الطاقة الإيجابية والسلبية
تاريخ النشر : 2022-09-28
الطاقة الإيجابية والسلبية
محمد عبد المحسن العلي


الطاقة الإيجابية والسلبية

بقلم: محمد عبد المحسن العلي - الكويت

لقد استبدل إبليس فكرة التخلص من تسلط وهيمنة ذريته من الشياطين على الكفار والمشركين والمنافقين والغاوين - وهي الحقيقة المذكورة في القرآن الكريم - بفكرة جلب الطاقة الإيجابية والتخلص من الطاقة السلبية، حتى ظن بعض الموهومين من مطايا الشياطين بأن عليهم دراسة ما قدم لهم من علوم الطاقة وجعله بديلا عما تقدمه بصائر الوحي من حقائق وبينات حول الشياطين.

إن الإنسان إما أن يكون مطية للرحمن أو مطية للشيطان، ويكون الإنسان في أحسن أحواله عندما يكون من الذين أيدهم الله بروح منه، (… وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ … ) 22 المجادلة، فهو سيكون مطية للرحمن ويستعمله الله عز وجل فيما يرضيه ويذيقه ثمرة توحيده، بينما سيكون في أسوأ أحواله عندما يكون مطية للشيطان ليستعمله بما رسم له في المخطط الإبليسي العام الذي يهدف إلى انحدار وفناء الجنس البشري، وحقيقة أن يكون الإنسان مطية للشيطان حقيقة قد بينت بوضوح في القرآن الكريم.

قال تعالى ( إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (99) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ (100)) النحل، به مشركون أي بالله مشركون،
والكفار والمنافقين من الذين يتولونه ولا يوالون الله عز وجل وأفكار الرسالة.

قال تعالى ( قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (40) قَالَ هَٰذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ (41) إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ (42)) الحجر.

قال تعالى ( وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36) ) الزخرف … ( يَعْشُ ) أي يعرض ويصد، قال ابن عباس : ( وَمَن يَعْشُ )، يقال عشى يعشى عشا إذا عمي فهو أعشى يتغافل ويتعامى .
( ذِكْرِ الرَّحْمَٰنِ ) أي القرآن الكريم .

فمن تغافل وتعامى وتجاهل كل أو بعض ما جاء في الذكر الحكيم عوقب بتسلط الشيطان الذي يجعله أعمى البصيرة ( …فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46) ) الحج.
( نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا ) نسلط عليه شيطاناً.

( فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ) لا يفارقه ملازم له، يزين له العمى ويخيل إليه أنه على الهدى.

فهناك من يحاضرون عن علوم الطاقة في حقيقتهم (مطايا للشياطين) التي تستعملهم في صرف انتباه الناس عن حقيقة الشياطين وحقيقة قدراتها وإمكانياتها وخطواتها، ومن كان في هذه الحالة لن يشعر بما جرى عليه وهو سيعيش في وهم كبير يضخمه له الشيطان الذي سكن في جوفه وتسلط عليه وجعل عقله يهيم في العوالم الفكرية للمغضوب عليهم والضالين.

في مقال (فلسفة الموحدين) قد بينت فيه ما يجب على الموحد فعله حتى يذوق ثمرة توحيده في حركة حياته، وحتى يكون من الذين يؤيدهم الله بروح منه، وهو الروح الذي يحمل طاقة نورانية إيجابية تجعل الشياطين تفر منه، وهي نفس الروح التي حملها كل الأئمة، ومنهم الخليفة الراشد سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي كانت تفر من أمامه الشياطين، وكما جاء في الرواية والأثر المشهور، فهذا حالها مع الموحدين الصادقين المخلصين الذين كانوا في حياتهم يطوفون في فلك أفكار الرسالة.

ومن أدرك الحقيقة يعرف لماذا حركت (القوة الخفية) - أي الشياطين - مطاياها من الكفار والمشركين والمنافقين لقتل سادتنا (عمر وعثمان وعلي والحسين) رضي الله عنهم، وغيرهم من الأئمة الذين يحملون ( النور ) بسبب تأييدهم ( بالروح )، فالشياطين أو ( القوة الخفية ) مثلما تحرك مطاياها ليطفئوا نور الله بأفواههم بعد ما تصيغ أفكارهم ومفاهيمهم وتصوراتهم كذلك تحرك مطاياها ليطفئوا النور الذي يحمله الأئمة وعباد الله المخلصين من خلال القتل.

لا يجب أن نأخذ علم أو معرفة ما لا ندركه بحواسنا من الشرق والغرب، فالوحي المسطور أداة المعرفة الوحيدة التي تكمل لنا المعلومة التي لا تدرك بأداتي المعرفة وهما ( العقل والحواس )، فلولا الوحي لما علمنا بأن هناك شياطينا تناصبنا العداء الدائم ولها خطوات في جميع مجالات الحياة علينا تجنبها، وهي من الممكن أن يكون لها سلطان وسيطرة علينا وهيمنة في حالة الكفر أو الشرك أو النفاق أو عند التعامي عما جاء في الذكر الحكيم، وهذا ما يفعله الكثير من المسلمين.