بقلم: د. إبراهيم خليل إبراهيم - عضو اتحاد الكتاب بمصر
البطلة فرحانة حسين سلامة نموذج للوطنية وقدوة طيبة للمرأة المصرية الأصيلة وهى من مواليد 4 سبتمبر عام 1925 وبعد قيام إسرائيل بعدوانها الغادر على مصر في عام 1967 واحتلالها سيناء والضفة الغربية وهضبة الجولان السورية تركت البطلة فرحانة حسين سلامة سيناء وقصدت إمبابة للعيش والكفاح وتربية أولادها.
حزنت البطلة فرحانة بسبب نكسة يونيو عام 1967 وكانت شديدة الإيمان بأن الجندي المصري لم يدخل المعركة وأن إسرائيل حصلت على نصر لاتستحقه ونالت مصر هزيمة لاتستحقها ولذا بكت عندما تابعت يوم 9 يونيو عام 1967 خطاب الرئيس جمال عبد الناصر وإعلانه تنحيه وبعد أن انتهى منه خرج الشعب فى مظاهرات عارمة ملأت شوارع القاهرة تطالبه بعدم التنحى وتؤكد تجديد ثقتها فيه كقائد ورئيس للدولة المصرية وفي إمبابة التقت بابنة عمها وطلبت منها فرحانة حسين كيف يكون الطريق لخدمة الوطن والجهاد ضد القوات الإسرائيلية الموجودة في سيناء..؟ دلتها ابنة عمها وبدأ الطريق الوطني للبطلة فرحانة الكفاح.
أبطال منظمة سيناء العربية التي أسسها جهاز المخابرات قاموا بتدريب البطلة فرحانة حسين سلامة علي حمل القنابل وطرق تفجيرها وإشعال الفتيل وتفجير الديناميت ونقل الرسائل والأوامر من القيادة إلى أبطال المنظمة .. كانت التدريبات تتم بدقة شديدة وفي سرية تامة لدرجة أن البطلة فرحانة كانت لا تعرف زميلاتها المجاهدات حيث كان يتم إخفاء كل مجاهدة عن الأخرى.
لم يتوقع أحد أن تخرج فرحانة حسين سلامة السيدة البدوية إلى ميدان المعركة فالتقاليد والأعراف البدوية تمنع خروج المرأة أمام الرجال وقد قامت البطلة بزرع قنبلة في طريق قطار العريش قبيل لحظات من قدومه وهذا القطار كان محملاً بالبضائع والأسلحة وعدد من الجنود الإسرائيليين وفي دقائق معدودة تم تدمير القطار وهذه كانت العملية الأولى للبطلة فرحانة وبعد ذلك توالت عمليات البطلة فرحانة حسين سلامة وكانت تترقب سيارات الجنود الإسرائيليين التي كانت منتشرة في صحراء سيناء وقبل قدوم السيارة كانت تقوم بإشعال فتيل القنبلة وتتركها بسرعة أمام السيارة وفي لحظات تتحول السيارة إلى قطع متناثرة.
ذات يوم كانت البطلة فرحانة تحمل من القاهرة عدداً من القنابل لتسليمها إلى المجاهدين في سيناء وقد خبأت القنابل بطريقة خاصة وعندما استقلت القارب الذي ينقلها إلى الضفة الشرقية للقناة وكان يضم القارب أيضا نخبة من زميلاتها إذ بدورية إسرائيلية في مدخل مدينة العريش تقوم بالتفتيش وهنا شعرت البطلة فرحانة أن تلك اللحظات ستكون الأخيرة في حياتها لأن الإسرائيليين سيكتشفون القنابل المخبأة لديها ولكن المفتشة الإسرائيلية قامت بتفتيشها تفتيشا سطحيا وأثناء التفتيش كانت البطلة فرحانة في قمة الهدوء والشجاعة وحفظتها عناية المولى عز وجل وبعد هذه الواقعة تعودت البطلة فرحانة حسين سلامة علي المجازفة وقامت بتهريب القنابل والرسائل عشرات المرات.
البطلة فرحانة حسين سلامة كانت تعيش في منزل بسيط بمدينة الشيخ زويد التي تبعد عن العريش عاصمة محافظة شمال سيناء بنحو 30 كيلو متراً ولقبت بتاجرة القماش ومنحها الرئيس محمد أنور السادات وسام الشجاعة من الدرجة الأولي ونوط الجمهورية.
في حديث مع شوقي سلامة ابن البطلة فرحانة حسين سلامة قال: لم نعرف عن بطولات أمنا إلا بعد انتهاء معارك أكتوبر 1973 حيث كرمها الرئيس محمد أنور السادات كما كرمها أيضا الفريق أحمد بدوي ففي الدعوة التي أرسلها البطل أحمد بدوي جاء فيها:
الفريق / أحمد بدوي سيد أحمد
وزير الدفاع والإنتاج الحربي والقائد العام للقوات المسلحة
يتشرف بدعوة السيدة / فرحانة حسين سلامة
لحضور حفل شاي تكريما للمجاهدين من أبناء حسين وذلك الساعة 3 يوم السبت الموافق 11 / 10 / 1980 في نادي 6 أكتوبر بحلمية الزيتون _ القاهرة.
أضاف شوقي سلامة ابن البطلة فرحانة: كانت أمي كانت تغيب عن المنزل ونحن صغار ولمدة طويلة قد تصل إلي أكثر من شهر وعندما تعود كانت تقول لنا إنها كانت تشتري قماشاً وتسافر لبيعه في سيناء لكي توفر لنا المصاريف والاحتياجات بعد أن انفصل عنها والدي وأصبحت هى المسئولة عنا.
يوم الاثنين 11 أغسطس 2014 م الموافق 15 شوال 1435هـ توفيت البطلة فرحانة حسين شيخة المجاهدات السيناويات وابنة الشيخ زويد عن عمر يناهز 83 عاما وكانت أمنيتها زيارة بيت الله قبل وفاتها.