الحياة تستحق لحظة شجاعة
تاريخ النشر : 2022-09-19
الحياة تستحق لحظة شجاعة
أ. خالد الزبون


الحياة تستحق لحظة شجاعة

بقلم: الأستاذ خالد الزبون - كاتب فلسطيني


عاش يدعي التقوى ويلبس لباس الفضيلة والعمامة ويشار له بأنه الفاضل النقي الطاهر من العيوب والآثام لأن كلامه المعسول يحمل مع سمومه ادعاء الخير، في جموع الناس لا يترك مناسبة إلا ويحاول أن يكون له بها مكاناً، يقدمونه في الصفوف الأولى ويفتخرون بأنه ينادمهم.

هذا المجتمع الذي تحكمه ظاهر العلاقة فهو لا يبحث عن الزائف ويريد أن يصدق أن الجميع أخيار، يملك من الأموال الكثيرولديه خمسون عاملاً يكدون من أجل لقمة العيش المغموسة بالدم، يبدأ عملهم من السابعة صباحاً وحتى الخامسة مساء، مقابل دريهمات في حقول القمح قانونها أن لا تترك لهذا العامل المسكين لحظة من الراحة يختلسها ليعد أنفاسه.

ومع نهاية اليوم يعود العمال إلى منازلهم منهكين خائرين القوى، لا حياة لهم سوى الذهاب والعودة الى العمل دون أدنى مقومات الحياة الاحتماعية، إنما هو العمل لسد الرمق، يجتمع العمال ويقررون أن يطالبوا بتحسين ظروف عملهم ويؤكدون على حسن مطالباً بحقوقهم والذي يشد أنفاسه ويستجمع قواه ويذهب إلى أبي مسعود ليطالب بحقوق العمال، نريد ساعات محددة للعمل وزيادة على التأخر وتأمين صحي ولباس خاص وتأمين المواصلات ونريد ونريد.

ابتسم أبو مسعود ابتسامة الثعبان إنها مطالب عادلة وسأعمل على تحقيقها ومن معك في هذه المطالب، حميع العمال ،عد يا بني وستكون طلباتكم في قلب رجل أمين، وبعد أسبوع تم خصم أسبوع من العمل الشاق لعدم صفاء الذهن أثناء العمل ووجد حسن نفسه يبحث عن عمل آخر.

لقد قرر أبو مسعود طرد حسن فهو لا يريد سوى الحفاظ على سلطته وجبروته وأن يعطي القليل من المال للعمال مقابل الجهد الكبير، وتمضي الأيام وما زالت الأجساد ينخر بها التعب فكأن الشاب قد بلغ من العمر عتياً، ويموت أبو محمود في حقل القمح ويتجمع العمال مرة أخرى ليتفقوا أنهم جميعاً حسن ولن يبقوا أرقاماً تمتهن كرامتهم، وأن الحياة تستحق لحظة شجاعة ومغامرة.