"إسرائيل" تضرب بذراع السلطة
تاريخ النشر : 2022-09-21
"إسرائيل" تضرب بذراع السلطة
خالد صادق


"إسرائيل" تضرب بذراع السلطة

بقلم: خالد صادق

ونحن نعيش مأساة حقيقية أبطالها أجهزة أمن السلطة الفلسطينية التي قتلت الشهيد فراس فارس يعيش 53 عاماً، وأصابت آخرين بجراح بعضهم جراحه خطيرة، أثناء احتجاجات شعبية على عملية اختطاف المطاردين مصعب اشتية وعميد طبيلة في مدينة نابلس بالضفة الغربية المحتلة، وذلك استجابة لمطالب «إسرائيل» وانصياعاً لأوامرها التي دعت أجهزة أمن السلطة لتشديد قبضتها الحديدية على المقاومين الفلسطينيين، والضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه محاولة استهداف جنود الاحتلال.

أبدأ من حيث رسالة كتيبة جنين التي وجهتها للسلطة الفلسطينية، ففي مؤتمر صحفي بمخيم جنين قالت «كتيبة جنين»: «نوجه رسالة للسلطة الفلسطينية، لا نريد منكم القتال معنا، لكن كفوا أيديكم عنا، وأطلقوا سراح مصعب اشتية، وإذا تعاملتم بالخطف فسنتعامل بالخطف»، وهي رسالة واضحة أن كتائب المقاومة في الضفة غير معنية بفتح صراعات مع أي جهة إلا الاحتلال الصهيوني، وأن كل ما تريده كتائب المقاومة من أجهزة أمن السلطة أن تخلي بينها وبين الاحتلال الصهيوني، وأن لا يتم ملاحقة المقاومين واستهدافهم، لأن المستفيد الوحيد من هذا هو الاحتلال الصهيوني الذي يسعى لإضعافنا من خلال تشتيتنا وتفريقنا وتوسيع الفجوات بيننا، فهل ما تطلبه كتيبة جنين من أجهزة أمن السلطة صعب، ولا يمكن الاستجابة له؟.

إذا كانت هذه قناعة أجهزة أمن السلطة، وإنها ستبقى تلاحق المقاومين، فمعنى هذا أنها اختارت أن تنحاز إلى الاحتلال على حساب المقاومة الفلسطينية، وهنا يجب التنبه إلى حقيقة واضحة وهي أن السلطة تضع جداراً بينها وبين الشعب الفلسطيني، وتمضي في طريق الضلال الذي لن تجني من ورائه إلا المزيد من الفشل، وستزداد حالة التمرد الشعبية على السلطة وتتسع، وهذا ما يهدف إليه الاحتلال.

هناك دماء سالت في نابلس على يد أجهزة أمن السلطة، واستشهد فلسطيني وأصيب آخرون، والسلطة تريد أن تثبت لإسرائيل أنها قوية وقادرة على التحكم في الميدان، وإدارته وفق رؤيتها وتصوراتها، وباتت السلطة تظن أن معركتها مع المقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني، وهذا انحراف في الفكر والرؤية والموقف، قد يؤدي لا سمح الله إلى معارك جانبية نسعى إلى تجنبها، لكن الأمور لا يمكن السيطرة عليها إلى ما لا نهاية، خاصة أن الوصول إلى القتل واعتقال المجاهدين فيه اجتياز واضح لكل الخطوط الحمراء.

لقد انتجت سياسة القتل ظهور مجموعات تطلق على نفسها اسم «عرين الأسود» وقررت المشاركة في الاحتجاجات الواسعة حتى الإفراج عن اشتية، وقالت: «نستنكر اعتقال المطارد للاحتلال مصعب اشتية على يد السلطة ونقول لهم بنادقنا موجهة للاحتلال فلا تحرفوها، ونحذر السلطة من أن المساس بمصعب سوف تليه عواقب وخيمة بسببكم».

وأفادت مصادر محلية عن إطلاق نار استهدف مقر المقاطعة في مدينة جنين احتجاجاً على اعتقال الأجهزة الأمنية للمطارد مصعب اشتية بنابلس» ونؤكد أن هذا المسار لا نريد من أحد الوطنيين الشرفاء أن يسلكه.

القناة 12 العبرية قالت بأن هناك تقارير لافتة على صفحات التواصل الاجتماعي الفلسطينية، « تزعم بأن العنصر البارز في حماس في نابلس مصعب اشتية اعتقل من قبل الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية». 

وحسب القناة، فإن «اشتية مطلوب لإسرائيل، وفي الماضي اتصل به منسق الشاباك وأخبره أنه إذا لم يسلم نفسه فسيتم اغتياله»، ويلاحق الاحتلال اشتية منذ مطلع العام، وتتهمه بتنفيذ عملية إطلاق نار أصيب خلالها مستوطن صهيوني، والاحتلال يصطاد في المياه العكرة ويحاول ان يغير وجهة المعركة باستخدام أدواته ونتمنى ألا ينجح.

حركة حماس أدانت اعتقال الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة «المطارَدَيْن» مصعب اشتية وعميد طبيلة، مطالبة بضرورة الإفراج الفوري عنهما «وعن كل المقاومين والمعتقلين السياسيين»، وأكدت الحركة في تصريح صحفي «أن اعتقال المُطارَدَيْن اشتية وطبيلة وصمة عار جديدة على جبين السلطة وسجل تنسيقها الأمني الأسود» .

وقالت «بينما يستمر العدو في عمليات القتل والاعتقال والتهويد والاستيطان، تتماهى السلطة معه باستمرار التنسيق الأمني وقمع أبناء شعبنا وملاحقة واعتقال المقاومين؛ في سلوك خارج عن كل أعرافنا الوطنية.

وقد نعت حركة الجهاد الاسلامي الشهيد فراس الذي استشهد شقيقه برصاص الاحتلال في انتفاضة الحجارة عام 1987م، وحمّلت أجهزة السلطة المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة النكراء بإطلاق الرصاص على أبناء شعبنا والاعتداء عليهم». 

وأكدت أن «هذه الممارسات لا تخدم إلا المشروع التوسعي الصهيوني في فلسطين، وأن التعرض لأبناء ومقاومي شعبنا الذين يتصدون للاحتلال الذي يستبيح دمنا وأرضنا ومقدساتنا، هو تساوق مع العدو المجرم.

وطالبت الحركة، السلطة وأجهزتها الأمنية بكف يدها عن المقاومين ووقف سياسة التنسيق الأمني البغيض، الذي يعتبر خنجراً مسموماً في خاصرة الشعب الفلسطيني، وخروجاً عن كل القيم والأعراف الوطنية ودعت كل القوى والشخصيات الاعتبارية لاتخاذ موقف تاريخي ووضع حد لهذه الممارسات المرفوضة وحقن الدماء الفلسطينية وتوحيد كل الجهود في مقاومة الاحتلال، خاصة في ظل تصاعد العدوان الذي يمارسه العدو يومياً بحق أبناء شعبنا».

على السلطة أن تعيد تفكيرها ألف مرة قبل أن تستجيب للاحتلال، وأن تسعى لبناء جسور من الثقة بينها وبين الشعب الفلسطيني وفصائله المقاومة، وإلا فإنها ستدفع ثمن سياساتها هذه غالياً، فشعبنا لن يرحم المتخاذلين والمفرطين في حقوقه، وسيحاسبهم على كل الجرائم التي يرتكبونها بحق أبناء شعبهم، ولا نريد أن تبقى «إسرائيل» الباغية تضرب بذراع السلطة، التي لا زلنا نأمل أن تصحح مسارها.