بقلم: بهائي راغب شراب
دعونا نتخيل أن الدبابة البرية القتالية المعروفة غير موجودة ، وأن الموجود فقط هو طائرة عمودية قادرة على القيام بالعديد من المهام القتالية ومن ضمنها مهام الدبابة القتالية .
لقد مثلت الدبابة على مدى القرن العشرين سلاحاً ثورياً هجومياً فتاكاً وكاسحاً ،بحيث صار سلاح الدبابات من مفاخر كتائب الجيوش القوية والحديثة المنتصرة . ومارست الدبابة دورها بتفوق ملحوظ ومميز ، مقارنة بباقي الكتائب المسلحة ، حتى جاءت حرب رمضان ( أكتوبر 1973 ) حيث تعرضت الدبابة لأقسى هزيمة منكرة عندما تم تدمير لواء دبابات إسرائيلي بالكامل بواسطة سلاح المشاة المسلح بقذائف الآر بي جيه ، مما أثار الشكوك الأولية حول قدرة الدبابة على الاحتفاظ بدورها العسكري الرائد . وجاءت حرب الخليج الثانية ضد العراق لتؤكد هذه الشكوك ولتبعد الدبابة نهائياً عن موقع الصدارة العسكرية ، محلةً مكانها سلاحاً جديداً أكثر تفوقاً في الحركة والمناورة ونوع وحجم النيران التي يمتلكها ويطلقها ، إنه سلاح الطائرات العمودية القادمة من بعيد ، من اللا مكان ، والتي تستطيع أن تدك الدبابات في مواقعها المخفية وتدميرها وملاحقتها والقضاء عليها نهائياً ، حيث تجد الدبابة نفسها في حالة إرباك وفي موقع المتلقي للضربات مثل العمياء لا تعلم من أين ودون أن تمتلك القدرة على الدفاع عن نفسها ، مما يتطلب تدخل السلاح الجوي والطيران لإنقاذها من قدرها المحتوم
لو أن الأمر اقتصر على معادلة التوازن حيث الدبابة تقاتل دبابة ، من الممكن القول للدبابة .. ابق مكانك في الصدارة ، لكن عندما تختل معادلة التوازن وتتحول إلى مواجهة غير عادلة ولا متقاربة فيصبح حرياً وجديراً بأن نقول للدبابة وداعاً .
ربما لا نستغني عنها في بعض المهمات لكن أصبح مؤكداً أن سرحاً آخر أكثر فتكاً وأوسع شمولية من الدبابة التي لا يمكن لها خدمة العمل المدني ، بعكس الطائرة العمودية المهيأة لأن تحل في موقع الصدارة العسكرية والمدنية بل أنها حلت فعلاً لتنفيذ المهام الملقاة عليها في جميع المجالات العسكرية والمدنية .
مستقبل الدبابة
بالنظر إلى المدى الواسع والمتواصل للتقدم التقني والعسكري فإنه بقليل من التفكير نخلص إلى نتيجة واحدة وهي :
لا مستقبل للدبابة البرية
لماذا ؟
• لأنها ثقيلة جداً ( رغم محاولات تخفيف الوزن )
• لأنها تتحرك ببطء
• لأنه يمكن اصطيادها بسهولة بواسطة الطائرات والمشاة
• لأنها تحتاج إلى صيانة دائمة
• لأنها تحتاج إلى عربات خاصة لنقلها من منطقة إلى أخرى
• لأنها تظل ظاهرة فوق الأرض
• لأنها لا تملك مجالاً واسعاً للمناورة
• لأنها يمكن رصدها بسهولة ومطاردتها ومحاصرتها .
لماذا ؟
• لأنها مكلفة جداً أثناء عملية الإنتاج ، وتحتاج إلى تطوير دائم ومستمر يظل في جميع الحالات قاصراً عن مواجهة التطوير المستمر الذي يجري للطائرات والذخائر الصاروخية والمضادة للدروع والدبابات والحصون .
لماذا ؟
• لأنها تحتاج إلى حماية القوات البرية والجوية والدفاعات الأرضية وإلى معونة سلاح الهندسة والمشاة والتموين ..
إذن ما العمل ؟
• يجب البحث عن بديل عملي وممكن وظاهر المحاسن والنتائج
ما البديل ؟
• القذائف الصاروخية المحمولة على العربات العسكرية الخفيفة ( حركة وتدريعاً )
• سلاح المشاة المدرع الذي يعتمد على نوعية متطورة من القذائف الموجهة والخفيفة ذات التأثير التدميري الواسع
• الطائرات العمودية المقاتلة والقاذفة
• المدفعية طويلة المدى ( المتحركة – المجرورة )
لماذا ؟
• لأنها تمتلك قدرة واسعة على التحرك والمناورة
• لأنها قادرة على توجيه قوة تدميرية هائلة
• لأنها قادرة على التعامل مع جميع أو معظم أنواع الأهداف الأرضية والجوية والبحرية ( السطح والأعماق )
لماذا ؟
• لأنها قادرة على الهبوط والصعود بدون مشاكل
• لأنها قادرة على الانسحاب بنفس قدرتها على الهجوم
لماذا ؟
• لأنها قادرة على نقل العتاد والجنود إلى الخطوط المتقدمة للجيش
• لأنها قادرة على نقل العتاد والجنود إلى الخطوط الخلفية للعدو
• لأنها قادرة على القيام بعمليات الإخلاء الطبي
لماذا ؟
• لأنها قادرة على التزود بالوقود بأسلوب سهل
• لأنها قادرة على التعامل مع التضاريس الأرضية المختلفة
• لأنها سريعة ومتحركة
لماذا ؟
• لأنها تخضع بسهولة لعمليات التطوير والتغيير
• لأنها غير مكلفة مقارنة بكلفة الدبابة البرية التقليدية
لماذا ؟
• لأنها قادرة على القيام بعمليات المراقبة والتجسس والأعمال الرادارية
• لأنها قادرة على القيام بمطاردة الفلول العدوة والقضاء عليها .
• لأنها لا تحتاج إلى غطاء جوي يحميها
• لأنها تتجاوز العوائق الطبيعية والصناعية
• لأنها تتجاوز حقول الألغام الأرضية
لماذا ؟
• لأنها قادرة على حمل الصواريخ بعيدة المدى
• لأنها قادرة على التعامل مع أنواع الطائرات الأخرى
تخيل وفكر : تخيل أنك تمتلك 1000 ألف طائرة عمودية حربية وفي نفس الوقت ليس لديك أي دبابة
لماذا ؟
لأنها صالحة لجميع تكتيكات واستراتيجيات الحروب البرية والجوية والبحرية البعيدة عن أرض المعركة .
لماذا ؟
• لأنها تعتمد على التقنية النوعية وليس الكمية
لماذا ؟
• لأنها قادرة على الطيران المنخفض
• لأنها قادرة على الاختفاء والظهور بحرية
• لأنها قادرة على تنفيذ عمليات خاصة ( اضرب واهرب )
• لأنها قادرة على تنفيذ عمليات مواجهة
• لأنها قادرة على تنفيذ عمليات حصار للعدو
• لأنها قادرة على تنفيذ عمليات الإمداد والتموين
التمويل والتطوير
دعونا نتخيل :
إن الأموال التي تنفق على تطوير وإنتاج الدبابة ، تم تحويلها للإنفاق على تطوير وإنتاج الطائرة العمودية ..
ماذا ستكون النتيجة ؟
إن الأموال التي تنفق على تطوير وإنتاج الدبابة أضيفت إلى الأموال المرصودة أصلاً لتطوير وإنتاج الطائرة العمودية ..
ماذا ستكون النتيجة ؟
الطائرة العمودية :
• طائرة نفاثة قاذفة ومقاتلة
• طائرة دبابة للقصف الثقيل
• طائرة إمداد وتموين لدعم الخطوط والجبهات
• طائرة إبرار جوي ( قوات خاصة وعمليات خاصة ) لضرب الخطوط الخلفية للعدو
• طائرة إنقاذ طبي لإسعاف وإخلاء الجرحى .
• طائرة مراقبة وتجسس على مدار الساعة لمعرفة تحركات العدو واتصالاته
• طائرة بحرية لمراقبة وضرب الأهداف البحرية السطحية وفي الأعماق
• طائرة المستقبل لأبحاث الاتصالات وعمليات الاستكشاف الفضائي
• طائرة اتصال
• طائرة قيادة
• طائرة بث إذاعي وتلفزيوني متحرك
• طائرة مراقبة وحماية الحدود
• طائرة للشرطة المدنية
• طائرة نقل للركاب
• طائرة للشحن الثقيل
• طائرة مطاردة الفلول وتطهير الأرض
• طائرة تدريب
• طائرة أبحاث علمية
• طائرة إطفاء ودفاع مدني
• طائرة رش مبيدات
• وغير ذلك كثي كثير .
الطائرة العمودية يمكن تطويرها بشكل دائم ومتواصل لتظل في مستوى متقدم قادر على تحقيق الأهداف الرئيسية الثلاثة الآتية :
1. أن تظل طائرة عسكرية دفاعية وهجومية جوية وبرية وبحرية ولإجراء التجارب الصاروخية وإطلاقها
2. أن تتطور إلى طائرة فضائية لارتياد الفضاء واستكشافه واحتلال موقع متقدم فيه
3. أن تتطور إلى طائرة مدنية لنقل الركاب والبضائع والشرطة والدفاع المدني وغير ذلك من المجالات المدنية المتكاثرة .
إن تهيئة وتطوير الطائرة العمودية يعتبر أمراً سهلاً مقارنة بتطوير وتهيئة الطائرات النفاثة الحربية والمدنية .
إن إنتاج طائرة عمودية ضخمة يمكن اعتباره أيضاً سهلاً ، لتخدم في المجالات الثلاث السابقة( العسكرية – الفضائية – المدنية ) .
إن الدبابة التي تقدمت الجيوش على مدي ثلثي قرن من الزمان بجدارة ، لا أتوقع للطائرة العمودية عمراً عملياً وعملياتياً أقل من خمسة قرون كاملة على أقل تقدير تكون فيها الفارس الذي لا يشق له غبار في جميع ميادين عملها المختلفة الآنية والمستقبلية .
إن التقدم التقني المتسارع لقادر على نقل الطائرة العمودية من مجرد طائرة تعمل فوق الأرض وأجوائها إلى مشروع فضائي هائل قادر على تخطي حدود كوكب الأرض ، وهذا يتطلب العمل منذ الآن للترتيب والإعداد والتنفيذ ليصبح من مجرد تصور وحلم إلى واقع مألوف ممكن وملموس .
لا يجب علينا أبداً انتظار تطبيق مثل هذه الأفكار لدى الدول الأخرى . لنجعل هذه فكرتنا نحن ولنعمل على تحقيقها بصمت ودأب حتى لا نفاجأ بأننا ما زلنا كعرب في الموقع المتأخر الذي نحتله الآن بجدارة خلف الأمم ، نلهث ورائهم علّنا نصيب شيئاً يسيراً من فتاتها . لنعمل منذ الآن وبشكل جدي واضعين في اعتبارنا أن بقاءنا مرهون بمدى ما نحققه لأنفسنا من قوة مانعة ترد أطماع الأغيار عنا بل ونتقدمهم إلى موقع الصدارة والندية الذي يجب أن نحرص وبإخلاص أن يكون لنا نحن العرب والمسلمين ؟
الدبابة والطائرة
تاريخ النشر : 2022-08-23
