حِكَايَتِي مَعَ الْبَطَّة
تاريخ النشر : 2022-11-22
حِكَايَتِي مَعَ الْبَطَّة


حِكَايَتِي مَعَ الْبَطَّةِ

 قِصَّةٌ قَصِيرَةْ

بقلم: الشاعر الدكتور والروائي المصري / محسن  عبد المعطي محمد عبد ربه - شاعر العالم شاعر الثّلَاثُمِائَةِ معلقة

اَلْـبَطَّةُ يَا أَحْـبَابِي الْحُلْوِينَ لَهَا رِيشٌ جَمِيلٌ، رِيشٌ أَبْيَضُ ، رِيشٌ أَسْمَرُ ، وَرُبَّمَا رِيشٌ بُنِيٌّ ,اَلْـبَطَّةُ تَعُومُ فِي التُّرْعَةِ ، اَلْـبَطَّةُ تَسْـبَحُ فِي النَّهْرِ ، اَلْـبَطَّةُ تَـأْكُلُ السَّمَكَ الصَّغِيرَ، كَمَا أَنَّهَا تَـأْكُلُ (السِّرْسَ) الَّذِي يَـنْـتُجُ بَعْدَ أَنْ تُـبَـيِّـضَ أُمِّي شِوَالَ الْأُرْزِ، اَلْـبَطَّةُ تَـأْكُلُ (الرَّضَّةَ) الَّتِي تَـنْـتُجُ بَعْدَ أَنْ تَطْحَنَ أُمِّي الْغلَّةَ، اَلْـبَطَّةُ أَيْضاً تَـأْكُلُ الْخُـبْزَ، وَمَا تَـبَـقَّى مِنْ طَعَامِنَا عَلَى الطَّـبْلِـيَّةِ، لِلْـبَطَّةِ قِصَّـةٌ جَمِيلَةٌ مَعِي، فَـأَنَا اسْمِي فَاطِمَةُ ، وَكَانَتْ أُمِّي تُدَّلِّـلُنِي وَتُـنَادِينِي قَائِلةً: يَا بَطَّةُ, وَقْـتَها كُـنْتُ يَا أَصْدِقَائِي أَفْرَحُ مِنْ قَلْبِي، كُنْتُ أَجْرِي  بِخِفَّةٍ وَرَشَاقَةٍ يَدْفَعُنِي الْهَوَاءُ إِلَى الْأَمَامِ وَأَتَخَـيَّـلُ نَـفْسِي بَطَّةً حَقِيقِيَّةً, وَأُحَاوِلُ أَنْ أَعُومَ فِي (الْـبَانْـيُو) كَمَا تَعُومُ اَلْـبَطَّةُ , كَانَتْ جَدَّتِي تُزَغِّطُ اَلْـبَطَّةَ قَبْلَ الْمَوَاسِمِ وَالْأَعْيَادِ، تَـأْخُذُ اَلْبَطَّةَ بَيْنَ رِجْـلَـيْهَا, وتُزَغِّطُهَا الْفُولَ وَالذُّرَةَ, وَ أَحْـيَاناً تَصْـنَعُ لَهَا مِنَ الْعَجِينِ (صَوَابِعَ) مِثْلَ(صَوَابِعِ)  الْكُفْـتَةِ, وتُنَشِّفُهَا فِي الشَّمْسِ, وتُزَغِّطُهَا لِلْـبَطِّ ، وَعِنْدَمَا يَأْتِي المَوْسِمُ أَوِ الْعِيدُ كَانَتْ جَدَّتِي تَذْبَحُ ذَكَراً مِنَ الْـبَطِّ , وأُمِّي تَذْبَحُ بَطَّةً ,وَنَحْنُ فِي غَايَةِ السَّعَادَةِ وَالْفَرَحِ وَالْمَرَحِ وَ الْـبَهْجَةِ كَانَتْ جَدَّتِي تَـأْخُذُ كَبِدَ اَلْـبَطَّةِ وَ(أَوْنَصَتَهَا) وَ(كُوزَهَا) وَ تَطْـبُخُهُ لَـنَا بِسُرْعَةٍ، وَ تَضَعُهُ أَمَامَنَا فِي الصَّحْنِ وَتقُولُ : كُلُوا يَا أَطْفَالِي الْحُـلْوِينَ، فَنَشْرَبُ الْحِسَاءَ مَعَ الْأُرْزِ أَوِ الْمَكَرُونَةِ, وَ نَـأْكُلُ كَبِدَ اَلْـبَطَّةِ، وَبَعْدَ أَنْ نَـنْـتَـهِيَ مِنَ الْأَكْلِ نَحْمَدُ اللَّهَ فَـتَـقُولُ جَدَّتِي: هَنِيئاً مَرِيئاً يَا أعِزَّائِي، بِالْهَنَاءِ وَالصِّحَةِ يَا حُلْوِينَ, فَـتَـنْـطَلِقُ أَلْسِنَـتُنَا وَقُلوبُنَا قَائِلَةً: كُلَّ سَنَةٍ وَأَنْتِ طَـيِّـبَـةٌ يَا جَدَّتِي فَـتَـرُدُّ جَدَّتِي: رَبُّنَا ( يُخَلِّيكُمْ )لِي ,مِنْ يَوْمِهَا وَالْبَطُّ يَرْبِطُ بَـيْـنَـنَا وَبَـيْنَ جَدَّتِي.