رواية مرايا الموج
تاريخ النشر : 2022-07-14
رواية مرايا الموج


بقلم: سليم عوض عيشان ( علاونة )



قراءة متواضعة في نص رائع
" مرايا الموج " مكتبة الشروق غزة ..
للروائي الاستاذ الدكتور القدير / محمد بكر البوجي حفظه الله

.. يجب أن تقرأوا هذه الرواية... ..-
رغم أني أعرف جيداً – ومنذ البداية – بأن العمل الأدبي الروائي ( مرايا الموج ) هو للكاتب الروائي الأديب العربي الفلسطيني .. الأستاذ الدكتور / محمد البوجي ... ابو بكر البوجي ، إلا أنني وبعد قراءة عدة صفحات من الرواية .. كنت أعود في كل مرة للبداية .. المقدمة .. لكي أتأكد من جديد بأن الرواية ليست مترجمة عن الأدب العالمي .. ولكي أتأكد بأن كاتبها هو الأستاذ / الدكتور ابو بكر البوجي .. .
العمل الروائي ( مرايا الموج ) يصل إلى مصاف روائع الإبداع والأدب الروائي العالمي .. إن لم يكن يبزها ... والأديب الروائي القدير / الاستاذ الدكتور ابو بكر البوجي .. يضارع أشهر الكتاب العالميين .. إن لم يبزهم... .
فلقد استعمل الروائي الكبير أدواته الفنية بحذق وحرفية عالية من أجل الخروج في النهاية بنص كامل متكامل .. مترابط .. قصاً ونصاً وحرفاً .. ليدق جرس التنبيه إلى نص يحاكي النصوص العالمية روعة وإتقانا .. فكرة وحبكة وإخراجاً
في العادة ، فأنا شخصياً أقرأ أو أكتب بمعدلات يومية بسيطة ومتواضعة .. بسبب الوعكات الصحية المتتالية التي أصابت جسدي .. وحتى لا أرهق نفسي وجسدي وعينايّ المجهدة أكثر
ولكن .. حيال هذا العمل الروائي المميز .. كسرت جميع القواعد العامة والخاصة للصحة والتقيد بها .. فقرأت الرواية ( قراءة مستفيضة ومتأنية ) وفي ساعات متباعدة حسب ما تسمح به ظروف الحياة والتيار الكهربائي .
نعم .. فأنا كنت قد وضعت كل مشغولياتي واهتماماتي الأدبية جانباً خلال هذه الفترة .. ولكن ذلك أتى في النهاية بأفضل النتائج بدون شك .
فلقد شعرت بغذاء روحي غريب يتسلل إلى سائر أعضاء جسدي بعد الانتهاء من قراءة تلك الرواية .. وشعرت بأن الآلام النفسية والجسدية قد تلاشت بنسبة كبيرة .. بينما كنت مستغرقاً في متابعة أحداث الرواية المميزة .
الأديب الروائي الكبير / الاستاذ الدكتور البوجي .. اختار مخيم الشاطئ بغزة مسرحاً للغالبية أحداث روايته وتحريك شخوصها – اللهم بعض المواقف الجانبية - .
واختار النزعة الإنسانية في الذات البشرية ليغوص في أعماقها ويسبر أغوارها ببراعة وحنكة – يحسد عليها - .
لقد شغلت قضية ( اللاجئ والمخيم والبحر والنكبة ) حيزاً كبيراً من هذا العمل الروائي البديع ، ولكن توظيف ذلك لم يكن من أجل البطل – الراوي .. الكاتب - ذاته فحسب .. بل كان تحليلاً نفسياً وفلسفياً لبطل وأبطال الرواية .. وتحليلاً للشخصية الفكرية للكثيرين من المشردين في زمن العولمة والانطلاق اللامحدود .
الرواية كانت فلسفة الحياة ... بل لعلها حياة الفلسفة .. تعرض فيها الكاتب المبدع الروائي من خلال أوراقه العديدة المتنوعة للعديد من الأنماط الإنسانية المتباينة المذاقات والمشارب .. الأهواء والأنواء وسلوكياتها تحت الظروف والمتغيرات المختلفة. ..
لقد استطاع الكاتب وببراعة .. أن يصهر بطل النص – فلسفياً – في بوتقة معدنية غريبة ، عندما كان بطل النص ( الراوي الكاتب ) يعمل في عدة مجالات متباينة في مراحل مختلفة .
كان هذا مقنعاً ومعقولاً فيما لو كان بطل النص إنسان عادي .. عامل عادي .. ولكن أمر المزج والصهر كان صعباً للغاية هنا ، لأن بطل النص كان أديباً .. راقي الحس والشعور .. روائياً .. رومانسياً .
ولكن أديبنا الكبير استطاع وبحنكة أن يصهر العمل والفن ( الأدب ) في بوتقة واحدة .
في نفس الآن .. شعرت وكأن كاتب النص .. وفي كل مرحلة جديدة .. يحاول أن ينقلنا مع البطل – بطل النص ,, الراوي – عندما كان ينتقل بنا من عمل الى عمل آخر ... وكأن الكاتب يشير لنا من طرف خفيّ .. بارتفاع درجات الحرارة لدي بطل النص .. ولدينا بالتالي .. بعد هدوء وبعد جولات – مهنية – متتابعة .. وكأننا نستمد – وبطل النص – شحنات جديدة من الحرارة لبدء مرحلة جديدة من العمل والعطاء .. ومن استمرارية الحياة أيضاً
شخصية بطل النص .. تمثل الضياع ( التوهان المؤقت) في المدينة الكبيرة ـ أيّ مدينة ـ في زمن الحرية المفتوح على مصراعيه وزمن العولمة .. وزمن سيطرة المادة ... وسيطرة الأنا ( الذات – النرجسية . -
الشتات بدوره .. كان جزءاً لا يتجزأ من تلك الإفرازات ... والذي أخذ حيزاً لا يستهان به في حياة الأمة / المجتمع / الفرد .. وبالتالي انعكس على حياة وشخصية بطل النص بشكل كبير . .
اللجوء .. كان المحور الأساس – المظهري – ومركز الارتكاز لبطل النص .. ليس لكونه لجوءاً فردياُ وشخصياً مجرداً .. بل لأنه واقعاً معاشاً في مجتمع خرج تواً من غلالة النزوح واللجوء ... لما كان يسمى بالنكبة . .
لقد وظف الكاتب قضية النزوح في كل مراحله و أحواله و بشكل رائع من خلال الرواية .. لكي يظهر في النهاية عقم ( بعض التجارب الوطنية ) إلى جانب ديمومة الفكر والأدب ... وتوقف الجولات الوطنية كثيراً على مدى الوقت .. واستمرارية العمل الروائي لبطل النص .. وهذا مؤشر جيد على انهزام القشور( العشوائية ) أمام الجوهر ( الفكر).
الرواية في حد ذاتها .. هي رحلة .. رحلة طويلة للبحث عن الذات .. عن الذات البشرية التائهة ( للجوء والنزوح ) في خضم حياة زخم الحضارة بسلبياتها وإيجابياتها .. والانطلاق نحو القمة .
لقد استطاع الأديب الروائي الاستاذ الدكتور البوجي حشد عدد كبير من الشخصيات المركزية في النص .. علاوة على عدد لا بأس به من الشخصيات الثانوية / الجانبية ... واستطاع الكاتب بدراية وحذق بالغين أن يحركها ويوظفها جميعاً بشكل رائع .. لتؤدي أدوارها بشكل انسيابي بديع .. ولتثري النص بشكل مدهش في النهاية بنوع من التكامل .
... بما فيها العنصر النسائي .. الذي كان له حصة الأسد في النص الروائي وشخوصه .. وكان لبطل النص مثل تلك الحصة من ذلك العنصر .. ولكن بطل النص في كل شبه مغامرة نسائية ( عرضية و سطحية ) جديدة كان يخرج برصيد جديد من الضياع والتوهان .. والبحث من جديد عن الذات .. وعن الحقيقة .
ثمة عنصر نسائي " فتحية " كان يمثل الحلقة المفقودة من سلسلة البحث عن الذات .. ولقد تعمد الكاتب أن يجعل بحث بطل النص عن فتاته " فتحية " الحلقة المفقودة .. وحتى النهاية وبلا جدوى .. وكأنه يريد أن يقول لنا جميعاً .. بأن البحث عن الحقيقة مستحيل .. والوصول إليها أكثر استحالة . ..
ذلك ببساطة .. لأنها ببساطة محور عقم بحثه – وبحثنا – عن الحقيقة .. وعدم العثور عليها ... وبالتالي .. عقم الحياة بالمجمل .
الشخوص التي سردها الكاتب الروائي لم تأت بشكل عشوائي أو جزافي – رغم كثرتها - .. فلكل شخصية مدلولها الفكري المميز المختلف في الجوهر رغم التشابه المظهري ( خاصة العنصر النسائي ). ) .
ليس أي جرم بأن يكون بطل النص رومانسياً .. فثمة علاقات - وعلامات إيجابية – وإنسانية – تطل برأسها من بعضهن ...
لقد حاول كاتب النص أن يغوص بنا في أعماق النفس البشرية من خلال بطل النص .. شخوص النص المتباينة .. والتي هي بالضرورة تشكل عدة شرائح للمجتمع – أيّ مجتمع .
في النهاية .. شعرت بأن الكاتب أراد أن يقول لنا :
" لا تهربوا من الحياة ... بل .. حاولوا مصادقتها " .
وفي النهاية .. تأكدت :
بأن لدينا أديب .. روائي .. عالمي .. عربي .. اسمه
( الأستاذ الدكتور محمد بكر البوجي ) ... تلألأ قمره في سماء الأدب .. بنص أكثر من رائع .. بعنوان
( مرايا الموج ) .