هَوَان
تاريخ النشر : 2022-10-04
هَوَان

بقلم: نادين بلال العتوم

لدي ذكْرى من طفولتي نُقشت بسكين لم أرَ بحدتها اثنتين "دموع أمي" كنا في منتصف شهر ديسمبر، دلفت للمنزل كانت أمي تجلس وبجوارها أعز صديقاتها وكان الحزن ضيفُ الشرف بينهن وكأن جريمة ما قد وقعت حينها سقط قلبي مني ككرة صغيرة، هربت دون عودة اقتربت لأعرف ما قد حصل ورحت أردد أمي هل أنتِ بخير؟ أكدت لي وهي تخفي وجهها عني أنها كذلك وطلبت مني صديقتها المغادرة باصرار شديد، قلت كمحاولة أخيرة ماذا عساي أن أفعل من أجلها هل لي أن اشتري هذه الدموع، لست أملك النقود لكن سأدفع عمري واستبدلهم بالضحكات والمسرّات كيف لي أن استعيد ابتسامتها من جديد؟!

نظرت لي بحرقة وأردفت هنالك جِراح تُخلق ولا يُخلق من أجلها دواء ليس منها شِفاء، ولا توجد قوة قادرة على محو إثرها، لعل وعسى الأيام تطفئ لهيب فؤادها.

تلك الكلمات كانت أعقد من أن يفهمها عقل طفلة نَقِيّ رغم بساطتها، غادرت كما غادرت السنين حقًا ظننت أني قد نسيت حتى جاء اليوم الذي أدركت فيه أنه ثَمَّة جرائم لا يحاسب عليها القانون ولن تدخل في حيز الغفران، وأَنَّ أقبح شعور قد يخترق قلب امرأة هو الاستبدال، أَنْ تسقي أحدهم ماء عينها بينما يقوم هو باستغفالها، إن تفعل من أجله الكثير والكثير وفي لحظة تشعر أنها لم تكن كافية لقلب من أحبته، حينها يصبح الموت ألَذّ الحلول وأطيبها على أن تَرَ كبريائها فَرِيسَة مستباحة للاهانة والإذلال.

أدركت أَنَّ بعض ذنوب لا يمكن غفرانها وليست هنالك قوة قادرة على إزالة أثرها، أما الزمن فلن يطفئ هذا اللهيب بل يضعه في صندوق أسود ويدفنه ليخمد أَجِيجه لكنه لا يموت.

- إنَّ الجريمة التي وقعت آنذاك كانت الخيانة، علمت ذلك بعد أن تجرعت السُمّ ويا ليتني لم أعلم.