الجندي القزع
تاريخ النشر : 2022-11-19
الجندي القزع
محمد بكر البوجي


الجندي القزع

قصة: محمد بكر البوجي

جندي قصير القامة لا يتجاوز طوله مترا ونصف المتر، يضع على رأسه طاقية حمراء نسبة إلى لواء جولاني الاحتلالي، يتكلم العربية بنصف طلاقة، يسير في مخيم الشاطئ غربي مدينة غزة، هذا الجندي القزع حاول إهانة الشباب عدة مرات، كنا إذا رأيناه ضمن الدورية نتحاشاه ونلتف من شارع آخر، طالت مدته في المخيم وكثرت مشاكله وإهاناته لشباب المخيم إلى حد أنه كان يرعب طلاب المدارس أثناء خروجهم من المدرسة، تعود أن يمسك الشاب من ياقة قميصه ويجعر في وجهه، عارف أنا مين، ااه عارف، أنت الخواجة، يلا انقلع من قدامي جراي على بيتك، صباحا ونحن خروج إلى المدرسة كان القزع يفعلها معنا كثيرا، يحمل بندقية عوزي لا يضع على رأسه خوذة عسكرية كان يضع برنيطة ترمز إلى قوة اللواء الذي ينتمي إليه ، صار معروفا في كل أنحاء المخيم، أراد أن يسترجل أكثر من اللازم، أرسله قائده في عمليه خاصة وحده دون شريك معه، ارتدى زيا مدنيا وضع كوفية على رأسه حمل شنطة دائرية الشكل، كانت هي السائدة وقتها ، وضعها على كتفه وفيها سلاحه العوزي، دخل المخيم، سار فيه بهدوء واطمئنان ، كان الوقت ضحى، أولاد المخيم وشبابه في المدارس أو في العمل لكن نساء المخيم يعرفنه جيدا سار حتى وصل أول المخيم الشمالي هو لم يشعر بشيء حوله، اغتر بذاته ، لكن ما عرفناه فيما بعد أن بعضا من النساء كن يسرن أمامه على بعد مائة متر في أزقة المخيم لتحذير الفدائيين من قدومه ، فجأة وجد نفسه محاطا بعدة شباب ، حاصروه انقضوا عليه خلصوا منه الشنطة ، استولوا على سلاحه وجهاز الإرسال ثم اقتادوه إلى جهة غير معلومة . حدثتني أحد الشبان الذين شاركوا في العملية أنهم أخذوا القزع إلى بيت خاص خارج المخيم خوفا من فرض حصار وتفتيش ، أول ما فعلناه ، طلبنا منه خلع ملابسه قطعة قطعة وهو يقول: أنا مرة ،أنا مرة ابن مرة ، وهو يبكي ودموعه تنهمر حتى وصل إلى الملابس الحساسة حاول التشاكل لكن ضربة عصا غليظة على ساقه جعلته يرضخ ويخلع كل ملابسه تماما ، ماذا سنفعل به الآن ، أخذناه بسيارة خاصة إلى وسط المخيم مع خروج المدارس ، أنزلناه وهو مكبل القدمين واليدين، طلبنا منه الانبطاح التام على وجهه ، بدأ الشباب استخدام البلطات والعصي بالضرب على الرأس والساقين إلى أن تأكدنا أنه في حالة إغماء، بالبلطة قطعنا أصابع يديه وجزءا من لسانه بالسكين ثم تركناه وغادرنا ، بعد تركنا المكان بدقائق جاءت مدرعات جيش الاحتلال الأمريكية إلى المكان وأخذوه، لم يعد القزع يظهر في شوارع المخيم ، لماذا لم تقتلوه؟ القتل ليس مفيدا هنا ، حتى يبقى عبرة لغيره من جنود الاحتلال ومن يتعرفون عليه في مكان سكناه . كتبت إحدى الصحف الاحتلالية أن جنديا أصيب في حادث طرق بين اسدود ويبنا فقد الوعي ونقلته مروحية الى المستشفى.

من بداية إلقاء القبض عليه يبكى ويقول: رجعوني لأهلي والله ما أرجع غزة تاني ،سأعود إلى بلدي الأصلي هناك أهلي، سأرجع إلى رومانيا.

في العام 1970 رآه أحد أبناء المخيم ذات يوم في شارع يافا الكبير وهو يبيع سجاير وكبريت على بسطة صغير مكتوب عليها بالعبرية، خذ ما شئت و ضع الفلوس هنا، يجلس على كرسي إعاقة أمام البيت الذين يطلقون عليه بيت رومانو، وأنا أطيل النظر إليه اصطدمت برجل يرتدي زيا عربيا يافيا، أهلا يا خال، أشرت إلى الشخص القعيد على الكرسي، فهم خالي أنني أشير إلى بيت رومانو ، همس في أذني بيت رومانو بنته عائلة يهودية قادمة من رومانيا في أواخر عهد العصملي، بنته بأموال الصندوق الصيوني اليهودي ثم صار مركزا لنشاط الحركة الصيونية.