هو وهي
تاريخ النشر : 2022-06-25
بقلم: بهائي راغب شراب
..
هو : أحبك
هي : وأنا ..
هو : أحبك
هي : وأنا ..
هو : أحبك
هي : وأنا .. كيف ..
هو : لأنك أنت .. أحبك
هي : ولكن أنا ..
هو : أنت .. أنت ماذا ..
هي : لا أحب إلا شيئاً واحداً ..
هو : أتحبين شيئاً .. أنا أيضاً
هي : لا .. لا أقصد هذا
هو : تقصدين ماذا إذن ..
هي : أقصد أنني .. ماذا تقول ..
هو : تكلمي فصراحتك خير
هي : نعم سأقول .. إنني أحب نفسي
هو : تحبين نفسك ..!
هي : نعم
هو : أنا أيضاً أحب نفسي
هي : لكنك أخبرتني أنك تحبني .. فهل تخدعني ؟
هو : لا لم أخدعك ، أنا أحبك فعلاً
هي : تحبني حقاً .. كيف وأنت تقول أنك تحب نفسك
هو : نعم أحبك .. أتعلمين لماذا ؟
هي : نعم ولم ، بل وكيف يتسنى لك أن تحب اثنين في وقت واحد
هو : لا .. لا .. إنك تبعدين كثيراً عما أفكر فيه ، إنني إذ أحبك إنما أحب نفسي
هي : تحب نفسك عندما تحبني .. كيف وأنا شيء مختلف تماماً عن نفسك
هو : لا .. لا تختلفين كثيراً عن نفسي ، لأنني أحبك يعني أنني وجدت نفسي فيك
هي : وجدت نفسك فيّ .. كيف ؟ هل أنا مرآة ترى نفسك فيها
هو : أصبحت تقتربين مما أفكر فيه الآن .. أرى فيك نفسي .. نعم فأنت مرآة لا تكذب على ناظرها ، مصقولة ناعمة ، لا تخفي شيئاً خلفها ولذا رأيت نفسي فيك ..
هي : ما هذا القول ؟ يبدو أنك الذي يشتط بعيداً بأفكاره ..
هو : أنا .. لا فأنا قد وجدت نفسي فيك فعلاً ، لقد سمعتك تتكلمين وما سمعته مكمل لكلام في نفسي ما زلت أقوله ، ونظرت الى عينيك فوجدتهما .. يا إلهي .. أستغفرك .. وجدت عينيك يبعثان الى قلبي وميضاً خفياً قبل وصوله .. وما أن يصيب قلبي حتى تغشاه مشاعر وأحاسيس لم يستطع أن يعبر عنها الا تسارعاً في في خفقاتة وقوة في ضرباته .. نعم إن قلبي هذا العضو المتحرك الخفي داخل ضلوعي تحرك وأضاء مصباح بابه الأحمر معلناً أن استمراره في نبضاته الحية الدافقة بالحيوية مرهون بذاك الوميض ذو الإشعاع الساحر المنبعث من عينيك يا حبيبتي
هي : ما زلت تقول حبيبتي .. أحذرك فأنا لست حبيبتك بعد
هو : ولم .. أنا أحبك
هي : أنا لم أحبك بعد
هو : لم تحبينني بعد .. وتقولين بعد .. بعد ماذا .. أو متى إذاً .. تحبينني
هي : إلى أن أشعر بصدق كلامك
هو : إنني صادق أقسم لك على ذلك .. إنني صادق صادق
هي : أنا لم أحس بعد بما أحسست به ولأصدق يجب أن أحس بنفس مشاعرك
هو : أنت تقولين أنك تحبين نفسك
هي : نعم
هو : إذاً .. كيف لا تشعرين بإحساسي هذا تجاه حبك انفسك
هي : نفسي .. انا .. لم أنظر لعينيها لتثير فيّ كل هذه المشاعر والأحاسيس ، ولم أسمعها تناجيني فأطرب لكلماتها المترددة منها .. وبالتالي لم أشعر أن كلامي ناقصاً
هو : بالله وكيف تحبين نفسك ؟
هي : أحبها لأنها نفسي ، فهي عندما تكتئب تراني منزوية في ركن من أركان الغرفة أو تراني ملقاة فوق سريري أبكي وأود لو أصرخ
هو : ولم كل هذا ؟
هي : لأفرّج عن نفسي
هو : لتفرّجي عن نفسك ! فكيف تشعرين عندما تغوص نفسك في حالة من الفرح والسعادة ..
هي : آه .. لا أستطيع الوصف .. الدنيا كلها لا تكاد تسعني ، أجدني من القوة والحيوية لأنطلق عبر المسافات والزمان ، أطير بعيداً بعيداً ، أدور حول العالم وأخرج من طوق الأرض .. ذلك السجن الكبير فأجد سعادة نفسي هناك بعيداً عن الأرض بعيداً في الآفاق .. في المجهول الممشوق .. في الإنطلاق الى رحابة الفضاء الواسع .. الكون اللانهائي .. الغاية الكبرى التي يسعى اليها الإنسان ، يؤمن فيها لنفسه حياة من البرزخ الأبد
هو : يا إلهي لا أكاد أصدق أنني أسمعك منذ لحظات وبعد اعترافي اليك بحبك ولا أسمع منك الا سؤالاً أو جواباً إن دل أيهما على شيء فإنما يدل عل عمق اطلاعك على الحياة ..
هي : هكذا حسبت أنت .. فلم أحببتني إذن .. ما دمت على غير علم بهذه الأمور ولم تريدني أن أسمعك وأنت تخبرني عن حبك ومشاعرك
هو : قد سمعت قولك ووجدته مكملاً لأحلامي ، ورأيت عينيك فأصابتني سهامهما .. فماذا أفعل غير الذي فعلت ، سهامك نافذة في قلبي ، من المستحيل إخراجها .. وإن خرجت تترك ورائها جرحاً قاتلاً ينزف عمري منه ، ولقد علمت محبتي لنفسي وسهامك في قلبي تهددها بالفناء وانا أحبها ولا أستطيع ترك السهام في مكان غرزها وفي ذات الوقت أي محاولة لإخراجها يصيب مني مقتلاً وهذا النوع من السهام لا يخرجه الا نوع واحد من العمليات ، والعملية يجب أن ينفذها شخص واحد فقط إنه نفس الشخص الذي أطلق سهامه عليّ فأغرزها في قلبي إنه انت دائي ودوائي وحياتي ... لا تنظرين اليّ هكذا .. نعم انت دوائي الوحيد .. هل أدركت ما أرمي اليه ..؟
هي : بدأت أتفهمك ، أنا بالنسبة اليك علاجاً أي الطبيب والدواء ، كيف أطمئن اليك وكيف أضمن بقائك معي بعد أن أشفيك بدوائي وألا تنسى طبيبك فتجحده حقه المتوجب عليك ..
هو : حقه ..! أيّ حق هذا الذي تتكلمين عنه
هي : أراك صرت لا تفهم ما وراء الكلام
هو : أفصحي أكثر قد أثرت هواجسي
هي : أثرت هواجسك .. أعلم هذا وأعلم أنني احب نفسي أيضاً ومعنى رضائي أن أكون الطبيب والدواء لك إنما يعني إنني أفعل الشيء القريب الى نفسي ..
هو : القريب الى نفسك .. إذن قد وصلت ..
هي : كلا لم تصل بعد ، عندما أقول القريب الى نفسي أعني أن التشخيص يجب أن يكون صحيحاً ليكون الدواء فعالاً في علاج الجرح
هو : قد شرحت لك حالتي بالتفصيل وبصدق
هي : نعم شرحتها بالتفصيل ودون حذر فوقعت وظهرت دلائل الغدر بين حروفك
هو : الغدر..! ماذا تقولين إن إنساناً يحب لا يمكن أن يغدر بحبيبه
هي : تقول أنني طبيبك ودوائك .. حسناً ولكن المتعارف عليه ان الطبيب ينصرف مشيعاً بكلمات الشكر وقابضاً في يده حقه .. أجر عمله ..
هو : هل تريدين أجرا
هي : نعم .. نفسي ، أريد نفسي
هو : أطلبي ما تشائين لن يصعب علي شيء بإذن الله في سبيل مرضاتك
هي : لست أريد الا شيئاً واحداً فقط
هو : عجلي وأخبريني به ، بت جدّ مشتاق لمعرفته
هي : أريد ضماناً وعهداً إذا أتممت علاجك أن تترك لنفسي الحرية
هو : لنفسك الحرية ، ولكنك حرة وأنا .. كلامي ليس الا رجاء وأملاً ، فلك حرية القبول وحرية الرفض ، أنت مالكة نفسك .. إنك نفسك
هي : هذا هو طلبي أن تترك لنفسي الحرية
هو : الحرية .. الحرية .. الحرية .. الحرية في أي شيء ولأي شيء .. لا أفهم
هي : في أن أقرر أنا ..
هو : ماذا تقررين ، إنك ترهقين أعصابي وتزيدين جرح قلبي
هي : أقرر .. أقرر .... أن ... أح .. بـ ... ك ..
هو : . تقررين ماذا ..؟ أعيدي عليّ ما قلت ثانية
هي : أقرر أن أحبك
هو : أنا .. أنا .. أنا .. موافق .. موافق وأبصم بالعشرة
هي : اتفقنا إذن
هو : نعم وأخيرا أرحتني ورضيت
هي : ما رأيك ؟ كيف تشعر الآن
هو : أشعر .. أشعر .. بشيء عظيم ، عظيم جداً
هي : صفه لي
هو : لا أستطيع
هي : بل تستطيع
هو : السهام السهام
هي : ما بالها السهام ، ماذا جرى لها
هو : لقد خرجت
هي : إذن فقد خرجت
هو : نعم
هي : إذن ليس هناك ما يربطني بك ، أستأذن بالانصراف
هو : تستأذنين بالانصراف
هي : نعم
هو : قبل أن أخبرك عما حدث لي بعد خروج السهام
هي : آه .. صحيح لم تخبرني
هو : السهام خرجت حقاً حقاً .. لكن حل مكانها شيء كبير كبير
هي : ماذا تعني
هو : قلبي لم يعد فارغاً .. إنه مسكون
هي : مسكون ..! مسكون بمن
هو : إنه أنت قد ملكته وسكنته
هي : أنا ملأته وسكنته
هو : نعم أنت يا غالية
هي : إذا بقيت تحفظني
هو : أحفظك .. الم أقل لك أنك نفسي وأنك أنا .. وهل أنا يستغني عن أنا ، كلا وألف كلا ومستحيل
هي : سأبقى.. أتحفظني ..!
هو : نعم أحفظك
هي : إذن سأعلمك بالقرار الذي توصلت اليه مع نفسي
هو : ........
هي : قررت أن أحـ .. أحب … أحبك …
هو : أشعر كأني أطير في هذا الكون الواسع ، لا أجد مكاناً واحداً يسعني .. أنا أنطلق .. أنطلق .. بعيداً الى الحياة
هي : هذا نفس ما أقوله عن حبي لنفسي ، كيف تردده أنت
هو : أردده لأن نفسك ونفسي صارتا واحدة ، نفساً واحدة ، ونحن الاثنان أبحنا كائناً واحداً ..
هي : أنا أنتظر .. ما هذا .. أشعر بأحاسيس غريبة تنتابني .. أشعر بحبك قوياً يتمدد فيّ وينتشر مسرعاً .. يا إلهي إنني أحبك أحبك أحبك بعنف .. نفسي أين راحت لا أجدها ، ما لدي منها حثالة ، إنه أنت فقط يا حبيبي ..
هو : حبيبتي حبيبتي
هي : حبيبي حبيبي ، إنك عظيم
هو : حبيبتي إنك أعظم بفلسفتك وعقلك ، بحبك ملكتني ... أحبك .. أحبك .. أحبك
هو و هي : الحب يجمعنا ، الحب جنتنا ، الحب سعادتنا ، الحب خلودنا ... سنحيا بالحب وللحب ، سنغرس في الأرض الحب ، الحب بذرة الخير الأولى ،
بذرة الحياة .