المدرب الناجح
تاريخ النشر : 2022-08-17
بقلم: بهائي راغب شراب

جواباً على سؤال له عن أسباب نجاحه في عمله كمدرب قال المدرب الألماني / هيننغ تسيمرمان : أن ذلك يرجع الى ثلاثة أسباب أساسية وهي :
1. إنني أحب العمل الذي أقوم به .
2. إنني أحب المتدربين الذين أتعامل معهم وأدربهم .
3. إنني لا أخاف من التعامل مع الجمهور والوقوف بينهم .


إن الدخول الى أعماق هذه الأسباب يؤكد مصداقيتها وصحتها نظرياً وعملياً ، وبتحليلها خطوة بعد خطوة ومن خلال استشفاف أبعادها تتوضح هذه المعاني كالتالي:

أولاً : المدرب يحب عمله
لو جرب باحث أن يلقي سؤالاً واحداً إلى جميع الناجحين في عملهم عن سبب أو أسباب نجاحهم لسمع بالتأكيد بنداً مشتركاً واحداً ضمن أجوبتهم المتعددة : " أنا أحب عملي "، وليس المقصود أن حب أحدنا لعمله هو سبب نجاحه فيه فقط بل أن توافر جميع المهارات والخبرات والمعلومات والقدرات والطاقات والاستعداد الذاتي لدى الشخص تؤدي أيضاً إلى نجاح الشخص في عمله مع الفارق أن الذي يحب عمله يؤديه بشكل إبداعي خلاَّق موجه ومتجدد ويكون في حالة تطوير مستمرة لمهاراته ومعلوماته من أجل أن يظل متفوقاً في عمله ومن أجل أن يغلب عمله كتخصص علمي أو إنساني ، ويبزَّ الآخرين في تخصصاتهم المختلفة مسبباً بذلك رفع شأن العلم أو العمل الذي يمارسه .
نعم .. أن يؤدي أحدنا عمله بإتقان وبعلم فإن من شأن ذلك أن يوصله إلى طريق النجاح وأما أن يحبه أيضاً فإنه سيكون أكثر إخلاصاً وتفانياً ومن المؤكد أن نتائج هذا العمل ستكون بالتالي متميزة ومشهود لها بالتفوق والنجاح الذي لا يدانيه نجاح آخر .
ولا ينعزل العمل كمدرب عن باقي الأعمال بل ربما يكون أكثرها حاجة إلى الحب لما يحتاجه من قدرات كبيرة على الصبر والمثابرة وبسبب ما يحتاجه من المرونة والقدرة على التكيف مع الاحتياجات المتعددة والمتباعدة والكثيرة ، وبسبب ما يحتاجه من روح التجديد والإبداع والتطبيق الميداني مع الهدف الذي هو الناس بمختلف ميولهم وشرائحهم وانتماءاتهم وأجناسهم و..
وانطلاقا من كل ذلك يتحتم علينا أن نحاول الإجابة على العديد من الأسئلة المنطقية واللازمة والتي بمجرد إطلاقها كأسئلة يتوجب علينا أن نستخلص النتائج الأساسية تحقيقاً لتبيان الوضع الصحيح والطبيعي في هذه المسألة ..

* هل المدرب يحب عمله كمدرب في دورات وورشات العمل التي ينفذها ، وهل اختياره لهذا العمل كان قائما على حرية الاختيار أم كان مضطراً له ومدفوعاً بسبب الحاجة أو بسبب أن هذا ما تيسر أمامه ليعمل فيه ، وهل يعمل مع فريق عمل متجانس ومقبول لديه أم أضطر للعمل مع أشخاص يشعر أنه لا يستطيع الاندماج معهم ولا أن يكون جزءاً منهم ...
هل يشعر بالإحباط أو / و بالتعب و/ أو الملل عند قيامه بعمله .
هل هو مبدع ومجدد في طرقه وأساليبه نحو اتجاه تطوير وتحسين أدائه وعمله .
هل يقرأ الكتب والمطبوعات المتخصصة في فن التدريب وتعليم الكبار لمتابعة كل جديد في هذا المضمار .
هل يتبادل الآراء والخبرات والتجارب مع الآخرين .
* متى يحب أن يمارس عمله كمدرب : في أوقات محددة أم الأمر مفتوح وقابل للنقاش حسب البرامج والجداول التي تقدمها الجهات المسئولة عن تنفيذ الورشات ، وهل يسمح له بإدخال التغييرات التي يراها ضرورية وتجعله راضياً عنها أم ينفذ ما يطلب منه فقط دون أي رغبة بالتدخل في تنظيم وتخطيط البرنامج، وهل عمله يتناقض مع ارتباطاته ويُفْرَضَ عليَّه العمل في مواعيد لا تتناسب أبداً ولا تأخذ في الحسبان اهتماماته وظروفه ومواعيده الخاصة ..؟

* وكيف ينفذ عمله : بسرعة لإنهاء البرنامج وحتى لا يقف طويلاً ، ولا يهمه أن تتحقق نتائج الورشة أم لا فالأمر سيَّان عنده ، أو هل يمارسه بتأنٍ وبإتقانٍ .. حريصا على أن يتشارك جميع المتدربين في الحوار والنقاش والتحليل وصولاً إلى تحقيق النتائج المطلوبة من خطة البرنامج ، وهل يستعين بمواد إضافية وبأجهزة عرض مرئية وصوتيه لإعطاء الورشة جواً من الجدية والمصداقية إضافة إلى جو الترفيه والتجديد ، وهل يكون صبوراً أم لا أثناء الحوار ، وهل يدع الجميع يُدْلُون بآرائهم بحرية ودون تدخل منه إلا في حالات الحرص على عدم خروج أعمال الورشة عن مسارها أم يقاطعهم ويستعجلهم لينهوا كلامهم فتأتي أفكارُهم مبتورة غير واضحة .

* ولماذا يعمل كمدرب : هل هو مقتنع بعمله أم هي الحاجة إلى المال ، هل يأمل أن يكون مشهوراً في مجال التدريب وأن يشار إليه بالبنان ، أم يعمل كمدرب لأنه يمنحه الإحساس بالقيادة والزهو وبأنه الرجل المهم ومحط الأنظار ، هل يعمل ليطور قدراته ومهاراته الاجتماعية والنفسية أم ليعوض نقصا داخلياً عنده .. أم هو مجرد إحساس بالمسئولية النابعة عن دوره والأمانة في حملها ونشرها وتوصيلها ليفيد منها المجتمع .

* لمن يتوجه المدرب في عمله ؟ هل إلى فئة معينة كالشباب أو الأطفال أو الطلاب أو كبار السن أو الموظفين الحكوميين أو النساء أو .. أو هل يعمل من أجل مؤسسة معينة يمكن أن تكون جمعية إنسانية أو مهنية (نقابية) أو جماهيرية أو حزبية حكومية أو غير حكومية .. ، أم أن عمله عام موجه للجميع وقابل للتنفيذ مع جميع الفئات والشرائح الشعبية وجميع الأشكال المؤسساتية بغض النظر عن كينونتها الاعتبارية أو المادية أو الـ...

المحصلة المهمة التي ندركها من نتائج تحليل الأسئلة وإجاباتها هو أن اختيار الإنسان لمهنة التدريب على قاعدة المصلحة الفردية لا تتنافى مع محبة العمل والاهتمام به ، فالعمل أياً كان يظل وسيلة الإنسان لتدبير أمور حياته وتوفير احتياجاته اليومية الحياتية الأساسية والترويحية وغيرها من الحاجات المتولدة مع الاستمرار في الحياة .

ثانياً :المدرب يحب المتدربين ( الفئة المستهدفة ) :
تعتبر العلاقة التي تربط بين المدرب والمتدربين وتطويرها من اللقاء الأول نحو بناء الثقة والتعاون المشترك العماد الأساسي لنجاح الجلسة ، ويقع العبء في الوصول إلى نقطة التلاقي هذه على المدرب بالدرجة الأولى حيث هو المفتاح الرئيس والموجه الأساسي إن لم يكن الوحيد للجلسة ، وهنا يرسخ معنى أن يحب المدرب المتدربين ، فالحصول على الانطباع المتبادل يقوده المدرب حيث إحساسه بالمسئولية التي يتحملها في اتجاه الوصول بالمتدربين وتوصيلهم ليكونوا مشاركين فاعلين ناشطين إيجابيين وليسوا مجرد حضور جاءوا ليستمعوا لمحاضرٍ خلال ساعة واحدة ثم ينصرفون بعد تلقيهم معلومات عن مواضيع تهمهم ..
لا .. إن وضوح هذه المسئولية أمام المدرب تدفعه نحو أداء دوره وتنفيذ مهامه بشكل قريب إلى طبيعة المتدربين الذين في الغالب يكونون من نفس الشريحة المهنية أو الشعبية وتجعله قادراً على استقطاب أحاسيسهم وألبابهم نحوه انتظارا لبدء لحظة دخولهم معترك الحوار والنقاش الجدي الذي تتطلبه نشاطات الجلسة المختلفة .فالمدرب المحب للمتدربين يكون مستعدا لـ :
• الإخلاص والمصداقية في أداءه وإدارته للجلسة .
• التعرف إلى الفئة المستهدفة كشريحة إنسانية يضمها المجتمع للتعرف على أفضل طرق التعامل معهم لتفادي أن يحدث تصرف غير مقصود قد يمثل إهانة أو إحراجاً لأحدهم .
• يستخدم كلمات وجملاً قصيرة مناسبة للفئة المستهدفة ( المتدربين ) ، وواضحة ومباشرة ، مفهومة وبسيطة ، تعبر عن الهدف أو الموضوع دون خلط في المعاني المطلوبة .
• التضحية بوقت إضافي من أجل أن تكتمل الفائدة ويتحقق هدف الجلسة .
• التطوير الدائم والمستمر لمهاراته وقدراته وتحسين وسائله .
• الإصغاء الجيد لهم وحثهم على التعبير عن أفكارهم .
• التعاون معهم ومشاركتهم وإتاحة الفرصة أمام كل شخص ليشارك في الحوار والنقاش.
• الترفيه عنهم من خلال استخدام أساليب شيَّـقة وممتعة وهادفة في نفس الوقت .
• تبادل الثقة معهم من خلال قبول أفكارهم أو تصويبه بأسلوب تشجيعي لا يسبب إحراجاً للمتدرب .

ثالثاً : المدرب لا يخاف
يمثل الخوف جزءاً مهماً من الطبيعة البشرية ، وفي أحيان كثيرة يعتبر الخوف من المميزات الإيجابية التي يتحلى بها الإنسان وتنقذه من نتائج غير مرغوبة من المفترض عدم الوصول إليها . لكن عندما يصل الخوف بالإنسان إلى الحد الذي يتحول عنده إلى حالة من الشلل وعدم القدرة على تنفيذ المهمات المنتظمة والعادية فهنا يعتبر الخوف آلة تدمير تحطم الإنسان وتفتت قدراته وطاقاته وتفقده إحساسه بقيمة نفسه وبجدوى حضوره الإنساني والاجتماعي وبالتالي تفقده فرص تحقيق الذات وتنمية خبراته وعلاقاته .
ومن المفهوم أن يشعر المدرب بالخوف خلال تلك اللحظات التي تسبق الدخول في أعمال ونشاطات الورشة والذي سرعان ما يزول بمجرد البدء في أعمال الورشة .. لكن من غير المفهوم أن يظل الخوف متلبساً له فذلك يعني وبكل وضوح أن الجلسة ستفشل وستنحرف عن تحقيق أهدافها الموضوعة لها .

فالمدرب الناجح لا يخاف أبدا لأنه :
• يثق بنفسه وبإمكانياته .
• يثق بالمتدربين .
• معلوماته حول الموضوع كاملة وكافية .
• تخطيطه واستعداده كامل وجيد .
• يعرف هدفه وكيف يصل إليه بأيسر الوسائل وأوضحها.
• يوفر المواد والأجهزة التي سيستخدمها مسبقاً ويبقيها جاهزة للاستخدام .
• يحترم الوقت ويوزعه على نشاطات الورشة بدقة .
• المواد المقروءة والمنشورات المتعلقة بالورشة جاهزة ومكتملة .
• يملك المهارات والقدرات الكافية لإدارة الجلسة بنجاح .
• يملك المرونة والقدرة على التكيف طبقاً للظروف والاحتياجات الطارئة .

وفي الأمثال قالوا : " أحب ما تعمل حتى تعمل ما تحب " ، لعل المثل هذا ينطبق على الكثيرين الذين يدخلون ميدان العمل لأول مرة ، فيجدون أنفسهم في أماكن عمل وفي أعمال لم تخطر على بال أحدهم ولم يحلموا بالالتحاق بها والاضطلاع بممارستها وأن يتحملوا مسئولية القيام بها وتنفيذ مهامها ، وفي أحيان كثيرة يتسبب ذلك في إحداث شكل من أشكال الصدمة التي تحل بالإنسان فتصيبه بالجفلة والجفاء نحو عمله وذلك لبعدها عن اهتماماته و / أو تخصصاته العلمية و / أو طموحاته مما يؤدي بالتالي إلى عدم حدوث انطلاقة حقيقية للإنسان في عمله قبل مرور مدى زمني معين قد يقصر أو يطول يمثل الوقت الذي يحتاجه للتكيف مع طبيعة عمله الموكول إليه ومن ثم الانتقال إلى حالة الاهتمام بالعمل والحرص على النجاح فيه .

مواصفات المدرب الناجح
1. أن يتحلى يقدر معقول من المعرفة والمعلومات
2. أن يمتلك الخبرات والتجارب السابقة
3. أن يمتلك لغتي الكلام والجسد
4. أن يكون طبيعيا
5. أن يكون صادقاً
6. أن يكون متحمساً
7. أن يكون عفوياً
8. أن يمتلك القدرة على الإحساس بالآخرين
9. أن يدرك قوته وسلطته
10. أن يكون مستقيماً ونزيهاً وذو شخصية مميزة عن الآخرين
11. أن يقول الحقيقة دائماً
12. إظهار الاحترام وبناء الاتصال والتآلف مع المشاركين

مدرب أم محاضر :
يحدث اللبس كثيرا بين الناس حول ما تعنيه كلمتا المدرب والمحاضر والكثيرون لا يفرقون بينهما لأوجه الشبه المتعددة بينهما من حيث الأهداف التربوية والتعليمية والإنسانية المشتركة .
لكن بمعرفة آلية العمل لكل منهما يتضح الاختلاف بصورة جلية فالمدرب يعتمد أسلوبه على تدريب الجماعات الصغيرة من الناس ، وبتميز الفئة المستهدفة من التدريب وهم الكبار البالغين من المتعلمين وغير المتعلمين ، والمدرب يهتم بتعليم الناس مهارات معينة بالممارسة والحوار والاستكشاف والابتكار والإبداع وتبادل الخبرات والأفكار والمعلومات ويشجعهم ويرغبهم في استخدام الطاقات الفردية والجماعية التعاونية الموجودة بداخل كل فرد بفعل التجارب الفردية والحياتية والعملية المتراكمة عند كل واحد منهم .



التمارين
ما المقصود بها ، لماذا ، كيف ، متى ، لمن ( للشباب ، الأطفال ، المهنيين ، الموظفين ، العاملين المجتمعيين ، ..
الأهداف :
عناصر التمرين :
الأدوات والمواد :
أنواع التمارين :
الإحماء ، التعارف ، العصف الفكري ، المجموعات ، إدارة النقاش ، الاتصال ، حل النزاعات ، التمثيل ، تبادل الأدوار ، الحكاية ( التحليل النفسي ) ، التحليل ، التقييم ، المتابعة ، ...