تسلم ابن غفير لمسؤولية الأمن الداخلي تتطلب تحقيق جنائي ضد تصريحاته
تاريخ النشر : 2022-11-26
تسلم ابن غفير لمسؤولية الأمن الداخلي تتطلب تحقيق جنائي ضد تصريحاته
علي أبو حبلة


تسلم ابن غفير لمسؤولية الأمن الداخلي تتطلب تحقيق جنائي ضد تصريحاته
 
بقلم: المحامي علي أبو حبلة
 
فيما تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي ممارسة الاعتقال التعسفي والعشوائي لآلاف الفلسطينيين وإخضاعهم للتعذيب والمعاملة القاسية واللاانسانية والحاطة بالكرامة وذلك خلافاً لأحكام المواد 83 – 96 من اتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949م.

وفي وقتنا الحالي لا يزال أكثر من ستة آلاف أسير فلسطيني يقبعون خلف القضبان في ثلاثة وعشرين سجناً ومعتقلاً ومركزاً للتوقيف الإسرائيلي.. وعليه تكون قوات الاحتلال الإسرائيلي قد اعتقلت منذ العام 1967 وحتى يومنا هذا ما يزيد عن مليون أسير ومعتقل فلسطيني .... وما زال غالبية المعتقلين الفلسطينيين يتعرضون لأساليب التعذيب المحرمة دولياً. ودائماً ترد معلومات من العديد تؤكد تعرض معظم المعتقلين لأشكال مختلفة من التعذيب من قبل أجهزة الأمن الإسرائيلية, ويشكل ذلك انتهاكاً جسيماً لاتفاقية جنيف الرابعة, والاتفاقية الخاصة بمناهضة التعذيب وغيره من أشكال المعاملة القاسية واللاانسانية للعام 1984م.

وتمارس إسرائيل التعذيب كوسيلة رسمية تحظى بالدعم السياسي والتغطية القانونية التي وضعتها المحكمة العليا للأجهزة الأمنية الإسرائيلية في العام 1996 بعد أن منحت جهاز الشاباك الحق في استخدام التعذيب وأساليب الضغط الجسدي والمعنوي ضد المعتقلين.

وتقوم إسرائيل بنقل واحتجاز آلاف المعتقلين الفلسطينيين إلى مراكز الاعتقال والسجون داخل أراضي اسرائيل وخارج حدود الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967م, وهذا انتهاك للمادة 76 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تنص على انه يحتجز الأشخاص المحميون المتهمون في البلد المحتل, ويقضون فيها عقوبتهم اذا أدينوا.

ليس وحده الأسير ناصر أبو حميد (50 عامًا) من يصارع سرطان الرئة ، بل يواجه نحو 600 معتقل مريض في السجون الإسرائيلية أوضاعًا صحية صعبة، بينهم 200 يعانون أمراضًا مزمنة، و23 مصابًا بأورام وسرطانات بدرجات مختلفة.

يرفض الأسرى المرضى أن يكونوا أرقامًا تحصيهم المؤسسات الحقوقية والمعنية بشؤون الأسرى، إذ لكل منهم حكاية ألم جسدي ونفسي يعيشها الأسير داخل زنزانته ويسكّن ألمه بحبة "أكامول"، حتى يأتيه الإفراج ويهرب إلى المستشفيات العادية بعدما ينتكس وضعه الصحي ويحاول ترميم ما تبقّى، وهؤلاء يوصَفون بالمحظوظين، لأن هناك العشرات فارقوا الحياة داخل المعتقل.

ووفق إحصائية أخيرة لنادي الأسير الفلسطيني، فإن 73 فلسطينيًّا فقدوا حياتهم نتيجة الإهمال الطبّي في سجون الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1967، وكانوا من بين 231 شهيدًا من شهداء الحركة الأسيرة، وآخرهم السيدة سعدية فرج الله التي توفيت نتيجة سياسة الإهمال الطبي في يونيو/ حزيران من العام الجاري.

وتبقي مصلحة السجون الإسرائيلية الأسرى الفلسطينيين يصارعون المرض حتى الموت دون الإفراج عنهم، رغم أنهم لا يشكّلون خطرًا، ولم تكتفِ بذلك بل تصرّ على احتجاز جثامينهم والإفراج عنها في صفقات أو بعد انتهاء محكوميتهم، حيث لا تزال تحتجز 9 جثامين لأسرى توفّوا أو قُتلوا خلال اعتقالهم.
"الحياة صعبة داخل السجن، فما بالك لو كان الأسير مريضًا معاناته متضاعفة، ويبقى طيلة الوقت يحاول كتم أنينه كي لا يزعج زملاءه في الغرفة؟".

والسؤال لماذا تتحفّظ "إسرائيل" على الأسرى المرضى؟
رغم حجم الألم الجسدي وتفشّي المرض في أجساد الأسرى المرضى المنهكة، إلا أن "إسرائيل" لا تكترث للمطالب الدولية التي تأتي عبر مؤسسات حقوقية بضرورة الإفراج عنهم، لسوء أوضاعهم الصحية.

وتواصل السلطات الإسرائيلية تعذيب الأسرى المرضى وإهمال ملفهم الصحي في إطار سياستها لـ"الإعدام البطيء"، التي تنتهجها ضدّ المعتقلين في سجونها، فهي تاريخيًّا لم تفرج عن أي أسير مريض مهما كان وضعه الصحي سيئًا، إلا في حالات قليلة كان فيها المريض في حالة احتضار.

ولتنتقم "إسرائيل" أكثر من المقاوم الفلسطيني، كانت عام 2018 تريد إقرار قانون الإعدام، لكن خوفها من تشويه صورتها أمام العالم الغربي جعلها تسلك نهجًا آخر في الإعدام، من خلال إهمال الملف الطبيّ للأسرى.

ومع أن الأسير المريض لا يشكّل خطرًا على كيان الاحتلال، لكن تريد اسرائيل الانتقام لما قام به قبل اعتقاله وليكون رادعًا لغيره، لكن تبدو سياستها في ردع الشباب المقاوم لانتهاكاتها العنصرية قد باءت بالفشل، فدومًا تشهد الأراضي الفلسطينية حالة غليان سياسي، ويواجه الشباب في الضفة والقدس جنودَ الاحتلال دون خوف من الاعتقال. ووفق المؤشرات ان الشعب الفلسطيني بكل مكوناته لم ولن ترهبه تهديدات ووعيد بن غفير حتى لو نجح بتشريع فرض عقوبة الاعدام لان سلطات الاحتلال تمارس سياسة الاعدام بحق المناضلين الفلسطينيين يوميا.

وما يصفه الأسرى المرضى عن حجم معاناتهم داخل السجون الإسرائيلية، ما هو إلا شيء بسيط من واقعهم، فنقل الشهادات الحية على لسان من عاش تلك الظروف بالكاد يصفُ الوضع الحقيقي داخل الأسلاك الشائكة. بالوضع المرعب والمخيف واللا انساني الذي تمارسه قوات الاحتلال بحق اسرانا البواسلة
لم يعد يجدي إصدار بيانات الاستنكار والاعتصامات لإنقاذ أسرانا البواسل من سياسة الإهمال الطبي والقتل المتعمد وبات مطلوبا من المؤسسات الدولية العاملة في مجال الصحة ومؤسسات حقوق الإنسان التحرك الجاد والفعلي لإنقاذ حياة الفلسطينيين المرضى في السجون الإسرائيلية، والذين يعانون من أمراض مختلفة ومنهم العشرات ممن يعانى من أمراض مزمنة كالغضروف والقلب والسرطان و الفشل الكلوي والربو وأمراض أخرى، والشهيد المعتقل سامي ابودياك المريض بالسرطان استشهد بفعل الإهمال الطبي المتعمد بمستشفى سجن الرملة.

إن سياسة المماطلة والأساليب التي تمارس من قبل سلطات الاحتلال في ملف الإهمال الطبي ومنها عدم إعطاء كميات الدواء المناسبة وعدم توفير العلاج الملائم للحالات المرضية وكذلك التأخر في إجراء الفحوصات اللازمة وعدم إجراء العمليات الجراحية العاجلة، إضافة إلى عدم تفعيل نظام الرقابة والمحاسبة من قبل سلطات الاحتلال ضد الأطباء والممرضين الذين يرتكبون خطأ تلو الآخر.

وهذا يؤكد فساد المنظومة الطبية لدى إدارة السجون منذ نشأتها والدليل بارتقاء أول شهيد في الحركة الأسيرة عبد القادر أبو الفحم الذي استشهد نتيجة الإهمال الطبي بعد وضعه في العزل ألإنفرادي وعدم تقديم العلاج المناسب لحالته جراء إصابته بعدة أعيرة نارية لحظة الاعتقال وكذلك ارتقاء الشهيد نصار طقاطقة لذات السبب.

بات مطلوب من السلطة الوطنية الفلسطينية فتح قنوات وجسور مع دول العالم المختلفة وكل جهة وأداة ووسيلة من شأنها أن تفعل مزيد من الضغط والتأثير على دولة الاحتلال للالتزام بالقانون الدولي والأعراف المجتمعية وتوفير بيئة صحية لكافة الأسرى والاسيرات الفلسطينيين في داخل سجون الاحتلال خاصة بعد صعود الفاشية اليمينية الصهيونية وتسلم ابن غفير لحقيبة الأمن الداخلي.

إن تغاضي الأسرة الدولية عن جرائم الاحتلال وعدم تفعيل نظام الرقابة والمحاسبة من قبل سلطات الاحتلال ضد الأطباء والممرضين الذين يرتكبون خطأ تلو الآخر وجميعها ترقى لمستوى جرائم الحرب، بات يتطلب من المنظمات الدولية سرعة التحرك لإنقاذ المرضى في سجون الاحتلال وإطلاق سراحهم وملاحقة حكومة الاحتلال عن جرائمها العنصرية وخرقها الفاضح للقوانين الدولية وضرورة مسائلتها عن ارتكاب جرائم حرب بحق الأسرى والأسيرات وجريمة الإهمال الطبي والتعذيب النفسي والجسدي.

وبصعود اليمين الفاشي الصهيوني وتسلم ابن غفير لحقيبة الأمن الداخلي بتنا نخشى على أسرانا الفلسطينيين وتعريض حياتهم للخطر للحقد والكراهية الذي يكنه ابن غفير للفلسطينيين والعرب وعلى المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الانسان، وفي مقدمتهم الأمين العام للأمم المتحدة غوتيرش ومجلس حقوق الانسان وممثلي النيابة في محكمة الجنايات الدولية تحمل مسؤوليتهم، لحماية الأسرى الفلسطينيين والشعب الفلسطيني، وضرورة فتح تحقيق ضد تصريحات بن غفير العنصرية الفاشية ويشتم منها رائحة الكره والحقد والتحريض على القتل ضد الشعب الفلسطيني.