من دفتر الذكريات – 21
تاريخ النشر : 2022-06-20
بقلم: ياسين عبد الله السعدي
فِرْية كادت أن تُحْدث فِتْنة - 1
قصة من الواقع كما رواها لي شخصيا صديق كريم تدلنا كيف يشعل العملاء الفتنة بين الناس.
أما الصديق الكريم فهو الأستاذ حسيب عبود وشقيق الشاعر الفلسطيني الكبير، خازن عبود، وصاحب مكتبة الجيل في سخنين - في الجليل.
قال لي الأستاذ أبو نبيل إنه في إحدى الليالي هجم (السخاننة) على البيت وهم يهتفون ضدي ويطالبون بإخراج الخائن اللبناني سعد حداد الذي تعاون مع الاحتلال الإسرائيلي عندما كانت إسرائيل تحتل الجنوب اللبناني ومؤسس جيش لبنان الجنوبي العميل لأن أحد الجواسيس المعروفين جيدا في سخنين بث هذه الفرية لإحداث الفتنة في مدينتي المشهورة بالتعايش الأخوي.
قال لي أبو نبيل: أصبت بالذهول فخرجت إلى الناس وحييتهم متسائلاً ومستغربا: ما ذا حدث؟ ما الذي أثاركم وأنتم تعرفونني جيداً وتعرفون أن والدي نمر عبود كان من أول رجال العمل الوطني منذ الانتداب البريطاني. أنا مضى علي أكثر من ثلاثين سنة معلما فهل لاحظ أحد علي شبهة أو سلوكا مريبا؟ تفضلوا أنتم واخرجوا سعد حداد الذي قيل لكم عنه إنه عندي.
قال أبو نبيل: تقدم مني شاب معروف في المدينة بحسن السيرة وصلاح السلوك وقال لي همسا: هذه الفرية بثها فلان بينما كنا نجلس في المقهى وصدقه بعضهم فاندفعوا متحمسين لأنهم ظنوا أنك كمسيحي استقبلت سعد حداد.
في تلك اللحظة حضر الخوري يوسف؛ خوري سخنين وهو رئيس لجنة الإصلاح في المنطقة كلها: سخنين وعرابة البطوف ودير حنا، ومعروف عنه أنه عندما يبدأ الحديث بمناسبة إصلاح يفتتح الحديث بالقرآن الكريم.
خاطب الخوري يوسف الناس مرتلاً الآية الكريمة: (يا أيها الذين أمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) الحجرات: 6 وتقدم بعض الشباب وراحوا يعتذرون ويرددون: الله يخزي العاطل. نحن آسفين يا أبا نبيل. نحن نريد أن تظل مدينتنا نظيفة من العملاء.
من مذكرات صديق -2
كتب الصديق الدكتور حاتم جرار: كنت سنة (١٩٦٦م) طالباً في جامعة الموصل في العراق، وقد زارنا في تلك السنة قنصل الإتحاد السوفييتي. في تلك السنة اكتشف عامل إتصالات بسيط بالصدفة خلال عمله الروتيني أضخم عمليّة تجسّس أمريكية على الإتحاد السوفييتي.
سأل أحد الطلبة القنصل: وماذا قٓدّمت الحكومة لهذا العامل مُكافأةً على عمله البطولي؟
أجاب القنصل: لماذا تُقٓدِّم الدولة مُكافأة له؟ إنّه قام بواجبه اتجاه بلده ووطنه، وهذا واجبه كمواطن شريف!!!
في البلاد العربية اليوم، إذا قام شرطي بمساعدة طفل لقطع الشارع، يقام له حفلة تكريم!
أقول، كم أصبح عمل الخير والواجب غريباً في بلادنا!!!!
من دفتر الذكريات: - 3
كنت أتابع عبر الراديو مؤتمراً صحفياً للرئيس المصري الراحل, جمال عبد الناصر، رحمه الله، قبل سنة 1967م.
رفع صحفي بريطاني يده يريد طرح سؤال وعندما سمح له بالكلام عرّف بنفسه بانه مراسل صحيفة الديلي تلغراف فضحك عبد الناصر فاستغرب الصحفي وسأل الرئيس: لماذا تضحك يا سيادة الرئيس؟ فقال له عبد الناصر لأني أطالع صحيفتكم أول الصحف في الصباح فإذا وجدتها تهاجمني في موضوع معين كنت أدرك إنني على صواب وإذا وجدتها تسكت ولا تتحدث عني كنت أراجع خطواتي وأفحص أين يكمن الخطأ.