عن أي رد تتحدث إسرائيل؟
تاريخ النشر : 2022-07-04
عن أي رد تتحدث إسرائيل؟


بقلم: خالد صادق

في اعقاب البيان الذي أصدرته المقاومة الإسلامية في لبنان أن مجموعة الشهيدين جميل سكاف ‏ومهدي ياغي، قامت بعد ظهرِ السبت في 2/7/2022 بإطلاق ثلاثِ مسيراتٍ غير مسلحةٍ ومن أحجامٍ مختلفة باتجاه ‏المنطقة المتنازع عليها عند حقل كاريش للقيام بمهامٍ استطلاعية, وقد انجزت المسيرات ‏المهمة المطلوبة وكذلك وصلت الرسالة، غرد تامير هايمان رئيس شعبة الاستخبارات الصهيونية سابقاً في جيش العدو -على صفحته على تويتر- قائلا: «إن المعضلة التي تواجه صناع القرار الليلة هي بين أربعة خيارات رئيسية: *عدم الرد لأنه لم يحدث أي ضرر، واعتبار هذا نجاحاً قد يؤدي إلى مزيد من المحاولات المماثلة. *مهاجمة موقع في لبنان، ويمكن أن يؤدي إلى تصعيد خلال فترة الحكومة الانتقالية، الرد ضد البنية التحتية لحزب الله في سوريا وجبي ثمن، ولكن هذا قد يعتبر إثباتاً على عدم رغبتنا أو عجزنا عن مهاجمة لبنان.

 واعتبر رئيس شعبة الاستخبارات أن رداً من نوع ردود “حرب الوعي”، رد سيبراني، أو غارات وهمية في سماء لبنان كاسرة لحاجز الصوت، أو رسائل استراتيجية، وهي لا تشكل خطر تصعيد، ولكن قد يُنظر إليها على أنها ضعف، فأمام رسالة حزب الله القوية هناك ومن وجهة نظر استراتيجية، يجب ملاحظة بعض النقاط حسب هايمان: عدم الاستقرار في لبنان الذي يمنع إنتاج الغاز من المياه الاقليمية اللبنانية, وعدم الاستقرار يوجه الانتباه إلى موضوع الخلاف الحدودي, أو يتنازل الأمريكيون هنا عن تطبيق قانون قيصر، وهو قانون يحظر التصدير إلى سوريا, فإسرائيل التي تتحدث عن إمكانية الرد على مسيرات حزب الله عسكريا, تخشى أي خطوات تصعيدية وتعيد حساباتها آلاف المرات.

من الواضح ان «إسرائيل» تتعامل مع الحدث على انه خطر كبير, وتأخذ التهديد على محمل الجد, لكنها في نفس الوقت لا تملك خيارات كثيرة في يدها, ومسيرات حزب الله التي وصلت الى حقل كاريش للغاز المتنازع عليه لن تكون رسالة الحزب الأخيرة, بل سيتبعها رسائل عديدة, فحزب الله يمتلك من الأوراق ما يستطيع ان يربك به الاحتلال ويفاجئه, وإسرائيل مستعدة ان تبتلع حدث المسيرات التي أرسلتها المقاومة لحقل كاريش ان ضمنت انها ستكون الرسالة الأخيرة لحزب الله, لكنها تدرك تماما انها البداية لخطوات اكبر وتصعيد اخطر, وقد تعاملت «إسرائيل» مع مسيرات حزب الله التي اخترقت المنظومة الأمنية برد فعل كبير حيث ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، إنه تم اعتراض ثلاث طائرات مسيرة، فوق البحر المتوسط بالقرب من منصة الغاز كاريش, وأنه تم اعتراض إحدى الطائرات بواسطة طائرة مقاتلة، وطائرتين أخريين بصاروخ «باراك» أطلق من سفينة صواريخ, وهذا معناه ان « إسرائيل» قرأت رسائل امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله جيدا, وانها تدرك ان تهديدات المقاومة الإسلامية اللبنانية جادة وحقيقية, وان محاولة تجاهلها لتحذيرات لبنان والمضي بمخططها الهادف لحرمان لبنان من حقها في حقل كاريش وفق الخط المرسوم 23, والخط 29 الذي يمثل السيادة اللبنانية على حدودها في المياه الإقليمية, لكن ما يسمى بالمتحدث باسم الجيش الصهيوني قال أن تلك المنطقة -التي تسعى إسرائيل لاستخراج الغاز الطبيعي منها- ليست منطقة متنازعا عليها ولا نقاش حولها, متهما حزب الله انه يحاول تقويض «السيادة الإسرائيلية» بشتى الطرق في البر والبحر والجو، وفق تعبيره ورؤيته الاستعمارية.

اما ما يسمى برئيس الحكومة الانتقالية الإسرائيلية يائير لبيد فقال (إن مسيرات حزب الله حاولت المساس «بمنشآت إسرائيلية» في المياه الاقتصادية الإسرائيلية، مضيفا أن حزب الله يواصل بطرق «إرهابية» المساس بقدرة لبنان على التوصل إلى اتفاق لترسيم الحدود) وقال إن «إيران وحماس وحزب الله لا ينتظرون، وعلينا أن نتحرك ضدهم في جميع المجالات وهذا ما سنفعله», ولا اعتقد ان لبيد يملك الأدوات التي يمكن ان يردع بها ايران وحزب الله وحماس, وهو يطلق تصريحاته جزافا, لأنه لا يملك اتخاذ أي قرارات يمكن ان يغامر بها خاصة عملية عسكرية هنا او هناك, فليس لديه الصلاحية لفعل ذلك الا بإشراك المعارضة الصهيونية وقياس موقف المؤسسة الاستخبارية والعسكرية والأمنية الصهيونية, ولابيد يحاول كسب ثقة الإسرائيليين واليمين الصهيوني, خاصة انه محسوب على تيار الوسط, فهو يطلق تصريحاته على عواهنها دون النظر لانعكاساتها عليه وعلى حكومته الهزيلة, وربما يدفع ثمنها غاليا, ويكون مصيره كمصير شريكه نفتالي بينت الذي اتخذ قرارا باعتزال الحياة السياسية بعد ان اصطدم بحقيقة انه لا يستطيع ان يحقق تطلعاته واماله لأنها ستتحول الى كابوس مزعج بفعل مقاومة الفلسطينيين لمخططات ومؤامرات الاحتلال الصهيوني, بحيث لا تجدي معهم سياسة الردع والتغول, ولا تخدعهم سياسة العصا والجزرة, ولا يرون الا طريقا واحدا للوصول الى الأهداف هو التمسك بالثوابت الفلسطينية, وسلوك نهج المقاومة بكل اشكالها لتحقيق الاهداف المرجوة, ودون ذلك عبث ومضيعة للوقت, فعن أي رد تتحدث «إسرائيل» وهى التي تتصدع اسطورتها الوهمية وصورتها الزائفة أمام الإسرائيليين وامام العالم.