أعبثًا نحاول !!
تاريخ النشر : 2022-06-18
بقلم: أحمد حامد السوسي

أعبثًا نحاول..
عبارة نقلتها عن احدى الصديقات الرائعات ..

تساؤل منطقى، من المفترض أن يطرحه العاقل قبل أن يخوض اى تجربة.
وخصوصا أن المجتمع مليئ بالتجارب المتنوعة والتى للأسف تحمل الكثير من النتائج المتشابهة، وأغلبها فعليا بما أننى قرنتها بالأسف فهى نتائج سلبية وغير مرضية.
دائما ما كنا ننسب النجاح أو الفشل للشخص نفسه، لعزيمته وارادته، لسعيه وطموحه، لقابليته وقدرته على الاستمرار.
لكن لم نفكر مرة بعد كل التجارب الفاشلة التى يمر بها مجتمعنا ان هناك عوامل اخرى يقع على عاتقها جزء كبير من هذا الفشل المتكرر.
فمجتمعنا وللأسف بكافة أطيافه - الا من رحم ربي - اعتاد على توقع النتائج السلبية قبل حدوثها، واتخذ من الاحباط والتقليل من الاشياء وعملة رسمية لتوضيح وجهة نظره التى لا تقبل احتمال الخطأ.
"ستفشل.. وسنتهى بك المطاف خاسراً" .. رد معتمد حتى دون أن توضح التفاصيل، دون ان تشرح الفكرة .

ما اسباب ذلك يا ترى ؟ لما يجزم الجميع غالبا ان ما تنوى فعله او اقتراحه سينتهى بالفشل الذريع ؟! لما يحاول الجميع تجنب خوض نقاشات منطقية فى قضايا او مشاريع او مواضيع مهمة قد تخدم الاشخاص والمجتمع ؟!
لما تبقى شماعة الظروف والوضع الاقتصادى الصدئة مليئة بمظاريف المقترحات المرفوضة؟!
هناك أسباب عدة لذلك، اهما:
1- الجهة المسؤولة أو السلطة المتحكمة أو أصحاب النفوذ يستفيدون بشكل مباشر من بقاء الوضع على ما هو عليه دون تطوير او تغيير او تبديل، حتى وان كانت استفادتهم الا يتعبوا عقولهم بالتفكير او يتعبوا أجسادهم بخوض التجربة.
2- الجمود الفكرى لدى الغالبية العظمى من أفراد المجتمع، وكأن عقولهم قد غطتها الأتربة وأصبحت غير صالحة للاستخدام، فاصبحت النمطية والتقليد هى سبيلهم الوحيد لتنفيذ اى فكرة، مبتعدين كل البعد عن الابداع والتجدد والتجديد، فبتنا نرى العديد من المشاريع المتشابهة فى مساحات ضيقة وبالتالي فشل متوقع ومنتظر لتلك المشاريع ما يؤدى الى تلك الحالة السائدة الان الظروف لا تسمح والوضع لا يسمح مع ان الحقيقة هى ان اضمحلال التفكير هو الذى لم يسمح.
3- فصل الشباب المثقف والواعى عن كل السبل المتاحة للتطوير والتجديد، وهذا ما نعانى منه للاسف منذ زمن طويل حتى بتنا نرى اصحاب الشهادات باعة متجولين، والحمقى والجهلة وكبار السن يمثلون الشعب ويصدحون على وسائل الاعلام ويمرحون فى المؤتمرات واللقاءات الدولية، ومن الممكن ان اقول اننى اتحدث عن الغالبية العظمى.
4-مؤسسات المجتمع المدنى تلعب دورا هاما فى موضوع انجاح الافكار المبتكرة والهادفة سواء على صعيد المؤسسة كجلب مشاريع داعمة للافكار والمقترحات الشبابية وطرحها بشكل صادق وحقيقى واستقبال تلك الافكار ومناقشتها بكل مصداقية، او حتى بفتح نافذه صغيرة من نوافذ عملها المتنوعة لاستقبال الافكار الابداعية والتطويرية ومحاولة دعمها او تنفيذها.
طبعا لا انفي وجود بعض المؤسسات التى تقوم بذلك ولكنها لا تذكر مقارنة بكم الافكار التى من الممكن ان تطرح.
5- الأحزاب والتنظيمات السياسية والتى من الممكن ان تكون الحاضنة الرئيسية للشباب المفكر الطامح، فالانتمائات التنظيمية موجودة فى كل بيت والغالبية العظمى من افراد المجتمع لهم ميولهم وانتمائاتهم التنظيمة ولا احد يستطيع انكار ذلك، لكن ما نراه واضحا ان تلك التنظيمات تتخذ اولئك الشباب كجسد عامل فقط واداة تنفيذ قوية لا تكل ولا تتعب متجاهلة وضاربة بعرض الحائط ان اولئك الشباب وهم فى أوج تفاعلهم نشاطهم يستحقون ان يكونوا فى اعلى الهرم التنظيمي يناقشون ويطرحون افكارهم ويساهمون بشكل فعال فى بناء مجتمع على اسس متينة وواعدة.

تلك الأسباب وغيرها تدفعنا لطرح ذلك التسائل " أعبثاً نحاول؟!؟ "
أيستحق منا هذا الوطن أن نقدم الغالى والنفيس وهو يحتضن المتخاذلين من ساداة هذا المجتمع وينصبهم رؤساء وقادة ؟؟
أم أنه يجب علينا أن نغلق ملف التطوير والابتكار ونركن عقولنا لى رفٍ أعلى خزانة الملابس القديمة، ونظل نكرر فقط " سمعاً وطاعة "
وعند أول محاولة حقيقية للبحث عن أفق جديد فى عوالم اخرى تنهال علينا الاتهامات بالخيانة والفشل والتقصير..
وتبقى الحقيقة الوحيدة فى كل ما يدور حولنا اننا فعلا "عبثاً نحاول".