الارض الفلسطينية وطن الفلسطينيين وليس الوطن البديل
تاريخ النشر : 2022-06-21
الارض الفلسطينية وطن الفلسطينيين وليس الوطن البديل


بقلم: جهاد الحرازين

تخرج علينا بعض الأصوات النشاز بين الفينة والأخرى وتروج لفكرة الوطن البديل للفلسطينيين بدلاً من الأرض الفلسطينية، وهى الرؤية التي لا يزال بعض أقطاب اليمين الصهيوني يتحدثوا بها ويعملوا على الترويج من أجلها، من خلال استنفار بعض الأدوات للكتابة والحديث لإعادة إحياء فكرة الوطن البديل للفلسطينيين بالمملكة الاردنية الهاشمية، فهذا هو المشروع الصهيوني الاستعماري الذى يقوم على أساس التخلص من الشعب الفلسطيني وحل قضيتهم على حساب دولة شقيقة وشعب متجذر بأرضه وهويته، والإستفراد بالأرض الفلسطينية لصالح مشاريع الإستيطانية، وبسط السيطرة الكاملة على أراضي الضفة الغربية، حيث أن هذا الطرح والذي قوبل بالرفض المطلق فلسطينياً وأردنياً، وتمت مواجهته بكافة الوسائل السياسية والدبلوماسية والنضالية، مما جعله يتراجع ولا يُكتب له النجاح.

ولكن خرجت بعض الأصوات خلال الأيام الماضية لإعادة إنتاج مشروع الوطن البديل، وذلك من خلال ما يُسمى بخطة سياسية تم إفتراحها من قبل أحد الكُتَّاب والذي أراد أن يلقي الكرة فى الملعب الأردنى والفلسطيني، ويبريء الإحتلال ويزيل عن كاهله القضية الفلسطينية بكل تبعاتها، ولذلك إقترح ضم الفلسطينيين إلى المملكة الأردنية الهاشمية، والتمتع بجنسيتها وضم بعض المناطق بالضفة للسيطرة الأردنية مع الحفاظ على الجيوب الإسرائيلية في الضفة (المستوطنات والاراضى المصنفة ج)، وبالتالي تصبح جزءاً من دولة إسرائيل، ومنح سكان قطاع غزة الجنسية الأردنية وبذلك تنتهي المشكلة الفلسطينية بكل عناصرها من لاجئين وهوية وحرية انتقال وغيرها من الأمور الأخرى.

وبمعنى أخر التخلص من القضية الفلسطينية وتذويبها، وأمام هذا الطرح الخطير الذى يأتي إستكمالاً لمخططٍ كبير يُرسم في المنطقة لتغيير معالمها، والذي كنا قد تم تناوله مسبقا والتحذير منه، والمتمثل بإثارة الشغب والفتنة والفلتان بالضفة الغربية مما يدفع دولة الإحتلال للتدخل لبسط السيطرة الأمنية وتقويض السلطة الوطنية وإنهاء دورها والبدء بالتعامل مع كيانية صغيرة في قطاع غزة، على غرار دويلة ناقصة السيادة وتتبع لأحد الدول الاقليمية مقابل تسهيلات إقتصادية، والحفاظ على حالة الإنقسام الفلسطيني الذي نتج عن إنقلاب حركة حماس عام 2007، وذلك لأنه يقدم الخدمة الأكبر لدولة الإحتلال في تمرير مخططاتها الاستعمارية التي تهدف إلى تقويض حلم الوصول إلى إعلان الدولة الفلسطينية، وقتل فكرة حل الدولتين، وأمام هذه التحديات لا بد التأكيد على مجموعة من الحقائق التي يتمسك بها الشعب الفلسطينى وقيادته والمملكة الاردنية وقيادتها الهاشمية وذلك وفق التالى:

أولاً: دولة الشعب الفلسطينى على أرضه الفلسطينية، وفق خطوط الرابع من حزيران لعام 1967 وبسيادةٍ كاملة وحق تقرير المصير بعاصمتها القدس التي لا يمكن القبول ببديل عنها.
ثانياً: مشروع الوطن البديل مرفوض جملةً وتفصيلاً لدى القيادتان الفلسطينية والاردنية، حيث أن القبول به يُعد تجاوزاً للثوابت والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وإعتدءاً على المملكة الأردنية الهاشمية وسيادتها وشعبها، ولذلك لا يمكن القبول بمثل هذه الترهات والطروحات اليمينية الصهيونية ومن يحاول التبرير أو الترويج لهم.
ثالثاً: هناك علاقات مقدسة ومشتركة بين المملكة الأردنية الهاشمية ودولة فلسطين، وكذلك العلاقات التاريخية والاجتماعية والسياسية التى تربط الدولتان ببعضهما البعض بما يكفل إحترام وسيادة كلٌ للأخر، وعدم التعدي أو القبول بأيَّةِ إجراءاتٍ من شأنها المساس بسيادة الأخر، أو الإنتقاص والإعتداء على حقوقه وموارده، فلكل دولة الإستقلالية التامة بنظامها وشؤونها الداخلية والخارجية دون تدخلات قد تعكر صفو هذه العلاقات.
رابعاً: الشعب الفلسطيني وقيادته ممثلةً بالرئيس أبو مازن ومنظمة التحرير الفلسطينية ترفض أيَّة حلول تنتقص من حقوق الشعب الفلسطيني وثوابته الوطنية، وتحافظ على سيادة الدول وعدم التدخل بشؤونها الداخلية ورفض أيَّة مخططاتٍ تحاول حل القضية على حساب الغير وخاصة دول الجوار، فكما أسقط الرئيس مخطط صفقة القرن الذي كان يدعو لإقامة الدولة فى قطاع غزة وجزء من أراضي سيناء سيسقط أيَّة مشاريع أو مخططات تنادي بحلول على حساب الغير، ولذلك كان الموقف الفلسطينى بأن الدولة الفلسطينية تٌقام على الأراضي الفلسطينية فى الضفة والقطاع والقدس العاصمة.
خامساً: لقد جاءت المواقف الأردنية من قِبل جلالة الملك عبدالله الثاني داعمةً للموقف الفلسطيني في كافة المراحل، ومساندةً للقضيةِ والقيادة الفلسطينية، ومؤكدة على حق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره وحريته وإقامة دولته المستقلة بعاصمتها القدس على الأرض الفلسطينية.
سادساً: تعتبر القضية الفلسطينية قضية موحِدة للأمة العربية، وليست قضية مفرقة لهم، ولذلك نجد أن الموقف العربي الرسمي والشعبي ثابت تجاه القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني بالحرية والإستقلال، وليس بحلول بديلة تمنح الإحتلال الهدايا والمكافئات على جرائمه وإحتلاله للأرض الفلسطينية والعربية منها، وتعفيه من المسؤولية التاريخية وتحمل الأخرين هذه الأعباء أو تقدم حلولاً على حساب الأخرين.
سابعاً: يتطلع الشعب الفلسطينى وقيادته دوماً لحالة وفاق وتكامل عربي في كافة المجالات الاقتصادية والتجارية والصناعية والسياسية والاجتماعية والمدنية، بما يحقق للدول العربية وشعوبها المكانة والقوة والتطور والتقدم فى مصافِ الدول الكبرى .
ثامناً: تبحث فلسطين وشعبها عن الإستقلال وإنهاء الإحتلال وإقامة الدولة المستقلة على الأرض الفلسطينية في خطوط الرابع من حزيران لعام 1967 بعاصمتها القدس، كبقية شعوب الأرض والدول التي لها استقلالها وسيادتها الكاملة على أرضها، ولن تقبل بغير ذلك من خلال إلتزامها بقرارات الشرعية الدولية المتمثلة بمجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة والقانون الدولي والقانون الدولي الانساني.
تاسعاً: لقد حظيت فلسطين بإعتراف اكثر من 139 دولة بالعالم بدولة فلسطين عضواً بالأمم المتحدة بصفة مراقب وفقا للقرار رقم 19/ 67/ 2012، وبالتالي أصبحت منضمة لأكثر من 124 إتفاقية ومنظمة دولية، وقد ترأست أكبر مجموعة دولية "مجموعة ال77 والصين"، بما يعني أن هناك إعترافاً بوجود الدولة الفلسطينية على الأرض الفلسطينية الممتدة على خطوط الرابع من حزيران لعام 1967 والمجتمع الدولى بأسره يعترف بذلك.
وأمام هذه الحقائق نجد بأن تلك الخزعبلات والترهات والأحاديث والمخططات لن تجدي نفعاً، ولن تجد لها أذاناً صاغية، ذلك لأن هناك ثوابتاً وطنيةً وسياسيةً تحكم الجميع، والمواقف شاهدة على ذلك، وعلى من يحاول إعادة مثل هذه الطروحات البائدة والتي لن يكون لها قيمة أن يدرك بأن متانة العلاقات الأردنية الفلسطينية ورسوخها وتقديرها وحفاظها على بعضها أقوى من تلك المؤامرة التي تهدف لضرب وحدة الموقف الفلسطيني الأردني في مواجهة المخطط الاحتلالي، فلن تكون الأردن وطناً بديلاً للفلسطينيين، ولن يقبل الفلسطينيين بوطنٍ بديلاً عن فلسطين وأرضها، وهوية هذا الشعب الفلسطيني ستبقى فلسطينية..وستبقى العلاقات الأخوية وطيدة وستذهب مؤامرة ومخطط الوطن البديل ومروجيه والداعين له الى مزابل التاريخ.