البنك المركزي ما له وما عليه
تاريخ النشر : 2022-09-22
البنك المركزي ما له وما عليه
رسل جمال


البنك المركزي ما له وما عليه

بقلم: رسل جمال

تصدّر في الآونة الأخيرة الكلام عن مزاد العملة، وسبقها تغيير سعرالصرف للدولار، وغيرها من القضايا الاقتصادية التي تناولها الشارع العراقي، باللوم على السياسة النقدية التي يسوسها البنك المركزي العراقي.

ولكن القليل ممن هم من ذوي الاختصاص، على دراية بما ورائيات هذه الاجراءات التي اتخذها البنك المركزي، والغاية منها، وقد يتهم بانجراره لغايات سياسية مرة، أو انقياده لجهة ما مرة أخرى.

في البداية وكما هو معروف، فإن استقرار الحياة الاقتصادية، لأي بلد مرتبط بشكل أساسي بالجو السياسي العام للبلاد، ومدى استقراره وما له من تاثير على مستوى ثبات واستقرار العملة المحلية.

وفي ساحة سياسية مثل الساحة العراقية ما تشهده من أحداث متسارعة، تعد بيئة قلقة وغير مشجعة لتحسن قيمة العملة المحلية، بل وتجعلها مهددة بعدم الاستقرار، وهذا بدوره ينسحب على عملية التداول المصرفي والذي يجعل المواطن لا يطمئن لقيمة العملة المحلية، وبهذا سيكون هناك مؤشر على زيادة الطلب على الدولار مما يشكل ضغط في عملية التحويل، وبالنهاية سيؤدي إلى ارتفاع سعر الصرف.

أما ما يخص نافذة بيع العملة، فإن البنك المركزي يأخذ على عاتقه إدارة هذه النافذة عبر توفير العملة الصعبة للمواطنين الراغبين بالحصول عليها للأعمال التجارية أو لإكمال الدراسة في الخارج بسعر مدعوم، وغيرها من الأمور، لذلك فإن البنك يوفر العملة الأجنبية للسوق العراقية، بصورة نظامية مع فحص للدولار السليم، أي أنه يجنب المواطنين التعامل مع مزيفي العملة.

وهو بذلك يشرف بشكل مباشر على إدارة سعر صرف العملة، رغم ما يضفي عليها من سمات التضخم! والذي يدل على (عافية الاقتصاد)، قد يستغرب البعض من هذه العبارة ولكن الاقتصاد المتضخم هو الاقتصاد الذي يشهد ارتفاع معدلات الطلب في مقابل عرض أقل، مع وجود القدرة الشرائية للفرد، على العكس مما تعانيه بعض أسواق المنطقة من تضخم في الأسعار ويقابله عزوف في عمليات الطلب مما يسبب كساد اقتصادي وخمول للعملة.

لم يقف البنك المركزي العراقي على حدود مهامه الأساسية في إدارة النقد المحلي، ورسم السياسة النقدية فقط، بل ساهم في الحفاظ على المال العام، من خلال فرض سلطته النقدية على بقية المصارف الأهلية، والحد من عمليات التلاعب أو الاحتيال التي يُسمع عنها هنا وهناك.

إذ فرض سلسلة من الاجراءات الصارمة على المصارف الأهلية تلزمها بها، ووضع آلية لمنح التراخيص لتأسيس المصرف نفسه، كذلك مراقبة رأس المال وعمليات الصرف، والاشراف المباشر من قبل كوادر البنك المركزي، لعمل تلك المصارف على أرض الواقع، من خلال زيارات دورية، ويتم من خلالها تصنيف المصارف حسب ما تقدم للمواطن من خدمات من جهة، والتزامها بالضوابط من جهة أخرى.

كذلك استحدث البنك المركزي (منصة خطابات الضمان) وهي آليه جديدة اتبعها البنك المركزي من أجل فحص وتدقيق كل خطاب ضمان مقدم من خلال أي مصرف فلا يتم المصادقة على أي خطاب إلا بعد مروره بهذه المنصة، بعد أن يستوفي كافة الشروط لمنحه للمستفيد، وقد تم العمل بها.

منح مبادرات صندوق الإسكان عبر قروض ميسرة، وتعزيز تلك المبادرة بإلغاء الفائدة، وبذلك يكون البنك قد أسهم بما يقارب (٣٠_٤٠%) من إجمالي معدل التنمية الاستثمارية.

كذلك طرح البنك المركزي مبادرة الطاقة المتجددة بالتعاون مع وزارة البيئة، وذلك بترسيخ مبادئ الاعتماد على الطاقة الشمسية في توليد الطاقة الكهربائية، من خلال منح قروض للمواطنين لشراء تلك الوحدات، التي تساهم بالحد من التلوث البيئي، وتوفير الوقود وتعتبر من البدائل الاقتصادية لتوفير الكهرباء، والتي ستساهم في تخفيف العبئ عن المواطن الذي يشكو باستمرار من ارتفاع اسعار المولدات الأهلية، وسوء خدماتها المقدمة.

لم تقتصر مساهمات البنك المركزي في المجال الاقتصادي والتنموي فقط، بل كان له دور في دعم ورعاية والاشراف بعدة مبادرات مجتمعية فعالة، قد لاقت استحسان الشارع العراقي ومنها؛ إعادة اعمار شارع المتنبي، شارع بغداد الثقافي الذي عانى من الإهمال لعقود.

كذلك إشرف البنك المركزي بالتعاون مع المصارف الأهلية على مبادرة إعمار أهم ساحات العاصمة بغداد وإعاد لها رونقها الخاص.

كذلك لم يغفل البنك المركزي الجانب الإنساني، إذ يقدم عدة مساعدات لبعض شرائح المجتمع، عبر مبالغ مالية تقدم كرعاية لكبار السن، أو ممن بحاجة لعلاج وغيرها.

في النهاية يجب أن نشيد بعمل المؤسسات التي تمثل وتد الأمان لهيكل الدولة منها المؤسسة القضائية التي كرست مفهوم الاستقلالية والترفع عما يدور في الساحة العراقية من شد وجذب وتصارع، فكانت قوية وستبقى، كذلك مؤسسة عريقة كالبنك المركزي وما يحمله من إرث اقتصادي وما يعمل لحماية الدينار يجب أن لا يكون موضع للشك أو الريبة.

حفظ الله العراق..