تشرين.. خطط ستراتيجية لمعالحة الاخفاقات الأخيرة
تاريخ النشر : 2022-10-03
تشرين.. خطط ستراتيجية لمعالحة الاخفاقات الأخيرة
حامد شهاب


تشرين.. خطط ستراتيجية لمعالحة الاخفاقات الأخيرة

بقلم: حامد شهاب

جرت في اليومين الأخيرين، مناقشات وحوارات مستفيضة ومسؤولة في قنوات فضائية، تتعاطف مع تشرين وتوجهاتها، مع قيادات شبابية من تشرين، بشأن طرق وأسباب وكيفية معالجة حالات الإخفاقات والإنتكاسة الأخيرة التي واجهتها تلك الحركة الفتية خلال تظاهراتها في الأول من تشرين 2022.

وبرغم أننا لسنا من فئة الشباب بعد أن بلغ بنا العمر عتيا، لكننا نحن معها قلباً وضميراً وتوجهات ، حالنا حال ملايين العراقيين المتعاطفين معهم، ونرى أن من المهم والضروري أن ندرج أغلب مضامين تلك الحوارات والمناقشات والآراء والمعالجات التي يمكن أن توصف بالستراتيجية، والتي طرحت بكل جرأة وشفافية، على الرأي العام العراقي وعلى قيادات حركة تشرين، لتستفيد منها تلك الحركة الفتية وقياداتها، من أجل أن تتجاوز محنتها وتضع خططا ستراتيجية للمواجهة مستقبلا وبأسرع وقت ممكن.

وكانت أغلب مضامين الحوارات والمناقشات ووجهات النظر الجريئة والمهمة التي طرحت في الفضائيات تدور حول المحاور التالية:

1. إن الظاهرة الإيجابية التي يمكن تأشيرها في كل تلك المناقشات ووجهات النظر التي طرحت، أن أغلب من شاركوا بالحوارات في الفضائيات من قادة ساحات التظاهر ومن التنسيقيات، اعترفوا أمام الجمهور وأمام قوى تشرين أن حالة الانقسام وتعدد قوى تشرين وإنعدام التنسيق بين مختلف شخصيات الحركة والجهات التي تدعي تمثيلهم هي من كانت وراء الإنتكاسة الأخيرة في الأول من تشرين 2022، وتمثلت بقلة عدد المشاركين بشكل محبط للآمال، وتخبط مجريات ماجرى، وما واجهه المتظاهرون الشباب في ساحة التحرير من فقدان السيطرة، ومن عدم وجود تبليغات بإستمرار التظاهرات أو إنهائها، ما إنعكس بشكل سلبي على أدائها، وظهرت بتلك الحالة التي أصابت الكثير من أبناء الشعب بالإحباط، وأدت الى إصابات بالعشرات بين صفوف الشباب بقنابل الغازات السامة وخراطيم المياه  وإخراجهم بالقوة ليلا من ساحة التحرير.

2. إن واحدة من نقاط الضعف التي أشرتها الحوارات التلفزيونية المسؤولة سواء في قنوات البغدادية أو الشرقية نيوز أو الـ ( utv ) أو دجلة أو زاكروس ومواقع إخبارية ومواقع تواصل اجتماعي، طوال اليومين الماضيين، إن هناك من بعض الشخصيات القيادية في حركة تشرين شعرت أنها هي المتحكمة بتوجهات وشكل التظاهرة التي كان مخططا لها أن ترعب السلطة وتؤكد حضورها الفاعل ، ولكن حب الظهور من قبل تلك الشخصيات وعدم إعطاء أهمية لشخصيات اللجان المركزية في بغداد والمحافظات، وعدم وجود تنسيق بين جهاتها هو من أدى الى تلك الإنتكاسة، وهم يلقون باللوم على بعض الشخصيات التي فضلت مصالحها الشخصية في أن تكون هي من تنطق بإسمهم أو تلعب الأدوار عبر الإعلام، في ظل غياب عدم وجود وحدة رؤيا بينهم، هو الذي حال دون أن تظهر تظاهرات تشرين بالمستوى الذي يليق بها، وكما عهدهم جمهورهم في سنوات ومناسبات سابقة.

3. وقد حملت جهات في تشرين جماعة ساحة النسور بأنهم لم ينسقوا بما يكفي مع الجهات الأمنية لمعرفة مديات التظاهرة وكيف تنتهي او تستمر، ولم يتم إبلاغ جماعة ساحة التحرير بما تم الإتفاق عليه مع الجهات الأمنية، بأن التظاهرة ينبغي أن تنتهي قبل حلول الليل، واقتصرت جماعة  النسور على إذاعة بيان تشرين وإنسحبت، ولم يتم إبلاغ شباب تشرين في ساحة التحرير بما آلت اليه التطورات من عدم قدرة قيادات تشرين على دخول المنطقة الخضراء لتسليم مطالبهم، أو حتى منعهم من الاقتراب من خطوط المنطقة الخضراء، وتمت محاصرتهم بطريقة تجعل من المتعذر إستمرار تظاهراتهم، بسبب غلق الطرق بالكامل، وهو ما أربك المشهد، ولم يتم إبلاغ بقية الساحات بآخر التطورات، وكيف يمكن إنهاء التظاهرات وبأي وقت وكيف، ما أوصل المتظاهرون في ساحة التحرير الى تلك النتيجة غير السارة، والتي عدها البعض من التشرينيين طعنة في الظهر.

4. لقد حمل البعض من الحضور في الفضائيات جماعات أحزاب تشرين ومنها (إمتداد) و(البيت الوطني) او ممن دخلوا من التشرينيين في أحزاب وتجمعات سياسية أنهم يتحملون وزر ما جرى، وأن تشرين ترفض بالأساس أن تتحول الى أحزاب أو قوى سياسية، مؤكدة أنها لن تكون إمتداداً لأحزاب السلطة أو تلتقي معها أو تحاورها لأي سبب كان، فهي بالضد من توجهاتها، وما أوصلت تلك الاحزاب البلد إلى حالة الخراب وشاركت هي في تدميره.

5. لقد أدرك التشرينيون أنهم أمام ( مراجعة ) لكل ما جرى وما شهدته تلك الحركة من تراجع الدعم الجماهيري، وأنهم قادرون على لملمة صفوفهم واعادة تنظيمهم من جديد، مشيرين إلى أهمية وجود ( قيادة موحدة ) لساحات التظاهر هي من تضع الخطط وترسم التوجهات وتضع أطر التحركات وشكلها ومكانها ومن أين تبدأ ومتى تنتهي، وممن تخاطب وكيف تنظم شؤون تظاهراتها المستقبلية، التي أكد الكثيرون على أنها ستكون في الخامس والعشرين من تشرين الاول الجاري، في وقت تشير تقارير إلى أن الصدريين يعتزمون التظاهر في الموعد نفسه، ما يتطلب تحديد موعد آخر ربما لكون التشرينيون لايرغبون التظاهر سوية مع التيار الصدري، ويؤكدون دوما على أن حركتهم مستقلة عنهم تماما، وهو ما يتطلب إتخاذ قرار مصيري بالمشاركة معهم او النأي عن المشاركة معهم، وأهمية ان يكون القرار مركزي لإبلاغ كل الساحات بمضمونه، حتى لاتعود حالة التشرذم والانقسام مرة أخرى.

6. لقد أكدت قيادات تشرين انها لن تهزم أو يضعف وجودها بل ستبقى قوية على الدوام، وهي لابد وأن تستعيد قوتها وصوتها الهادر، في القدرة على المفاجأة، والظهور بالحجم الكبير الذي يعيد لها هيبتها ومكانها، حتى تعود الروح المعنوية الى الشعب كي يلتحم معها ويسهم في دعمها والمشاركة الفاعلة فيها في أية تجمعات مستقبلية او تظاهرة كبرى بحجم ما ظهر عام 2019 أو بما يقترب من حجمها هذا قبل سنوات.

7. لقد أدرك المشاركون في الحوارات التلفزيونية أن قوى السلطة وجدت في الظهور الضعيف لقوى تشرين فرصة لتجاوزها والانقضاض عليها في المستقبل، إذا مابقيت على هذا المستوى من قلة المشاركة ومن الفوضى التي عاشها شباب تشرين، وغياب الجهات التي كانت تضبط إيقاع تلك التظاهرات، وإن بيانات الشكر من قيادات وقوى الإطار عكست إدراكا بإنتصارها هي على تشرين، مادام الحال وصل بها الى تلك الدرجة من التشرذم والانقسام، وأدركت أن بمقدورها في المستقبل أن تشكل الحكومة المقبلة على هواها.

هذه ملاحظات مهمة أوردناها في سياق تأشير ما آلت إليه الحوارات الأخيرة بين شباب تشرين وبعض قادتها من نتائج، وما أفضت إليه من مناقشات مسؤولة، ترتقي إلى طموحات ملايين العراقيين في أن تجد تشرين لنفسها مكاناً أكثر قوة وصلابة لتحقيق ما تصبو إليه الجماهير من طموحات مشروعة في بناء دولة العراق المرتقبة، والله على نصرهم لقدير.