كيف تستمتع بنعمة البلاء؟
تاريخ النشر : 2022-06-30
بقلم: مروة مصطفي حسونة

هل تريد أن تقلب المحنة إلي منحة وتعيش بسعادة مهما تمر بظروف قاسية ؟
هل تريد أن تحول نار البلاء بردا وسلاما؟

إذن فعليك بقراءة السطور الآتية من كتاب فن حسن الظن بالله للكاتب إياد قنيبي و التي يمكن أن تغير وجهة تفكيرك . فيبدأ الكاتب بإقناعنا بأن نحسن الظن بالله . و انظر إلي حسن ظن أهل الكهف بربهم ، ففرج عنهم ما هم فيه . و أكد لنا الكاتب أن الله أنعم عليه من خلال البلاء بنعم كثيرة جدا ، و ذكر قوله تعالي : " فعسي أن تكرهوا شيئا و يجعل الله فيه خيرا كثيرا . " الآية . و يصيغ هذه
الفكرة بعبارة رائعة و هي : ( تصور معي أنه جاءتك هدايا و أنت تعرف أنها هدايا عظيمة و قيمة ، لكن بعض هذه الهدايا جاء في غلاف جميل براق ، و البعض الآخر جاء في غلاف قبيح ، هل يهمك كثيرا شكل الأغلفة إذا علمت أن الهدايا التي في الداخل ثمينة ؟
كذلك أن كل ما سيحصل في المستقبل بمقدورك أن تجعله لمصلحتك ، فلن يهمك كثيرا أن يكون في غلاف محنة أو في غلاف منحة ، فأنت من يقرر ما سيكون عليه . )

لا تتصور أن كمال الصحة و كثرة المال دليل علي إكرام الله لك ، و أن الفقر دليل علي إهانته لك . فالله يمد الكافر و المؤمن في الدنيا . و لكن إذا وجدت البلاء قد قربك إلي الله ، فاعلم أنه أراد بك خيرا . إذا وفقك الله لإحسان الظن به ، و عصمك من العتب علي أقداره, فقد أراد بك خيرا . و إذا وفقك الله أن تستغل وقتك في بلائك فيما ينفعك في دينك و بقربك من ربك ، فقد أراد بك خيرا .

و تطرق الكاتب إلي محور هام و هو أسس بناء محبة الله في قلبك علي أسس صحيحة منها : اليقين باستحقاق الله سبحانه و تعالي للعبادة لذاته العظيمة و التفكر في أسماء الله و صفاته و تعلق القلب بالآخرة و نعيمها و الامتنان لله بما أنعم عليك في الماضي بغض النظر عن الحاضر و المستقبل و استحضار أن نعم الله عليك لا تعد و لا تحصي مهما نزل بك من بلاء . و تأمل ستره عليك و صرفه الشرور عنك و الأنس بالله . و أن محبة الله غير مشروطة لا تتأثر بالحوادث السارة أو الحزينة .

و يستطرد الكاتب في أفكاره و يؤكد أن الله أحيانا يبتلي العبد لينتبه و يفيق من غفلته التي جعلته ينشغل بالنعمة عن المنعم . فلا تخرج من البلاء كما دخلت لم تستفيد شيئا . و يخبرنا الكاتب بأنه مر بتجربة مريرة قطف منها هدايا ربانية عظيمة ، وشكر الله علي ما حدث له . فالشدائد تستجيش القوي ، و تفتح في القلوب مسارب ما كان ليعلمها المؤمن إلا تحت مطارق الشدائد . و الصبر يكون من الله وحده ، فهو الذي يربط علي القلوب إذا استعنت به مهما كان حجم البلاء . فتأمل بلاء يوسف و يونس و يعقوب و موسي عليهم السلام . اطلب الرحمة من الله ستجدها مثلما وجدوها . و استعان الكاتب ببيت شعر له يؤكد المعني : " أتظن ربك يبتليك إذن سدي - كلا فرب العرش من ذا أحكم . "

و يشير الكاتب إلي حقيقة هامة و هي أن الأعمال الشاقة تنقلب متعة عندما يكون الذي طلبها منا عزيزا إلي قلوبنا ،، فكيف إذا كان الذي طلبها هو الله ؟! و يعتبر نقص القناعة هو الذي يجعلنا نضخم حجم ما ينقصنا و يجعل النعم العظيمة باهتة في حسنا . إذن استشعر النعم و جدد الابتهاج بها .

و يذكرنا الكاتب بأن الدنيا ليست دار جزاء ، و لو كانت كذلك لما قتل أنبياء كزكريا و يحيي عليهما السلام ، و لما عذب أصحاب النبي عليه الصلاة و السلام حتي الموت . لذا فعندما تتفكر في فوائد البلاء ، لا تحصر نظرتك في الدنيوية منها . و إن لم يأت الفرج المترقب حتي الممات ، فإن القصة لم تنته . و مما ورد عن الحسن البصري رحمه الله " من لم يتعز بعزاء الآخرة تقطعت نفسه علي الدنيا حسرات . " أما المؤمن فيوقن بأن ما يفوته في الدنيا قد ادخر له أضعافا في الآخرة . و تذكر أن الدنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة .

فحاول عزيزي القارئ أن تحول أقدارك المؤلمة كما يقول الكاتب إلي مظهر رضا و تسليم و مزرعة حسنات .