المعاناة متواصلة ولا مستقبل لذلك بدنا نعيش
تاريخ النشر : 2022-08-04
المعاناة متواصلة ولا مستقبل لذلك بدنا نعيش


بقلم: د. جهاد الحرازين
شعار رُفِع من قِبل جموع المقهورين الذين عانوا ولا زالوا يعانون من سوداوية الأيام وقهرها، فلا مستقبل واضح الأفق فى ظل حالة من الانقسام البغيض، الذي نتج عن إنقلاب حماس عام 2007، حتى يومنا هذا دون أمل أو نظرة أو فكرة أو حل من حكومة أسمت نفسها بحكومة، وفي حقيقة الأمر ليس لها أي علاقة أو صلة بمسمى الحكومة وواجباتها تجاه شعبها ومواطنيها، بل كانت عبارة عن حكومة جباية الضرائب والأموال، وتدمير حياة المواطن، وسلبه لكرامته تحت تهديد السلاح تارة، والخطف تارة أخرى، والسجن تارة ثالثة، فتركوا المواطنين على قارعة الطريق يفترشون الأرض ويلتحفون السماء دون مأوى أو مأكل أو مشرب، فعمّ الفقر والفساد والبطالة، وأصبحت الحياة مقتصرة فقط على فئةٍ معينة بذاتها ممتمثلة في أبنائهم وأسرهم، أما بقية المواطنين تُرِكوا ليتقاسموا فُتات الأرض، فمئات الألاف من الخريجين الشباب والفتيات دون مستقبل ينتظرون من يعطيهم أي شيء ليسدوا رمقهم ورمق أسرهم، فمنهم من ذهب للبحر مهاجراً باحثاً عن الحياة، أو مجرد فرصة للعيش ومنهم من شدة يأسه قام بالإنتحار، أو حرق نفسه، ومنهم من عَرض أبناءه للبيع، ومنهم من أراد بيع كليته فى ظل فقر شديد، لم يعشه المواطن من قبل، وهناك الألاف ممن تسترهم جدران منازلهم، فمنهم من لم يجد جداراً ليستر عائلته، في ظل إنتشار للأمراض، ودمار للبنية التحتية، وخاصة تلك الأزمة المزمنة المتمثلة بالكهرباء والتي أصبحت سلاحاً يُحَارب به المواطن ويتم إبتزازه، حتى لا يفكر بشيئ سوى متى ستأتي ومتى ستقطع، فليس من المعقول أو المقبول أن يتم وصلها لمدة ثمانية ساعات يومياً، والأدهى من ذلك أنها لا تأتي من الثمانية ساعات سوى خمس او أربع ساعات، وذلك لأنه الكهرباء التي تدخل أو يتم توليدها عبر المحطة تحول إلى أصحاب المواتير لبيعها للمواطن بأضعاف مضاعفة عن ثمنها، حتى يزداد غنى المافيات والمليشيات ، التي تفننت في كيفية سلب ونهب ما فى جيوب المواطنين، ولا تريد ترك هذه البقعة كونها تمثل لها مصدر الأموال المتواصل، لذوي الحظوظ الذين أصبحوا بين ليلة وضحاها أصحاب شركات وعقارات وأرصدة بنوك وتجارة عابرة للقارات، أما الشعب فأصبح يئن من شدة الجوع والفقر والمعاناة، فلم يعد هناك مجالاً اخراً للصمت، ولكن يبدو أن بنادقهم وعصيهم جاهزة لتنقض على الشباب الذي اطلق شعاراً وحراكاً تحت مسمى "بدنا نعيش"، الذين من أبسط حقوقهم العيش كبقية الشباب والعالم الأخر فى جميع انحاء العالم، فمن حقهم أن يعيشوا ويجدوا مستقبلاً كأبناء القيادات التي خرجت إلى الفنادق والسياحة، ويتمتعوا بأموال الشعب المنهوبة، ومن حقهم أيضاً أن يبنوا مستقبلاً ويُكوُّنوا أُسراً لهم، ويجدوا فرص عمل، لذلك جاءت دعواتهم لرفض هذا الواقع المرير المستمر منذ (15) عاماً، ولكن دون جدوى أو حتى نظرة للواقع من قِبل من يدّعون بأنهم الحكومة الربانية التي تمثل إرادة الله بالأرض، وكل من يخرج عنها فهو كافر، أو غير وطني فى مصاف الأعداء.
إن حجم المعاناة وحالة اليأس التي يعيشها المواطن الفلسطيني في قطاع غزة أصبحت لا تطاق، بل تجاوزت كل الخطوط الحمر، وتجاوزت كل حقوق الانسان، والمعايير والإتفاقيات الدولية، التي تحفظ وتحافظ على كرامة الانسان وتوفر له حقوقاً سامية لا بد أن يتمتع بها ويمارسها، ولكن يبقى التساؤل أين ذلك من تلك المأساة الجاثمة فوق صدور أبناء القطاع، الذين يعانون ويعانون الويلات تلو الويلات، أما آن الأوان لتنتهى تلك المعاناة، وينكسر حاجز الصمت، ويعلو الصوت، لوقف هذه المسيرة الطويلة من القهر والإضطهاد والظلم والظلمة والفقر والجوع والبطالة، لذلك لا بد من أن يكون هناك مواقف واضحة للكل الفلسطيني والوطني الحر من خلال التالى:
• صدور موقف واضح من قِبل كافة الفصائل والتنظيمات الفلسطينية التي تقول بأنها تمثل الشعب ولها قواعد جماهيرية لرفض الواقع المعاش والظلم الواقع على أهلنا بقطاع غزة.
• دعوة حركة حماس إلى تحقيق المصالحة الوطنية وتنفيذ ما تم الإتفاق عليه بالإتفاقيات الموقعة وأخرها اتفاق أكتوبر (2017)، الذي وُقِع بالقاهرة، ووضع حلولاً لكافة القضايا ومواعيداً محددة للتنفيذ.
• إنهاء حالة الإختطاف التي يعاني منها أبناء قطاع غزة والذين أصبحوا أسرى لرغبات البعض واجنداتهم.
• دعوة الحكومة الشرعية المكلفة من قبل الرئيس أبو مازن للقيام بمهامها كاملة فى قطاع غزة وإلزام حماس بتسليم كافة المؤسسات للسلطة الشرعية.
• خلق أفاق عمل ومشاريع بإتفاقيات أو عقود عمل أو تمويل خارجى للحد من الفقر والبطالة التي ضربت اكثر من (65%) من أبناء الشعب الفلسطيني وخاصةً فى قطاع غزة.
• حل مشكلة الكهرباء عبر زيادة الوارد من مصر وإسرائيل لتغطية إحتياجات أهالي القطاع وذلك بإشراف سلطة الطاقة والجباية تكون بإشراف الحكومة الشرعية وليس لصالح احد.
• وقف الضرائب التي تُفرض دون سند قانوني، من قِبل حكومة الأمر الواقع على المواطنين بما يساهم فى تخفيف العبء على المواطن.
• حماية الحقوق والحريات للمواطنين بما يكفل حرية التعبير عن الرأى بعيداً عن المساس بالمصالح العامة والخاصة وذلك فى إطار القانون.
• إرساء مبادئ العدالة والانصاف والشفافية فى كافة القضايا التي تخص وتهم المواطنين بعيداً عن المحسوبية والحزبية.
• إعادة الأراضى الحكومية والأراضى المُسْتغلة من قِبل بعض القيادات المتنفذة إلى حيازة سلطة الأراضي الفلسطينية الشرعية.
مصلحة الشعب الفلسطيني تتطلب جهودا لتخفيف معاناته وتعزيز صموده وليس قهره وزيادة الضغط عليه وتدمير مستقبله ومستقبل ابنائه وعدم القاء احلامهم والغائها ومنعها ورميها الى اسماك البحر لتفترسها او لياس يقتلها ويحرقها او لرصاص قاتل وغادر.