السَهْلُ أنا الجَبَلُ
أنا العصفورُ أنا الصَقرُ
أنا الذِئْبُ أنا الأسدُ
انا الحق أبلج، أنا الصبح
أنا الحرب، أنا السِلْمُ
أنا الحقل، أنا الشجر
أنا القدس ..
والمسجد الأقصى يُعْلِنَها..
القدس هي القَبْلُ والبَعْدُ
هي الفَوْقُ والتَحْتُ
هي الأَمْسُ واليومُ
هي مِنْبَرُ التحريرِ والنَصرُ
هي الفارسُ المِقْدامُ يخوضَ الوَغى
لا يخشى النزال ،
لا ينهزم.
هي القدس ما فَتِئَتْ ..
عروستنا يُجَلِلَها الحبُ والفرحُ
مباركة في القرآن نتلوه
فلا عجباً ولا عَجَبُ.
*
أنا القدس..
وأنتم ..
الشُهودُ الزور،
الليل والخوف
الكاذب واللص
وأنتم سود صحائفنا
نقاتلكم، نحاربكم، نلاحقكم،
إلى حدودِ التِيهِ
تعيشون في جُحورِكم.
تموتون فيها بلا جنازات
بلا علامات تَدُلَّ على وجودكم.
*
القدس ..
شاهدةُ العصورِ
تَشْهَدَ ..
وهي صادقةٌ..
أننا الجذورُ،
الفاتحون، الصالحون، المبشرون، المرابطون، المجاهدون،
صَهَواتُ الخيولِ أَسِرَتِنا
وتشهد لنا ..
أننا حُماةَ سِرَّها الميمون،
وأننا غضب المتقدمين والمتأخرين،
اليافعين والمُسِنينَ،
يحرسون القرون والسنينَ،
يمنعون الغزاة من الدخول.
وأننا لها القوس والسيف،
الحِصْنُ الحَصون،
والصاروخ.. يُفَجِرَ قُرصانَ العصور.
*
القدس تشهد ..
أنكم الغادرون المَزَيَفونَ
وأنكم الغزاة ..
تَعيثونَ فوق أرضنا..
الخراب والدمار والقتل الزؤام ..
وتنشرون الشرور والشذوذ..
والانقسام.
*
يا أعداؤنا..
أنتم ..
مَرَرْتُمْ هنا يوماً..
وتخرجون..
مُجَرَدَ عابرين..
بلا جُذورِ.
ترحلون إلى نهاياتكم السود
بعيداً عن مساجدنا وعن شوارعنا
وعن قلوبنا الرهيفة.
نُطَارِدَكُمْ في سطور حكاياتنا
نحطم أقلامكم البالية.
نمحو آثاركم المدسوسة..
في قبائلنا العتيدة ..
على مدى الصحارى القاحلة
نساؤها..
يُغْتَصَبْنَ بالبثِ المُباشر،
والشيوخ ..
يرتعون في النفط المحرم،
لا يُبَالونَ فاجعة البلاد..
أضاعوها ..أو باعوها ،
تسلطوا عليها كالضباع..
ينهشون لحم الفريسة.
*
مآذن الأقصى تزغرد،
والأذانُ..
يُسابقَ الريحَ اللدود،
يتجاوز الجبالَ، والسُفوحَ، والشواطئَ، والبحارَ، والفضاءَ،
يَخْتَرِقَ الجُدرانَ والسُدودِ،
يُرَحِبَ بالفاتحين..
القدسُ باقية هنا
القدس باقية لنا
القدس لواؤنا المعقود إلى يوم الحياة
وهي..
حكايتنا القديمة..
ولو تعلمون..
حكايتنا تجدد نفسها
تدوم..
ما دامت الخليقة.