مفتاح مفاتيح
تاريخ النشر : 2022-05-23
مفتاح مفاتيح


بقلم: شريف الرفاعي
مفتاحُ البابِ وكلِّ مستغلق. والجمع مفاتيحُ ومَفاتِحُ أيضاً ، كذا ورد في المعجم.

لا أعلم لماذا ألحت عليّ هذه الكلمة الحاحا غريبا منذ عدة أيام ، كلمة مفتاح و جمعها مفاتيح ، فقد كان في بيتنا بمخيم اليرموك مفتاحا قديما معلقا على جدار الصالون ، و كل من يراه من ضيوفنا كان يعلم أنّه رمز لمفتاح بيت جدي في فلسطين ، و أنّ هذا المفتاح سيستخدم يوما ما لكن متى لا أحد يعلم .

هي الفكرة اذا تنطلق من هنا ، مفتاح البيت في فلسطين ، لكنني خلال ست سنوات خلون ، حملت عدة مفاتيح معي و أنا منهمك للانطلاق من مخيم اليرموك بحثا عن الأمان لأسرتي ، كانت مفاتيح متعددة ، مفتاح البناء الخارجي و مفتاح شقتي و مفتاح بيت والدي ( رحمه الله ) و مفاتيح صغيرة اخرى لخزائن في البيت حيث احتفظ بأشيائي ، و هناك مفتاح خزانتي في مدرسة القدس حيث احتفظ ببعض الكتب و النشرات .

وحيث استقر بي و أسرتي المقام في مدينة أبناء الشهداء في ريف دمشق وضعت مفاتيح البيت و ما يرافقه من مفاتيح اخرى جانبا و حصلت على مفتاح جديد للغرفة حيث الاقامة المؤقتة .
طالت الاقامة بعيدا عن بيتي و مدرستي في مخيم اليرموك ، و خطر لي أن أعلق المفاتيح في الغرفة غرفة الاقامة الجديدة ، استبعدت الفكرة و قلت : لا ذلك الأمر سيذكرني ببيتي في اليرموك و ربما سيصيبني القلق و الفأل النحس ، لكنني كلما بحثت عن شيء في الحقيبة التي احتفظ فيها بأوراقي المهمة ، كانت يدي تصطدم بالمفاتيح ، أخرجها ثم احدق بها و أحاول أن اتذكر هذا لمفتاح لأيّ باب من الابواب أو الخزائن حتى في بعض الأحيان أنسى عن أيّ ورقة أبحث ، أغلق المحفظة و اتمتم بعض الكلمات المتفائلة و أمضي لشأني .

لا استطيع بعد ذلك الا أن اربط بين مفاتيح بيتي و ذلك المفتاح المعلق في بيت أبي ، كم كان يحمل هذا المفتاح من ذكرى لوالدي ، كم مرة نظر اليه و شعر بشعوري كما شعرت اليوم ، ليت الفكرة خطرت على بالي لأسأله قبل وفاته .

المفاتيح تلازمني دائما ، أحمل اليوم في مغتربي الجديد مفاتيح جديدة ، لاتشبه هذه المفاتيح مفتاح بيت جدي المعلق في بيت أبي بمخيم اليرموك ، و لا مفاتيح بيتي في مخيم اليرموك ، انها ثقيلة و غريبة .

حتى ذلك المفتاح الكبير الذي وضع على مدخل مخيم عايدة في فلسطين ذكرني بمفتاح بيت جدي المعلق على جدار بيت أبي ، و المفتاح الذي صنعه (عيسى مفلح ) أحد قادة الكشافة في مخيم اليرموك – رحمه الله - و كان مفتاحا كبيرا يرمز الى مفتاح العودة ، لم يغب عن بالي أبدا .

و ختام القول : لا أعلم هل سأستخدم مفاتيح بيتي بمخيم اليرموك ؟ و هل سأرى مفتاح بيت حدي المعلق في بيت ابي من جديد ، الأيام لها كلمتها .