البيت الآمن
تاريخ النشر : 2022-08-03
بقلم: بهائي راغب شراب

كعادته كل صباح
وبعد خروجه من المسجد عائدا إلى بيته
كان يمر على السوق وهو يسبح ويذكر الله
يشتري طبق الفول الذي أدمن عليه هو وزوجه التي تنتظره الآن.
....
لم يشعر بالزمن ولا بالمسافة
حتى أحس بالشمس تملأ بضوئها الدنيا
تعجب ..
كيف حدث ذلك
لم يحدث قبلا أن أشرقت الشمس هكذا ..
أم ..
انتبه إلى نفسه
ما هذا .. لقد ابتعدت كثيرا
لكن اين السوق
هذا مكانه
كيف اختفى ..
....
بدأ بالهرولة هنا وهناك والنظر الى كل مكان
لم يجد للسوق اثرا
كاد يجن ..
....
كيف .. ثلاثون عاما وانا أقيم هنا، امر يوميا داخل السوق
اين الناس! .. اين الدكاكين! .. اين بسطات الخضار! .. اين مطعم العوافي! ..
أين محل السمك؟ ، أين ملحمة العجول؟ ، وأين بائع الدجاج ؟ ..
أين ذهب كل شيء؟!!
....
سوق بكامله يختفي .. فجأة ..
لا أرى أثرا لزلزال .. ولا لتجريف .. ولا لطوفان .. ولا لبركان .. ولا لسيول ..
لم أشعر بحدوث ما يمكن ان يبتلع السوق بكامله ..
...
لم يعد يتحمل..
عقله بدأ ينزف ارهاقا ورعبا
اتكون القيامة مقبلة
اتكون النهاية وهذه من علاماتها ..
لكن كيف .. لم اشعر بشيء .. ولم يشعر أحد غيري بشيء مختلف قد حدث وسبب اختفاء السوق ..
السوق قلب المدينة وروحها ومتنفسها
السوق هو المكان الذي يجد الناس فيه مبتغاهم من أي حاجة يريدونها ..
السوق هو المكان الوحيد الذي يجمع اهل المدينة في وقت واحد يتبادلون التحيات والسلامات والمصالح..
السوق هو..
....
استغفر الله العظيم
استغفر الله العظيم
لا بد ان شيئا قد حدث لي جعلني لا اشعر ولا ارى ولا اسمع ولا ..
عليَّ العودة إلى المسجد ..
ربما اجد شيئا او اجد دليلا
او أجد أحدا يخبرني ..
أو أجد علامة تهديني إلى الحقيقة
....
عندما وصل إلى المسجد كان على وشك الإغلاق
أسرع داخلا ..
دخل ..
صلى ركعتين تحية للمسجد
ذهب إلى ركنه الأثير
فتح المصحف عند آخر صفحة وصل إليها
استعاذ بالله من الشيطان الرجيم
وبعد باسم الله الرحمن الرحيم
بدأ يتلو ويتلوا ويتلوا
ودموعه تذرف على خديه غزيرة تفتح فيهما سبيلا للرؤية الصافية .
***