صرخة اليائس
تاريخ النشر : 2022-06-25
بقلم: ناس أحمد حدهوم

إليكم قصتي فقد فكرت أن أطرحها أمام الرأي العام المغربي وإلى كل من يهمه الأمر رغم بساطتها وتفاهتها لكنها تعطينا الإنطباع الواضح عن المستوى الذي وصل إليه المجتمع من تفسخ وتحلل من الضمير والأخلاق والمسؤولية . ولا أجد ما أستهل به قصتي سوى ما قاله الله تعالى مبدع الكون عن نفسه في مواجهة ظلم مخلوقاته لبعضها البعض . قائلا " حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما " .فإليكم القصة كما شيء لها أن تكون
منذ بضعة شهور كنت مارا عبر طريقي إلى بيتي وأنا محملا بكيسين من المواد الغذائية وحاملا محفظة معلقة بشريطها على كتفي بها أوراقي وبعض كتبي . وكان علي أن أسلك ناصية خاصة بالراجلين تفصل الطريق السيار عن مدرسة عمومية بالحي الذي أسكنه . المدرسة إسمها " سيدي احمد الزواق " بتطوان . نوافد المدرسة تطل على الممر . وقرب إحدى النوافد فوجئت بالماء يبللني .نظرت فرأيت سيدة تقوم بتنظيف النافذة فخاطبتها بطريقة ودية " الله يالشريفة فزكتيني بالماء؟" كان جوابها حادا وعصبيا وعيناها يكادان يقفزان من محجريهما قائلة / ما هو غي الماء / ثم بدأت تشتم غاضبة لما أخبرتها بأنني سأدخل عند السيد المدير لتقديم شكايتي . نصحني حارس الباب بالإنصراف لحال سبيلي أفضل من الدخول مضيفا بأن السوق سوف يحمى - حسب قوله . وأخبرني بأنها من عائلة ....... الخ .وكان ذلك حافزا لي لكي أتراجع عن الشكاية وأمري لله . لكن المنظفة وصلت إلينا مهرولة وهي تشتم وفي حالة عصبية مرضية . فكان علي أن أطلب فتح الباب للدخول عند المسؤول التربوي . لكن هذا الأخير إستقبلني استقبالا مهينا وانحاز إلى المنظفة ولم يكن محايدا على الإطلاق . فادعيت بأنني سوف أحرر شكاية بهما وكان ذلك كافيا لكي يصبح هذا المسؤول هستيريا يصرخ في وجهي وصرخت انا في غضب لكن لم يصل بنا الأمر إلى أي تشابك أو شتم بين كلينا . لكنه أمر بإقفال باب المؤسسة واستدعاء الشرطة التي حضرت . وطلبت منا إجراء الصلح وتدخلت معلمة أيضا تطالبنا معا بالصلح لكننا طلبنا معا متابعة كل منا للآخر وركبنا سيارة الشرطة وأصبحنا في مفوضية الأمن . فجرت محاولة ثانية من أجل الصلح بيننا ولكن السيد المدير إشترط أن أحرر له إلتزاما بالإعتذار . مما جعلني ذلك أرفض هذا الشرط كما أن خصمي المذكور إتهمني بضربه بواسطة الرأس فكان يطلب من الأمن إحضار الكتاب المقدس لأداء القسم على ما يتهمني به كذبا وبهتانا . حينئذ تأكدت أن الرجل ليس سليما في عقله ولا يحمل ذرة واحدة من الضمير الأخلاقي . فتم تحرير محاضر لكل منا نحن الثلاثة وانصرفنا على موعد الحضور صباح اليوم الموالي لكن المسؤول التربوي لم يحضر وكذلك المنظفة . وذهبت مع الشرطة لوحدي نحو المحكمة . وبعد مساءلتي من طرف السيد الوكيل أخلي سبيلي وسمعت السيد الوكيل يأمر بإخلاء سبيل المنظفة أيضا أما المدير لم يحضر . وبعد مرور بضعة شهور رن هاتفي فكانت الشرطة تستدعيني للحضور فحضرت للتو ليخبرني العميد بأن النيابة طلبت التقديم من جديد . ولكن عند التقديم الثاني لم يحضر لا المدير ولا المنظفة فأصبحت أواجه طواحين الهواء . وعند وجودنا بالمحكمة أراد الشرطي إدخالي إلى حجرة المعتقلين فرفضت وانصرفت إلى الطابق الأعلى بالمحكمة طالبا مقابلة السيد الوكيل . إنتظرت قليلا فاستقبلني المسؤل القضائي واستمع إلي . فكان حسن استقباله مثلجا لصدري واختفت المرارة من نفسيتي المحطمة والمظلومة . ونصحني بالصلح وقال لي بأن الصلح أفضل ولا بأس من كلمة اعتذار . وإذا لم ينجح الصلح نصحني بالرجوع إلى مكتبه . فشكرته وانصرفت لحالي .
أنا الآن لدي ثقة في القضاء وفي الله الذي يكره الظلم فحرمه على نفسه وجعله بين الناس محرما .كما أنني أسامح المدير وأسامح المنظفة وأطلب الله أن يغفر لنا جميعا .
ملحوظة / بعد هذا الحادث - تم تغييثر مدير المدرسة ووربما حتى المنظفة - وذات ليلة على الساعة الثانية عشرة من منتصف الليل رن هاتفي الخلوي فسمعت صوتا لم أميزه ولم أعرف من يكن ولما سألته من يكن . قال لي بأن هذا لا يهم . المهم قال هو أن أخبرك أن المدير الذي أراد أن يزج بك في السجن ظلما وعدوانا قد إستدعاه عزرائيل للعالم الآخر . ثم إنقطع الخط . وبقيت مذهولا مما حصل .