المخطط الإيراني: بين عودة حماس إلى الحاضنة السورية.. وإثارة القلاقل في الضفة
تاريخ النشر : 2022-09-21
المخطط الإيراني: بين عودة حماس إلى الحاضنة السورية.. وإثارة القلاقل في الضفة
حميد قرمان


المخطط الإيراني: بين عودة حماس إلى الحاضنة السورية.. وإثارة القلاقل في الضفة

بقلم: حميد قرمان

تسعى إيران بشكل علني الى توسيع مناطق نفوذها في الشرق الأوسط عامة، وفي فلسطين بشكل خاص، حيث تعتبر فلسطين البؤرة الساخنة الأهم.. كبوابة عبور نحو مشروعها التوسعي لتحقيق الإمبراطورية الإيرانية التي تمددت بحدودها الأمنية إلى شواطئ البحر المتوسط، حيث يؤمن نظام الملالي؛ بأن الشعوب المجاورة لإيران هم بالأصل إيرانيين وانفصلوا عن الإمبراطورية الإيرانية، وأن مركز الحضارة الإيرانية وثقافتها وهويتها تبدأ من العاصمة العراقية بغداد لتنتهي بكامل منطقة الشرق الأوسط.

من هذا المنطلق.. تستطيع تفسير السياسات الإيرانية وتحديد اتجاهاتها الداعمة لحركات ومليشيات ونخب سياسية ودينية في دول؛ كالعراق، سوريا، لبنان، اليمن.. وفلسطين، بهدف السيطرة الكاملة على هذه دول من أجل تكوين حلقات حصار ضد السعودية لمكانتها الدينية والسياسية، وكيان الاحتلال الإسرائيلي لموقعه وتحالفاته من الدول الكبرى، لتستطيع فيما بعد بسط سيطرتها على كامل المنطقة الشرق أوسطية.

ولكي ينجح المشروع الإيراني في المنطقة، يجب رأب الصدع بين أدواته، والتي يجب تكون على توافق وتناغم سياسي كبيرين، من خلال تقوية اصطفاف محورها لتنفيذ أجنداته التوسعية، باستكمال أهم حلقة منه.. وهي إحراز وجود إيران عسكري ملموس في مناطق الضفة الغربية، من خلال حركات فلسطينية تدور في فلكها الأيدلوجي والسياسي بدعم مالي وعسكري، تسعى من خلاله إلى إثارة الفوضى والعنف على حساب دماء الشعب الفلسطيني، وهو ما يجري الآن من أحداث عنف ضد أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية.

في رسالة واضح لإسرائيل.. أن يد إيران أصبحت طويلة وقادرة على إحداث القلاقل في الحديقة الخلفية لإسرائيل، خاصة بعد فشل جولات التصعيد التي جرت بين حركة حماس وإسرائيل من جهة، وبين حركة الجهاد الإسلامي وإسرائيل من جهة أخرى.. في تحقيق الهدف المرجو منها، فلم تعمل "جولات التصعيد" على ترجيح الكفة لصالح إيران، بل العكس تماماً حدة من قدرات الحركات الفلسطينية التي تلقت ضربات موجعة على مستوى التنظيمي والعسكري كما جرى مؤخراً مع حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين.

ليس هناك عمل عشوائي، لن يخرج الشعب الفلسطيني ذو المناعة الوطنية الثورية، ليثير الشعب ضد مؤسسات سلطته الفلسطينية، وهو الذي يعي جيداً أنها تقف حائلاً بينه وبين الاحتلال لتثبيت كينونته الفلسطينية، إلا أن المجموعات الفوضوية التي خرجت لها أهداف أخرى غير معلنة، تماماً كما حصل في انقلاب غزة.. الذي أعلنت حركة حماس في حينه أن هدف الانقلاب حماية المقاومة، لنكتشف بعد ذلك بأن الهدف الحقيقي هو إنشاء "إمارة ايرانية" في قطاع غزة تدخله في حروب وجولات تصعيد لم يدفع ثمنها إلا المواطن الفلسطيني في القطاع.

فالأكذوبة الايرانية التي تدّعي دعم القضية الفلسطينية.. لتحرير فلسطين، لم تعد تنطلي على الشعوب العربية، فالحقيقة الجليّة لسياسات إيران تصب دائماً لتقوية موقفها على طاولات المفاوضات الدولية من خلال امتلاكها أوراق ضغط سياسية على الدول الكبرى لتحقق بذلك مصالحها.

إن عودة حركة حماس إلى علاقاتها مع النظام السوري.. والترحيب الرسمي الإيراني بذلك وبهذا التوقيت، لا يمكن فصله عما سبق، ولا يمكن قراءته إلا بوضوح هدف "نظام الملالي" الذي فشل للآن في تمرير الاتفاق النووي مع الدول الكبرى.

فإيران تعي جيداً أن نفوذ إسرائيل الكبير داخل الدول الكبرى يجب أن يوازيه نفوذ إيراني من خلال البؤر الساخنة في منطقة الشرق الأوسط، كعامل أساسي يحقق لها أهدافها ومصالحها ويدعم مشروعها التوسعي الهادف لعودة الامبراطورية الإيرانية الفارسية.

لذلك، على السلطة الفلسطينية وقيادتها العمل على قطع الطريق بشكل حاسم وجدي، وعدم السماح لتحويل الضفة الغربية لساحة صراع (إيراني – إسرائيلي) بأدوات فلسطينية طامعة لخلق حالات فوضى لتصل من خلالها للحكم، لتستفيد من ذلك "إسرائيل" بالقضاء على حلم الدولة الفلسطينية ببسط سيطرتها على الحد الأقصى من الجغرافيا الفلسطينية بالضفة لتخلق منها كانتونات معزولة ومفككة.