أمن إسرائيل على حساب الأمن القومي العربي
تاريخ النشر : 2022-07-02
بقلم: علي ابوحبله

ان الانسحاب الأميركي من أفغانستان يشير إلى أن الشرق الأوسط والحرب ضد الإرهاب لم يعدا قضايا أساسية في السياسية الخارجية، إذ تركز واشنطن جهودها على الصين وروسيا، وتقوية العلاقات مع حلفائها التقليديين في أوروبا، إضافة إلى التركيز على إعادة إحياء الاتفاق النووي ومحاولة ملئ الفراغ في الشرق الاوسط من خلال تشكيل ناتوا شرق اوسطي جديد .
أن دعم إسرائيل يحظى بإجماع أمريكي وطني، حتى أصبحت إسرائيل في آخر نصف قرن هي القضية الخارجية للسياسة الأميركية التي عليها إجماع، سواء حكم الديمقراطيون أم الجمهوريون، وأن الحزب الديمقراطي تقليديًا هو مركز الدعم السياسي الأميركي لإسرائيل.
والملف النووي الإيراني والانسحاب من أفغانستان، وحالة الانقسام التي خلّفها ترامب بين الديمقراطيين والجمهوريين، وليست الأولوية لدى بايدن طرح خطة سلام.
يؤمن بايدن بأن دعم الولايات المتحدة لإسرائيل يتجاوز كثيراً “الواجب الأخلاقي”، بل ونقل عنه في الماضي قوله : “لو لم تكن إسرائيل موجودة، لكان على الولايات المتحدة الأمريكية أن تخلق إسرائيل كي تحمي مصالحها”.
تعهد بايدن بأنه كرئيس سيواصل المساعدة الأمنية وسيحافظ على تفوقها العسكري النوعي. في أثناء ولايته كنائب للرئيس، في 2016، ساعد في تصميم مذكرة التفاهم للمساعدة الأمنية الأكبر في تاريخ الولايات المتحدة، 38 مليار دولار على مدى عشر سنوات، لإسرائيل. بل وعمل كلاعب أساس مهم في تجنيد الدعم لتطوير منظومات دفاعية ضد الصواريخ من طراز “القبة الحديدية”، و”مقلاع داود”، التي تحمي الكيان الصهيوني من اي اعتداء عليها هاتان المنظومتان من الأسلحة التي تحمي الجنود الأمريكيين حول العالم أيضاً.
سيأتي الرئيس بايدن في زيارته للمنطقه في ظل وضع غير مستقر في تل أبيب، وإسرائيل على أبواب الانتخابات الخامسة خلال أقل من أربع سنوات بعد حل البرلمان الإسرائيلي (كنيست) على خلفية احتدام الصراع بعد نحو عام من تولي نفتالي بينت رئاسة الحكومة.
تتحدث الإدارة الأميركية وعدد من مستشاريها عن أن إسرائيل دولة مؤسسات، وأنه في حال حدوث أية مفاجآت متعلقة بالتغيير المحتمل في الحكومة الإسرائيلية فإن الرئيس بايدن سيتعامل مع رئيس الوزراء الحالي أو شريكه في الحكم يائير لبيد أو حتى رئيس الوزراء السابق نتنياهو، والرسالة أنه يؤيد الاستقرار السياسي الراهن في إسرائيل ولو كان هشاً، وبالتالي فإن الرئيس جون بايدن سيسمع في إسرائيل مطالبات بتمويل القبة الحديدية، وهو ما جرى بالفعل، وإن كانت هناك بعض المناكفات في الكونغرس.
إن الإشكال الذي سيواجه الرئيس جو بايدن في إسرائيل هو احتمال إثارة الرئيس الأميركي لملف استئناف الاتصالات الفلسطينية - الإسرائيلية، بخاصة أن الجانب الأميركي سيجد الرئيس الفلسطيني محمود عباس مطالباً بفتح مكتب منظمة التحرير في واشنطن والقنصلية الأميركية في شرق القدس، واستئناف المساعدات الأميركية للسلطة التي تعاني أزمة هيكلية حقيقية، وإن كانت دول الاتحاد الأوروبي بدأت في توجيه دعم اقتصادي أخيراً.
ومن ثمّ فإن الرئيس جو بايدن سيعيد طرح فكرة خيار حل الدولتين ووقف الاستيطان وعدم الدخول في إجراءات انفرادية من شأنها المساس بالوضع الراهن في القدس، وسيجد الرئيس الأميركي نفسه محاطاً بسلسلة إجراءات ومطالب أخرى تتجاوز الثنائي والإقليمي، إذ تدعو إسرائيل مع التحالف الإقليمي إلى ضرورة صياغة أمن جماعي في ملف البحر الأحمر وباب المندب وبعض الممرات العربية لمواجهة ما يجري من تهديدات للحوثيين ، وهو ما سيجد قبولاً أميركياً، بخاصة أن إسرائيل والدول العربية، وفقاً للقيادة المركزية الأميركية، باتت تعملان تحت قيادة واحدة، ومن ثم لا توجد مشكلة حقيقية.
تسعى إسرائيل إلى تأكيد منظومة علاقاتها مع الإدارة الأميركية، وإن كانت تتشكك في استمرار الرئيس الأميركي جو بايدن لولاية جديدة، ومن ثم ستعمل على الانخراط كما هو جار مع قيادة الحزبين، فإسرائيل ليست محل خلاف حقيقي في دوائر الكونغرس، وتعد بالفعل مسألة داخلية وليست علاقات مع دولة أجنبية، ولهذا قد تعمد إسرائيل إلى الحصول على تعهدات أميركية في شأن الحصول على مزيد من التعاملات لدولة خارج الـ "ناتو"، كما أنها سترتب لدور داعم للاستراتيجية الأميركية في دائرة حركتها السياسية والاستراتيجية كما هو جار.
ووفق الرؤيا الاستراتجيه من مصلحة الجانبين الأميركي والإسرائيلي أن يتفقا في القضايا الإقليمية، إذ إن المجال الثنائي يجري في دوائر معقدة ومتشابكة وليس فيها مساحات خلاف حقيقية، أما في الملف الفلسطيني فإن الضغط الأميركي على إسرائيل لاستئناف الاتصالات مع الجانب الفلسطيني لن تنجح، فقد فشل المسؤولون الأميركيون تباعاً في القيام بهذا، وقد سبق وأن طالب مستشار الأمن القومي الأميركي جاك سوليفان من بينيت لقاء الرئيس محمود عباس ورفض، وتحجج بأن هذا الأمر سيؤدي إلى إسقاط الحكومة وتفكك ائتلافها وهو ما جرى بالفعل.
إن حالة عدم الاستقرار السياسي والحزبي في إسرائيل تفرض التنسيق بين الدول العربية وتجاوز أي خلاف حقيقي، فالجانب الإسرائيلي يكرر دورياً بأن الدفاع عن أمنه القومي فوق أي اعتبار، أي مقاربه أمنيه تسعى الولايات المتحدة إلى دمج إسرائيل في منظومة الشرق الأوسط خطر يتهدد الأمن القومي العربي ومفهوم الأمن القومي العربي ويتعارض مع الرؤيا ألاستراتجيه للأمن القومي العربي وهذا يتطلب سرعة العمل على صياغة مفهوم للأمن القومي العربي وفق مفهوم مغاير للرؤيا الاسرائيليه والامريكيه لبناء ناتوا شرق أوسطي تشارك فيه إسرائيل ، وعلى الرغم من طبيعة العلاقات الراهنة ، ولإفشال المخطط للشرق الأوسط الجديد يتطلب أن تتصدر قمة الجزائر التنسيق بين القوى العربية الفاعلة لتفعيل نظرية الأمن القومي العربي ، بحيث بات يخشى من بقاء الأوضاع العربية على ما هي عليه مما قد يدفع لتوظيف ما يجري لبناء نظام شرق أوسطي يتجاوز وضع النظام الإقليمي العربي بكل مؤسساته الراهنة وتداعياته على الأمن والسلم القومي والاجتماعي العربي وتهديد النظام العربي