هذه حكاية الفدائي الفلسطيني مصطفى البقاع (اسم رمزي) الذي قاوم العدوان اليهودي على لبنان في عام 1982.. حيث أظهر بطولة نادرة ومميزة بقوة وعزيمة واصرار .. ولم يصبه الأعداء بجرح واحد ..
لكن .. ما حدث بعد ذلك من اقتتال فلسطيني فلسطيني اوقعه في المحذور ،
حاول الافلات والنجاة من النهاية المؤلمة التي لم يتخيلها ابدأ ، حيث أعد نفسة ليرتقي شهيدا وهو يقاتل العدو الغاشم .. لا أن يسقط قتيلا في البقاع بسلاح الأخوة المتقاتلين ظلما ..
..
مصطفى البقاع
عيناه زهرتان
صدره فصلٌ ربيعيٌ وبرتقال
قلبه حقلُ زيتونٍ وأمان
ثغره نَبعُ حياة
وساعداه ..
فأسٌ وجدار
*
في بيروت
كانوا يدعونه مصطفى القادم ؟؟
من الأطفال والانتظار
من الخوف والاصطبار
من المخيم والزحام .
*
مُذْ كان طفلاً ويداه قابضتان
تتشبثان بحفنةٍ من طينٍ
بَقِيَتْ له إرثاً بعد انتقال الدار .
صار أنفه مُتَوَهِجاً من رائحةِ الحُطام ...
ومن انبثاق الخوف
خلال فتحات الخيام .
وشَفَتاهُ كانتا مَذمومَتان
كَمَّنْ يريدُ أن يقول ولا يقول
المدى ضاقَ أَمامَه
لمْ يَعُدْ فيه اتساعٌ للكلام .
*
في بيروت كان اسمه القادم ..
كإشعاع الصباح
يجلوا عن الأَنْحاءِ الصدأ
والبكاءَ المُرِّ
ويأسَ الجِراح .
كَبَدرٍ اصْطَفى عُشَاقَه
أَنارَ لهم الظلام
كَلَحْنٍ كله غَضَبٌ وحُبٌ
وثورةٌ تَجْتاحَ اليراع .
*
مصطفى القادمُ من السماء ..
من الأرضِ .. من الجبالِ .. من الحياة ..
في بيروت أصبحَ إيقاعَ قتال
قصيدةَ إصرارٍ وإباء .
في بيروت لَمْ يَمُتْ
لم يُصِبْهُ الأعداءُ بمقتلٍ
لم يأسروه
لم يُكْرِهوا رُوحَه إلى الفرار .
سلاحَهُ الصمود
والتمترس والبقاء .
*
مصطفى القادم كالفجر
كان ملحمة وصرحاً واقتدار
لم يَقْدِروا أن يَخْرِقوه ...
هَوَتْ أمامَه آمالُهُم في الاقتحام .
بين الركام .. وسط الزحام
صار عاصفة ونار
تنحني اليهودُ أمامَه
حتى تمر خَطَواتُه القادمةُ للانتقام .
*
مصطفى القادم مات الآن ..!
ما مات في بيروت كما أحب أن يموت
وما قِيدَ إلى ( أنصار) .
لمْ تَنَلْهُ رصاصةٌ من مُرْتَزَقٍ جَبان
لم تُدَمِرَهُ قنبلةٌ فَراغية
ولا جوعٌ .. ولا خوفٌ ..
ولا الحصار ..
*
مصطفى القادم مات الآن ..
في البقاع ..؟
قال قبل أن يموت ..
لو بقيت في الزحام ..
لو بقيت في الزحام ..
*
تموز / 1983