ان لم يردعها العالم.. فمن يردعها؟
تاريخ النشر : 2022-05-18
ان لم يردعها العالم.. فمن يردعها؟


بقلم: خالد صادق

رغم حالة الاستنكار والشجب والغضب التي اظهرها العالم امام صور اعتداء الاحتلال الصهيوني على جنازة الشهيدة الراحلة الزميلة شيرين أبو عاقلة, والتي تركت اثراً سيئاً في نفوس الناس, وأظهرت بشاعة ذاك الاحتلال البغيض الذي بات يستبيح كل شيء دون وازع او رادع, بحيث لم يعد يهمه ردات الفعل الدولية على جرائمه, وبات يمضي بسياسة القهر والتسلط التي يمارسها بحق الفلسطينيين خاصة في مدينة القدس المحتلة, مهما كان انعكاسها سيئا عليه, لأنه يدرك ان سقف دول العالم والمجتمع الدولي لن يتعدى دائرة الشجب والاستنكار, واقوى من كل القوانين الدولية, ولا يعير الاحتلال اهتماما للمؤسسات الاممية والحقوقية والإنسانية فهي محكومة بعصا أمريكا وتديرها بمنطق القوة والمال, فحالة الردع لدى «إسرائيل» غائبة تماما, فلا احد يمكنه ان يردعها, ولا احد يمكنه ان يسائلها عما تفعل, وهى تعمدت المس بالمقدس, حتى ترسل رسالة واضحة للجميع انها فوق القانون, فقامت بإحراق المسجد الأقصى, وارتكبت مجازرها في الحرم الابراهيمي الشريف, وهى تواصل كل يوم اقتحام المسجد الأقصى على مرآى ومسمع من العالم اجمع, ثم أعلنت القدس بشرقيها وغربيها عاصمة موحدة «لإسرائيل» في تحدٍ سافر لقرارات مجلس الامن والأمم المتحدة, واعتدت على المقدسات الإسلامية والمسيحية, واظهرت نواياها بالتقسيم الزماني والمكاني للأقصى, وبناء الهيكل المزعوم على انقاضة, وحتى تظهر سطوتها على القدس, اعتدت على مسيرة التشييع للشهيدة شيرين أبو عاقلة, وقمعت المشيعين واعتدت عليهم بالضرب ومنعت المسيرة من التحرك الا بإزالة العلم الفلسطيني ووقف الهتافات والشعارات الوطنية.

ولكي يكتمل المشهد وتظهر الصورة بوضوح أقدم الاحتلال الصهيوني بالاعتداء على موكب تشييع الشهيد وليد الشريف الذي استشهد متأثراً بإصابته داخل المسجد الأقصى في الجمعة الثالثة من رمضان، وكان الشريف قد أصيب برصاصة معدنية في رأسه أدت الى تهتك في الجمجمة ونزيف حاد في الدماغ، خلال مواجهات شهدتها باحات المسجد الأقصى في (22 نيسان 2022). وتعرض الشريف للسحل من جنود الاحتلال، وتأخير تقديم العلاج له حتى دخل في غيبوبة الى ان اعلن عن استشهاده, وأُصيب اكثر من سبعين شخصا على الأقل، أحدهم مسعف، بجراح متفاوتة، نتيجة عدوان الاحتلال على موكب التشييع ونُقِل بعضهم للمشافي، فيما اعتُقِل العشرات، خلال مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال الإسرائيليّ في القدس المحتلّة.

وقد اقتحمت قوات الاحتلال الصهيوني المقبرة التي دُفِن فيها جثمان الشهيد وليد الشريف (23 عاما)، وقمعت مشاركين في تشييع جثمانه واعتدت عليهم بالضرب, خوفا من ان يكون الفلسطينيون قد شعروا بخوف «إسرائيل» وخشيتها من المجتمع الدولي بعد الاعتداء الفاضح على موكب تشييع الزميلة شيرين أبو عاقلة.

 وحتى لا يتبادر للأذهان وعلى قدر انملة ان «إسرائيل» تخشى المجتمع الدولي وتخشى الردع فأرادت ان تنتهك حرمة المقدس حتى لا تتغير الصورة القمعية في اذهان الفلسطينيين, ولا يظن احد ان هناك ما يمكن ان يردع «إسرائيل» ويجعلها تتراجع عن نازيتها وعنجهيتها ضد الفلسطينيين, فقط شيء واحد هو الذي يمثل حالة ردع للكيان الصهيوني, الا وهو المقاومة الفلسطينية التي يقع على عاتقها ردع الاحتلال فالمقاومة دائما تقول نحن أولياء الدم, ونظهر وقت الشدة.

ما نخلص اليه وفق ما يمارسه الاحتلال من جرائم على الأرض, انه لا زال لا يشعر ان القدس ملك خالص له, وان الفلسطينيين ينازعونه عليها رغم كل ما فعله لأجل حسم امرها تماما, وحتى لا يتسرب للإسرائيليين والعرب والمجتمع الدولي ان القدس لا زالت محل للنزاع مع الفلسطينيين وانها يمكن ان تعود الى الطاولة مجددا, لذلك هو يسعى لتغييب أي فعل وطني في القدس, لذلك تجده يرتكب الجرائم البشعة لإزالة علم فلسطين من فوق قبة الصخرة مثلا او من فوق اسوار القدس القديمة, او من على نعش الشهيدة الراحلة شيرين أبو عاقلة, ويعتدي على موكب تشييع الشهيد وليد الشريف لمنع هتافات الفلسطينيين لوطنهم او لمقاومتهم او للشهيد, وهذه الممارسات العنيفة التي يرتكبها الاحتلال سرعان ما تزول وتنتهي وتصبح بلا قيمة ان صمد الفلسطينيون في وجهها وقاوموها واصروا عليها.

فمواكب تشييع الشهداء من باحات الأقصى والقدس هي التي تؤكد على هوية المدينة واصالتها وامتدادها الحضاري, فهذا هو الذي يمكن ان يردع «إسرائيل» ويعيدها الى واقعها بانها قوة احتلال قهري تعيش على ارض اغتصبتها بقوة السلاح وهجرت أهلها منها بقوة القمع والمجازر البشعة, «إسرائيل» يجب ان تعيش هذا الهاجس بكل ما تحمل الكلمة من معني, ويجب ان تدرك ان كل فعل لها في القدس سيواجهه الفلسطينيون بكل قوة, فان لم يردعها العالم بقوانينه ومؤسساته الحقوقية والإنسانية, فان المقاومة التي أوقفت قرابينه, ومنعت مسيرة اعلامه, وكبلت يديه في فض المعتكفين داخل باحات الأقصى, قادرة على لجمه تماما, وهى تبقى قوة الردع الحقيقية في وجه الاحتلال, والقادرة على التعامل معه باللغة التي يفهمها.