مسرحية ليلة العيد
تاريخ النشر : 2022-07-27
مسرحية
ليلة العيد

تأليف
آية السماء بهائي شراب
الصف التاسع
مدرسة ابن خلدون الثانوية للبنات
خان يونس

الشخصيات …

خديجة : طفلة في العاشرة من العمر في الصف الخامس الابتدائي تملك من الأحلام ما يكفي لتغطية عالم مليء بالشرور وحلمها الأكبر أن تصبح طبيبة .
عمر : الأخ الأكبر لخديجة في الصف التاسع حافظ للقرآن الكريم مجيداً تلاوته بصوت جميل رخيم .
محمد : أخاهم الأكبر يعمل عمل حر لزيادة دخل أبيه ولاستكمال باقي المصاريف المدرسية وهو في الصف الثالث الثانوي .
أبو محمد : هو الوالد ، لا يعمل في الوقت الحالي بسبب إغلاق الطرق ومنع العمال من السفر
أم محمد : هي أم عظيمة وزوجة صالحة ، تحاول أن تخفف العبء عن زوجها وأولادها وما يتركه العدوان الإسرائيلي في نفوسهم .
أبو بكر : جار أبو محمد ، معروف بيسر حاله وكرمه وطيبة قلبه وعطفه .
عادل : ولد أبي بكر .







الفصل الأول
المشهد الأول
(في حجرتهم التي تحتوي على أثاث متواضع جلس محمد يدرس في مكتبه الصغير ، وعمر يتلو قرآن بصوته الجميل : و خديجة تركز أفكارها على المسألة التي بين يديها . )
خديجة : محمد ( مادة يدها إليه بالدفتر ) ما هي الخطوة التالية لهذه الخطوة .
محمد : قلت لك مائة مرة التخلص من الكسور وتوحيد المقامات في البداية .. خذي حلى .
خديجة : يا أخي نسيت هو لازم علي أتذكر كل حاجة أتعلمها .
محمد : طبعاً وإلا كيف تودين النجاح ، وكيف تودين أن تصبحي دكتورة يا دكتورة ( ضاحكاً ) .
عمر : ( مقاطعا حديثهما )
( يشرد بصر خديجة وكأن لا شئ أمامها )
محمد : هل سمعـ ( يقطع حديثه و ينظر إلى أخته بتمعن ثم يحرك يديه أمام عينيها لتنبيهها ) أين ذهبت اعتقدت أنك تستمعين لحديثي .
عمر : ( ناظراً إلى محمد ) يبدو أنه هناك ما يشغل بالها ( ينظر إلى خديجة ) ألا تودين إخبارنا بما يوجد هناك ( مشيراً إلى رأسها ) .
خديجة : لا شئ يوجد هناك سوى ( يشرد بصرها ثانية ) .
محمد : سوى ماذا ؟. أقلقتنا عليك ماذا هناك .
خديجة : ( بصوت حزين ) لا شئ .. لكن بعد غد أول أيام العيد ، وبابا لم يُحْضِر لأي منا ما يناسب هذه المناسبة وكل صديقاتي في الصف أحضر لهن آباؤهم ملابس العيد .. ( وتنتحب فينظر إليها محمد وعمر في إشفاق ) وأنا أريد أن أضحك وأفرح في العيد ولا أريد أن أبكي وأحزن .
محمد : ( بصوت حزين متعاطف ) خديجة لا أحب أن أراك هكذا أنت أختي الوحيدة وسأحاول قدر الإمكان أن أحصل على بعض النقود من رب عملي .. (ويمسك يدها الصغيرة ) من أجلك أنت فقط حتى لا أراك تبكي مرة أخرى .
( يمد يده يمسح وجهها بلطف فتبتسم بأمل )
عمر : ( بصوت قوي محاولاً التغلب على دموعه ) خديجة أنت عارفة خطورة هذه الأيام وتعرفي لماذا لا توجد ملابس عيد وهدايا وتعرفي أكثر حال أباك بعد إغلاق الطرق ومنعه من العمل ، من حقه أن ينتظر منا بعض التسامح و …
( تقاطعه خديجة بصوت عال حزين )
خديجة : ومن حقي أنا أيضا أن أحصل على بهجة وفرحة العيد ، من حقي أن أعيشه مثل كل الأطفال في سني من حقي ..
عمر : أعرف ذلك أعرف .. من حقك ومن حق الجميع أن يعيشوا فرحة وبهجة العيد ولكن عليهم ألا يتخطوا الحدود التي تضعها الحياة السياسية على الحياة المادية .
خديجة : أنت تطلب مني ما يفوق طاقتي ، أنا حتى لا أستطيع فهم ماذا تعني كلماتك هذه .
محمد : ( ضاغطاً على يدها ) أنه يعني الصبر ، يعني صبر في القلب وبسمة على الوجه وتسامح في العقل وبهذا تحصلي على أجمل ثوب وضعت تصميمه بنفسك.
خديجة : سأحاول .. بل سنحاول .
محمد وعمر : ( بصوت واحد قوي ) نعم سنحاول .
( وتعلو وجوههم ابتسامة )

المشهد الثاني ..
( في الصالة الصغيرة جلس أبو محمد على الفراش الوحيد وأمامه جلست أم محمد وعيناها محمرتان )
أم محمد : هل سمعت ماذا قال أولادك .. والله نعم الأولاد وخيرهم ( رافعة يديها إلى السماء ) ربنا يحميهم ويحفظهم ويهديهم .
أبو محمد : ( ناظر إلى السماء بخشوع ) يا رب يا أم محمد يا رب ، ( يدير وجهه إليها ) لكن خديجة صغيرة ومن حقها الفرحة ، لماذا نحرمها منها ؟ لماذا ؟ ماذا فعلت حتى تعيش حياة الحزن والدموع والخوف ؟ ماذا فعلت ؟ .
أم محمد : ( بصوت يحمل كل بغض وكراهية العالم كله ) هي لم تفعل . بل هم فعلوا . هم حرموا آلاف الأطفال غيرها ، هم أبادوا فرحتهم وابتسامتهم هم قتلوها في مهدها حتى لا تعرف ما العيد حتى لا تعرف عدو من صديق ، هم فعلوا وليس هي .. هم .. هم ( تبكي بحرقة ) .
( يربت أبو محمد على ظهرها محاولاً تهدئتها )
أبو محمد : معك حق يا أم محمد معك حق ، أنه قدرنا الذي لا فرار منه أبداً .. معك حق .
( لحظة صمت يتخللها صوت نحيب أم محمد )
أم محمد : ( بعد أن هدأت ) لكن هل معنى هذا أن نستسلم لهذا القدر ونحرم أولادنا من فرحتهم .
أبو محمد : لا أحد يمكنه تغيير القدر وليس معنى القدر الاستسلام . فنحن لن نحرم فرحتنا نحن في هذه الحياة من الفرحة لهذا سأذهب غداً صباحاً لأبي بكر .
أم محمد : من أبو بكر هذا ؟
أبو محمد : ( مستنكراً ) أبو بكر جارنا ما بالك هل نسيته ؟!! .
أم محمد : ( مدافعة عن نفسها ) لا بالتأكيد لم أنسه ولكن ما دخل أبو بكر بما نقول ؟
أبو محمد : أنت تعرفين جيداً أنه رجل ميسور الحال ربنا فتحها في وجهه .
أم محمد : ربنا يبارك له في ماله وعياله . والله نعم الجار الصالح الطيب كرمه وعطفه يصل البعيد قبل القريب . ولكن لم أفهم بعد ماذا به ؟
أبو محمد : ( بامتعاض ) ألم تفهمي حقاً بعد ؟ ( تحرك رأسها علامة أن لا فينظر إلى الأرض هنيهة ويقول) لقد فكرت أنه ربما بإمكاني الذهاب إليه غداً صباحاً واقتراض بعض المال منه حتى ألبي احتياجات أولادي.
أم محمد : ( وجهها يحمل بعض الحيرة ) وهل سيوافق ؟ .. أعني أنه هو الآخر أب له أبناء ولأبنائه متطلبات منه وبعد غد العيد هل سيكون معه ما يكفيه حتى يقرضك ؟ .
أبو محمد : ( يحمل وجهه هو الآخر بعض الحيرة ) لا أدري يا أم محمد لا أدري حقاً ، الله أعلم إذا كان معه ما يكفيه أو لا ولكني سأذهب إليه ليس من أجلي وأجلك ولكن من أجل أولادنا فرحتي وفرحتك .
أم محمد : ( رافعة يديها مرة أخرى بالدعاء في خشوع ) أبقاهم الله لي ولك يملئون حياتنا مزيداً من الفرح والبهجة .
أبو محمد : ( مشاركاً إياها خشوعها ) يا رب أجعلهم فخراً لنا ولأرضهم فلسطين واهدهم لما فيه الخير لأمتهم .
( لحظة خشوع وتضرع إلى الله )
أم محمد : إذاً ستذهب غداً صباحاً ..
أبو محمد : نعم غداً صباحاً نكمل الفرحة .

المشهد الثالث ..
( على باب بيت أبو بكر يقف أبو محمد وهو متردد بين عدم دق الباب وفرحة أولاده في النهاية يحسم الأمر الذي اختاره قلبه )
أبو محمد : توكلت على الله
( يدق الباب بلطف فيفتح له عادل ابن أي بكر الصغير )
أبو محمد : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . كيف حالك يا عادل .
عادل : وعليكم السلام يا عماه . أنا بخير والحمد لله .
أبو محمد : هل أبوك في البيت .
عادل : نعم يا عماه أتفضل سيأتي حالاً .
( يدخله الصغير عادل إلى غرفة الضيوف فيجلس بانتظاره ويذهب عادل لمناداة والده الذي يأتي بسرعة مرحباً بجاره أبو محمد )
أبو بكر : أهلاً أهلاً أين أنت يا رجل لم أرك منذ مدة هل كنت مشغولاً حقاً أم نسيتنا ؟
أبو محمد : لا أحد ينساك يا أخي فما تفعله لا ينسى . قل لي كيف حالك فأنا كما تقول لم أرك منذ مدة ؟
أبو بكر : والله أنا بخير وكلنا بخير لولا ما يحدث كل ليلة من قصف وهدم وقتل وخاصة ليلة البارحة لقد كان القصف شديداً حتى خفت أن تصل قذيفة إلى هنا.
أبو محمد : كان هذا نفس ما شعر به الجميع لكن نجونا هذه المرة أيضاً نجونا منهم بفضل الله سبحانه وتعالى .
أبو بكر : ( في خشوع ) ونعم بالله . آه ( بحرقة ) كيف أحوالك يا أبو محمد أن شاء الله تكون مستورة والحمد لله .
أبو محمد : هي مستورة والحمد لله لكن ..
أبو بكر : ولكن ماذا ؟ هل حدث مكروه لا سمح الله ؟
أبو محمد : لم يحدث شئ سوى أن العيد غداً ولم أشتر لأي من أولادي شئ .
أبو بكر : خير يا أبو محمد خير ، لماذا ؟ .
أبو محمد : أنت عارف أن الملاعين أغلقوا الطرق ومنعونا من السفر لأداء للعمل مما حرمنا من مصدر الدخل ولولا لجان الزكاة والوكالة والمحافظة وما نأخذه منهم بشق الأنفس لما كنا على قيد الحياة .
أبو بكر : ( بعيون محمرة ووجه مشفق عاطف على حاله ) كان الله في عونك يا أخي كان الله في عونك (ينظر إلى الأرض محدثاً أبا محمد في خجل ) لا أعرف ماذا أقول لك يا أخي ولكن إن كنت بحاجة للمال أو لأي شئ فأنا مستعد لكل ما تطلب حتى إذا كانت روحي نفسها .
أبو محمد : كل ما أطلبه منك هو بعض المال حتى أستطيع شراء ملابس جديدة لأولادي وكل ما يجعلهم فرحين غداً .
أبو بكر : لك ما تطلب يا أخي حتى لو كان عيناي .
أبو محمد : ( ودموع الفرح والشكر تملئ عينيه ) أبقاك الله لنا جميعاً يا أخي أبقاك الله .
أبو بكر : ( بامتنان ) وأبقاك أنت لي أيضاً لأنك أشركتني معك في ما يحويه صدرك . شكرا لك يا أخي شكراً .
( يقوم أبو بكر ويتجه نحو أبو محمد ويحتضنه بقوة فيبكي أبو محمد )


الفصل الثاني
المشهد الأول
( في حجرتهم المتواضعة جلس الأخوة الثلاثة خديجة ممسكة بالدفتر وأمامها الكتاب ومحمد ممسك بالمصحف يتابع قراءة عمر وبجواره كتبه وعمر يقرأ وهو ينظر لخديجة )
عمر : ( متابعا قراءة القرآن ( سورة مريم آية 58 ) ) " أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية أدم وممن حملنا مع نوح ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل وممن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا * "
( يسجد محمد وعمر سويا في حين تنظر إليهما خديجة بحيرة غير فاهمة لما السجدة )
عمر : لم نظرات التساؤل هذه في عينيك ؟
محمد : أكيد لسجودنا المفاجئ أليس كذلك ؟
خديجة : بلى ؟ لماذا سجدتما ؟
محمد : الآية التي قرأها عمر تحتوي على سجدة لهذا سجدنا .
خديجة : ( على وجهها علامات الفهم ) نعم .. نعم فهمت ( تنشغل بالكتابة قليلا ثم ترفع رأسها وهي مترددة) محمد .. عمر ( ينظرا إليها في تساؤل فتخفض عينيها )
محمد : ماذا حدث هل تشكين من شئ ؟
خديجة : غدا العيد ولم يحضر أبي الملابس الجديدة مثل صديقاتي الأخريات .
عمر : هل نسيت ماذا قلنا أمس ؟ الصبر ..
خديجة : ( مقاطعةً إياه في حدة ) إلى متى تريد مني أن أصبر ؟ إلى متى ؟ .. كل يوم يزداد العدوان عن ذي قبل وتقول الصبر .. كل يوم أسمع عن أطفال كثير مثلي حرموا من هذا اليوم .. وتقول الصبر .. حسنا سأصبر لكن إلى متى ؟ هل أصبر حتى يأتي دوري وأحرم من فرحة العيد غداً ، رد أجب هل هذا ما تقصد؟
محمد : ليس هذا ما نقصد بالتأكيد ؟ فليس معنى الصبر أن نقف مكتوفي الأيدي ولكن .. لا أدري كيف أشرح لك الأمر .. هل فهمت .. ( يقولها بلطف )
خديجة : وماذا في يدي لأفعله أنا ..
عمر : ( مقاطعا إياها في حزم ) في يدك الكثير والكثير أولاً : لا تسمحي لما يحدث بأن يفقدك أعصابك وحسن تفكيرك ففقدهما يعني الاستسلام بأسوأ صوره .. ثانياً : الصبر .. اصبري ولا تفقدي الأمل أبداً في التخلص يوماً من ظلم إسرائيل فعاجلاً أم آجلاً سنتخلص من ظلمهم إلى الأبد … فالله سبحانه وتعالى قادر على فعل ما يريد حتى لو وقف الكون كله معارضاً ..
خديجة : ونعم بالله …ونعم بالله ( في خشوع ) .
( يعود عمر لتلاوة القرآن وتعود خديجة إلى واجبها وقد ملأتها كلمات عمر بتحدي غير محدود ، يدخل أبو محمد بهدوء دون إصدار صوت وهو يحمل بعض الأكياس في يده ، ومن ورائه أم محمد تتأمل أولادها بحنان فيتنبه محمد إليهما )
محمد : أماه .. أبتاه .. لم تأتوا إلى حجرتنا في الآونة الأخيرة كثيراً ،كيف حالكما ؟
أم محمد : بخير يا ولدي ؟ .. كيف أحوال الدراسة معكم ؟ ..
عمر : بخير يا أمي والحمد لله ..
أبو محمد : الحمد لله .. وأنت يا خديجة ألن تقولي شئ لوالديك ؟
خديجة : …… ( لا ترد )
أبو محمد : طيب .. ليس هذا ما جئت من أجله ولكن جئت لأقول لكم : كل عام وأنتم بخير ، العيد غداً إن شاء الله ..
الأولاد : ( الثلاثة معاً وبصوت واحد ) وأنت بخير يا بابا وأنت بخير يا أمي
أم محمد : و أنتم بخير .. أبقاكم الله لي .
أبو محمد : لأجل هذا أحضرت لكم هذا ( يمد لهم يديه بالأكياس ) وعلى الله تعجبكم ..
خديجة : ( سعيدة وباندفاع ) ربنا يخليك لنا يا بابا يا رب ( وتندفع نحو أبيها وتقبله بحب ) .
محمد : ربنا يخليك لنا يا بابا .. ( يخفض عينيه أرضاً ) .
عمر : تعيشوا و تجيبوا لنا … ( تبكي أم محمد لفرحة أبناءها )
( يقوم كل من عمر ومحمد ويتجها نحو والديهما ويقبلا يديه في حين تتجه خديجة إلى والدتها فتحتضنها )
أبو محمد : ( من بين فيض عواطفه الأبوية ) طيب .. سنترككم الآن لتروا ماذا أحضرنا لكم ..
( يخرج أبو محمد من الحجرة في حين يأخذ كل منهم الكيس الذي به حاجياته ويتفحصه )

المشهد الثاني ..
( في حجرتهم جلس محمد ممسك بالكتاب وينظر إليه دون أن يقرأ شيئاً ، عمر جالس على الأرض وهو مستند على الحائط ، خديجة تحضن كيسها وهي شاردة وأمامها كتبها مبعثرة )
خديجة : ما أحلى الفستان الذي أحضره أبي .. جميل لم أر أجمل منه في حياتي كلها .
عمر : هو أنت لحقت تعيشي ؟ وعلى العموم منذ متى يحضر بابا أشياء ليست بجميلة ؟! .
محمد : معك حق يا عمر .. بابا عمره ما يعمل هذا خاصة ونحن أولاده .
خديجة : لكن من أين أتى بثمن هذه الملابس ؟ ألم تخبراني بأن حالتنا المادية سيئة ؟
محمد : من يدري من أين ؟ من يدري ؟ بابا كان مستعد يضحي بروحه نفسها من أجل ابتسامتك !
عمر : معك حق يا محمد أنا أيضاً تمنيت هذا حتى أرى ابتسامة فرحتي الصغيرة هذه ( مشيراً بيده إلى خديجة ) .
خديجة : كم أحبكم جميعا ؟ أنتم تحبوني لهذا أحبكم ..
محمد : نحن لا نحبك فقط .. بل أكثر فأنت فرحتنا .. هل تصدقي عندما تفرحي أشعر بفرحة بلا حدود ..
عمر : شعورنا واحد .. فأنت التي تذكرينا بأنه ما زال في هذا العالم لمحة من براءة الطفولة .
محمد : لو كان بيدي ما أفعله من أجلك لكنـ…
( يقاطعه انقطاع التيار الكهربي وصوت انفجار عالي قريب )
خديجة : ( صارخة خائفة ) محمد .. عمر ماذا حدث ؟ لماذا انقطع التيار ؟ ..
عمر : اهدئي يا خديجة لم يحدث شئ .
خديجة : لكن الانفجار لقد كان قريب حتى اعتقدت أنه في منزلنا .. ( يأتيهم صوت أبو محمد من باب الحجرة )
أبو محمد : يا أولاد أطلعوا في الشارع القصف كان في دار أبو بكر ولم يصب بسوء والحمد لله .. هيا .. هيا بسرعة .
أم محمد : خديجة .. خديجة .. أين أنت ؟
خديجة : أماه ها أنا سآتي حالاً …
أم محمد : بسرعة يا خديجة بسرعة ..
أبو محمد : تعالي ما في وقت .. هيا يا محمد .. عمر .. خديجة .. بسرعة .. القصف بدأ ثاني ..
( صوت أولاده جميعاً ) : حالاً ( صرخة لـ.. خديجة بسبب صوت انفجار أقرب ) .
( إظلام تام )

الفصل الثالث
المشهد الأول
( أمام منزل أبو محمد المتهدم بسبب القصف والنيران تتصاعد من نوافذه وقف حشد كبير من الناس أمامه ويقف أبو محمد وأم محمد ومحمد وعمر على رأسهم ويتعالى صوت نحيبها )
صوت من الجمع : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ..
صوت أخر : العيد غداً ولم يهن عليهم إلا أن يعيدونا ..
وآخر : إننا فعلاً في يوم العيد ..
وآخر : كان الله في عونهم ..
وآخر : كان الله في عون الجميع ..
أم محمد : ( يتعالى صوتها مقاطعا الحديث ) ابنتي .. ابنتي خديجة .. أين ابنتي .
أبو محمد : ( جزع ) خديجة .. أين هي في الداخل أكيد . ( يحاول الاندفاع إلى داخل المنزل ولكن يمنعه الرجال )
أم محمد : ابنتي في الداخل .. أنقذوها .. النار .. البنت .. ابنتي .. خديجة .. ( تسقط مغشيا عليها فيتم نقلها لمنزل قريب )
محمد : ( وهو يندفع داخل المنزل ) إذا منعتم والدي فلن تمنعوني .
عمر : ( وهو وراءه ) هذا الكلام ينطبق علي أيضاً . ( يندفعا داخل المنزل ومن ورائهما نظرات الحشد )
( إظلام )

المشهد الثاني ..
( في حجرتهم التي تحولت إلى خرابة بسبب القصف الوحشي محمد وعمر ينظران إلى الجسد الممدد أمامهما ، الهامد الساكن المتغير الملامح شديد السواد ، دموع لوعة وجزع تغرق وجههما محاولين منعها فلا يستطيعان .. فجأة يندفع أبو محمد ويقف مشدوهاً أمام المنظر المروع )
أبو محمد : ( متحشرج الصوت مختنق النبرات دموع صامتة تملأ عينيه بصوت خافت كأنه يحاول عدم إزعاجها ) خديجة بنتي .. ردي علي .. أنا أبوك .. ردي .. العيد اليوم .. بعد ساعة للصلاة .. سأعود لأجدك بانتظاري .. ردي يا خديجة .. العدية جاهزة .. حضرتها لك خصيصاً .. هيا أجيبي .. خديجة
عمر : ( في جمود ) لقد ماتت ..
محمد : نعم قتلوها ..
أبو محمد : قتلوها ..
عمر : ماتت .. قتلوا فرحتي قبل ما تفرح .. قتلوها ليحرموها ويحرمونا من الفرحة .. قتلوها بوحشيتهم .
محمد : كانت تنتظر هذا اليوم .. تنتظره وقلبها ينتظر ..
أبو محمد : خديجة .. ردي علي .. العيد اليوم .. عيدك اليوم .. قومي .. أفرحي .. العبي .. خديجة اليوم عيدك
محمد : صحيح .. عيدها اليوم .. عيدك اليوم يا أختي
عمر : عيدك اليوم يا فرحتي .
( الثلاثة معاً ) : عيدك اليوم يا فرحتنا .
( إظلام تام )