كأس العالم.. وفوقية الغرب المرفوضة
تاريخ النشر : 2022-11-24
كأس العالم.. وفوقية الغرب المرفوضة

بقلم: د. ياسر الشرافي

قبل شهرين من انطلاق مونديال كأس العالم لكرة قدم الرجال، دخلت دولة قطر في عين العاصفة في وجدان الرأي العام الأوروبي خاصة الألماني منها، حيث وجهت انتقادات لاذعة للدولة القطرية ليست لها علاقة بالرياضة كرياضة، بل انتقادات تفوح منها رائحة كريهة من الفوقية والعنصرية لهذا الغرب، تارة يتحدثون عن حقوق الانسان في قطر، تارة يتحدثون عن حقوق العمال، وتارة أخرى يتحدثون عن فساد فوز قطر تنظيم كأس العالم، كل هذا يمكن ان نتفهمه، أما أن تكون وقح فهذا ليست خيارك بل اختيارك، أن تُمرر السم بالعسل تحت مسميات حقوق الانسان أو الحيوان، هذا مرفوض جملةً و تفصيلاً، حيث أساس الديمقراطية و حقوق الإنسان أن نحترم عادات وتقاليد وثقافات الاخرين، لا أن نفرض ما نؤمن به على الاخرين وهم أيضا كذلك، عندما أكون في ألمانيا، يجب علي أن أحترم قوانين تلك البلاد، وهكذا لو كنت في الصين أو الهند او البرازيل أو أو هذا هو لب الموضوع، حيث تريد تلك الدول الغربية فرض قيمها التي بعضها لا يتقاطع مع قيم أكتر من ٩٠ بالمئة من شعوب الأرض خاصة العربية، تريد من دولة عربية مسلمة أن تتقبل من هو مثلي و يعبر عن نفسه سلوكياً وأخلاقيا، أن يسمح في الأماكن العامة أن يحتسوا المسكرات.

وزد على ذلك وقوع الفريق الألماني المشارك في بطولة كأس العالم في أخطاء كارثية، أبعدت أغلبية المشجعين العرب عن مساندة هذا الفريق، تارة مع سبق الإصرار والترصد اصطحب الفريق الالماني طائرة عليها شعار للمثلين، قاموا القطريين بإرجاعها، تعامل الجهات القطرية لا يتنافى مع قانون الأمم المتحدة، وهو احترام قوانين وسيادة الدول، تارة أخرى وضع جميع اللاعبين الألمان أيديهم على افواهم عند أخذهم صورة التذكار قبل أول بداياتهم في هذا المونديال، احتجاجاً على عدم تمريرهم ما لانؤمن به او ما لا يتناسب مع بيئتنا العربية ، تعدى هذا الفريق ما هو رياضي و خلْق معركة إلى ما بعد مونديال قطر، إن هناك نظام رأسمالي أحادي القطب، بدأت في الانهيار اسسه المالية والاجتماعية و الاخلاقية، الأهم من ذلك أصبحت قيمه على المحك.

رغم ذلك يريد فرضها على الجميع، حرب روسيا أوكرانيا تدخل في هذا السياق، لا يريدون نظام متعدد يحترم عادات وتقاليد الاخرين، فالغرب لعب أيضا على الوتر الحساس لنا كعرب باغتيالنا مرة أخرى معنوياً، أننا كعرب متخلفين ( لا نستطيع )، عندما بدأت نجاحات قطر المبهرة في اظهار ما أنجزته لتقديم هذا المونديال بحلته الجميلة وحسب كل الاحصاءات لا يضاهيه أي مونديال عبر التاريخ، واظهار تلك الدولة الصغيرة القيم العربية من جمال ثقافي ومعماري وبنية تحتية أفضل بكثير من كل المدن الغربية، حيث قطر رفعت سقف مونديال العالم الى فوق الما فوق، وهذا يتناسب مع أجندات الدول العربية لعام ٢٠٣٠ والتي أوجزها ولي العهد السعودي صراحة، أن الشرق الاوسط سوف يكون هو أوروبا الجديدة، وهذا الحراك التي تشهده الدول العربية المستقرة كدول الخليج مصر المغرب الجزائر الأردن، يُغيض الغرب و بل سوف يتسبب بحروب معهم في المستقبل، فكل الحروب السابقة خاصة العالمية كانت هدفها نهب المال، عندما يُصاب العالم بكساد مالي بسبب احتكار فئة معينة عنصرية للمال، فيؤدي ذلك الى التضخم والفقر ثم الانفجار.

لذلك انتقدت قطر، لذلك يلاحقون ولي العهد السعودي بقضية خاشقجي، الغرب لا يريد ان نكون دول ناجحة نعتمد على أنفسنا ، يريدوننا أن نكون متخلفين و نظل نمكث الى ما لانهاية في خانة الدول الثالثة المتخلفة ، تصل بهم الوقاحة أن يشككوا أيضا في فوز السعودية ضد الارجنتين و تقول كثير من مواقعهم الالكترونية أن السعودية اشترت المباراة بملايين الدولارات لانها دولة نفطية غنية و الارجنتين دولة فقيرة ، و ذكروا بفساد و بفعل قطر اللامشروع لتنظيم مونديال كأس العالم قبل عشرة أعوام ، هؤلاء آخر الناس من يتحدث عن الفساد ، أرجع إلى لاعب التنس الألماني "بوريس بكر "و ما قاله هو و "كايزر بيكم باور " إحدى أباطرة الكرة الألمانية في القرن الماضي، و زد على هؤلاء وزير الخارجية الألماني السابق "يشكافيشر "، حيث هؤلاء الثلاثة الذين كانو جزء من المنظومة الألمانية التي أعدت ملف تنظيم المانيا لكأس العالم عام ٢٠٠٦، شهدوا هؤلاء أن تم شراء ذمم مصوتين الفيفا ، حتى تستطيع ألمانيا تنظيم هذا الحدث العالمي ، هؤلاء يريدون قلب الحقائق و عدم البوح بما بداخلهم من عنصرية وفوقية ظاهرة على وجوهم.

هذا يذكرني أيضا بمقال في إحدى الصحف الألمانية وسط التسعينيات، عنوانه احذرو صحوة المارد الإسلامي، هم يقصدون بذلك العرب، حيث في مفهومهم كل عربي مسلم ، يعرفون جيداً أن قيمنا عليها اجماع من كل الديانات والثقافات " لكم دينكم و لي دين "، يخشوا أن يعودو العرب ، ويحكموا العالم ، و يعرفون جيداً أن هذا الحكم سوف يطول الى مئات السنين ، آخرها الخلافة العثمانية، التى استمرت خمس مائة عام و كانو يسموها بالرجل المريض ، فما بالك لو كانت الخلافة العثمانية بالرجل ليست مريض ، لبقيت أطول من ذلك بكثير، مربط الفرس أن هؤلاء لا يريدوننا ان نشاركهم في قيادة العالم ، لا يريدوننا أن نكون فاعلين على الساحة الدولية، يريدوننا مفعول به دائم و دائم ، وسوق مستهلكة لكل ما يأمنون به.