عيد الأضحى ووقفة للتفكر والتدبر
تاريخ النشر : 2022-07-13
محمد عبد المحسن العلي 

( الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ (91) فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93) ) الحجر

إنَّها أربع كلمات نستخرجُ منها خمسةَ أفكارٍ ( الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ )
قال المفسرون،.. أي الَّذين قطَّعوا وجزَّؤا القرآنَ كما تُقَطَّعُ الذَّبيحةُ او الجَزُورُ ليُأْخَذَ منها ما يُرادُ أَخْذُه ويُتْرَكَ ما يُرادُ تركُه
فالآيةُ تبينُ ( فكرةَ تقطيعِ أو تجزئةِ المنهجِ أو القرآن ) ليُأْخَذَ منه ما يُرادُ أخذُه ويُتْرَك ما يُرادُ تركُه وكما قال المفسرون .

وبعد التَّفكرِ والتَّدبرِ والتَّأملِ ظهر لنا خمسةُ أفكارٍ تترتَّبُ على تقطيعِ المنهج، وهي أفكارٌ تدفعُنا للحذرِ من اتباعِ علماءِ السُّلطةِ الَّذين يتجرؤون على القِيامِ بتجزئةِ المنهجِ او الَّذين ورثوا من ( السلف الطالح ) الفهمَ لمنهجٍ مُجَزَّأ ومقطع .

بعد تَدبُّرِ الآية نجدُ الأفكارَ الآتية :-
1 - فكرةُ عدمِ انتفاع الَّذين جعلوا القرآنَ عِضينَ بالأجزاءِ الَّتي أُبْعِدَتْ بعد التَّجْزِئة .

2 - فكرةُ عدمِ استفادةِ الَّذين جعلوا القرآنَ عِضِينَ استفادةً كاملةً من الأجزاءِ الَّتي أُخِذَتْ لأنَّها ترتبطُ بما تمَّ تركُه وتنحيتُه وعدمُ ممارسةِ تطبيقاتِه

3 - فكرةُ عدمِ القراءةِ باسمِ من خلق، بل باسمِ الحُكَامِ الَّذين قطَّعُوا وجَزَّؤا المنهج، وذلك يُؤدي إلى طمسِ البصيرةِ مما يُفْقِدُ القدرةُ على قراءةِ الآياتِ في الآفاقِ والأنفسِ كما يُؤدي إلى فقدانِ الوعيِّ وضيقِ الأفقِ والمدارك، لأنَّ شرطَ القراءةِ هو ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) ) العلق

4 - فقدانُ قدرةِ العلماءِ الَّذين جعلوا القرآنَ عِضِينَ على فهمِ واستيعابِ كلامِ وأفكارِ من لم يجعلوا القرآنَ عِضِينَ وعملوا بكلَّ ما جاء فيه، كما نجدُ من يتبعون أولئك العلماءَ ويأخذوُن منهم العلم، يَصْعُبُ عليهم أنْ يفهموا ويستوعبوا أهلَ الحقيقةِ الَّذين لم يجعلوا القرآنَ عِضِينَ، بل يُصبِحُ كلامُ أهلِ الحقيقةِ بالنسبةِ لهم كرطانةِ العَجَمِ بالنِّسبةِ للعرب، لأنهم ربطوا فهمَهم بالفهمِ السَّقيمِ لعلماءِ السُّلطةِ الَّذين يمتهنون تقطيعَ وتجزئةَ المنهجِ.

5 - إن السُّلطةَ وعلماءَها الَّذين أعانوهم على جعلِ القرآنَ عِضِين أجرموا بحقِّ النَّاسِ عندما حَرَمُوهم من ممارسةِ تطبيقاتِ ما تمَّ إبعادُه بعد التُّجزئة، فتطبيقُ الأجزاءِ المُبْعَدَةِ له منافعٌ على النَّاسِ وأثارٌ إيجابيةٌ على أحوالِهم الفكريَّةِ والعلميَّةِ والرُّوحيَّة والنفسيَّةِ والسلوكيَّةِ والماديَّةِ والاجتماعيَّة والسياسيَّة . انتهى