الفن ليس تهريجاً/ سر المشاهد المقرفة في الأفلام
تاريخ النشر : 2022-08-22
بقلم:  هاني خليل 

الفن ليس تهريجاً كما وصلَ لنا في خمسيّات القرن الماضي ، حيث كان العامل الرئيسي في أخذ انطباع عن الفن التمثيلي في ذلك العصر على أنّه تهريجٌ مطلق ، وقد يكون من ساهم بذلك هو شارلي شابلن ، بأفلامه الشهيرة المليئة بالكوميديا والتهريج.

الفن يصنع أمماً ويضع أخرى
:
لطالما تساءلتُ في نفسي ما الذي يدفع هوليود أن تصنع أفلاماً مثل
Fight Club
المملوء بالعنف والضرب والدماء ؟؟؟

إنّها الحاجة البشرية لتفريغ العنف الموجود في أصلها، بسبب طبيعة الأرض التي نعيش عليها.
والتي إن تأمّلنا في حيواناتها مثلاً نجد أنّهم يأكلون بعضهم البعض .. "صراع البقاء"
فنحنُ "الكائنات الحيّة" نملك في دواخلنا الكثير من العنف التي جُهّزت به أجسادنا لأجل اقامة الحروب والقيام بصراع البقاء.

لطالما تساءلتُ لماذا يأخذنا المخرج الهوليودي إلى مشاهد مقرفة جداً في بعض أفلام الأكشن أو الرّعب ؟؟
ويجعل المشاهد يعيش تفاصيلها رغماً عنه ؟؟

لو بحثنا جيّداً لوجدنا أن المخرج يسعى دائماً لاستخراج ونَبش ما في النفس البشرية من تخّيلات وأطماح ورغبات ، فيقوم بنبشهم ، ومعالجة أنفس المشاهدين معالجةً تتناسب مع رؤية المجتمع.

بمعنى أدقّ فإنّه بتلك المشاهد القبيحة يردع من يرغب بالقيام بأفعال إجرامية ويبني له عقله الواعي بطريقةٍ تجعله لا يقدم على ما قام به المجرم في الفيلم.. لأن النتيجة ستكون كذا و كذا
..

ما زال العالم العربي مخطئاً في تقييمه لأهمية الأعمال الفنية ، ومازال المخرجون العرب في تقصير لعدم استطاعتهم استنساخ روح المخرج الهوليودي الفنيّة ، بحركة كاميرته ، وتلاعبه بمخيلة المشاهدين بحيث يظن المشاهد أنّ الأحداث تسير بطريق ما ، ثم يصدم المشاهدين عبر المشاهد.

مازالت سيناريوهات أفلامنا ومسلسلاتنا العربية تعتمد على الحوار ، بينما يفصل الغرب بين الحوار الذي يمكن أن تقرأه في رواية وبين التمثيل الذي بطبيعته يعمل على "النظر" وإشباع العين ، وهدم الثقافة الموجودة في رأس المشاهد وإعادة بناءها كما لو أنّها واقع..

بل ويقول بعض المخرجين أن ذلك بسبب قصر فهم المشاهد إلا أن هذا القصر في فهم المشاهد مرجعه لعجز أفلامنا ومسلسلاتنا عن تحفيز عقل المشاهد كما يفعل المخرج الهوليودي.


ما سر المشاهد الحميمية في الأفلام الهوليودية؟؟
قد يكون الحافز نشر الرذيلة كما نتوقع جميعنا

إلّا أنّ لدى المخرج غايةً أخرى …
: فإنّه يعلم يقيناً أن المشاهد الحميمية أو التلميحات الجنسية
من شأنها شدّ انتباه المشاهد لدرجة عالية جداً وبذلك يستطيع تمرير ما يملكه المخرج من أفكار إلى عقول المشاهدين ..


الفن ليس تهريجاً ، بل يمكننا الجزم بأنّ فيلماً ما ، كان قد رآه جموعٌ من الأشخاص ،
ساهم بانخفاض نسبة الجريمة في بقعة جغرافية ما من هذا العالم.

والعكس صحيح

فكما ساهم الفن بخفض نسبة الجريمة في بقعة جغرافية ما ، وفرض قيم على المجتمعات وترسيخ السلام

فإنّه في مجتمعات أخرى ساهم وبشكل فعليّ ومُثبت بانتشار العنف ، والحروب.


لنعود ونقول:

إنّ كل مقطع فيديو نشاهده ، فيلم ، مسلسل أو رواية نقرأها تؤثّر وبشكل فعليّ على تصرفاتنا المستقبلية .. مهما تفاوتت أعمارنا ثقافاتنا.

الفنّ ليس تهريجاً