مِن النَّكْبَة إلَى النكسة
تاريخ النشر : 2022-05-12
بقلم: خَالِد الزَّبُون
تِسْعَةَ عَشَرَ عَامًا مَا بَيْنَ النَّكْبَة والنكسة ، مَا بَيْنَ اللُّجوء
وَالتَّشْرِيد وَالْهِجْرَة إلَى الشَّتَات وَالْقَتْل وَالدَّمَار
وَالْأَرَامِل وَالْأَيْتَام وَالْجَرْحَى وَرَائِحَة الْمَوْت الَّتِي مَا
زَالَتْ تَطُوف مُنْذُ خمسة وَخَمْسِينَ عَامًّا وتحكي لُغَة الدَّم
وَالظُّلْم والاضطهاد وَالْغَضَب وَالْحَسْرَة
وَالْأَلَم وَالْبُؤْس وَالشَّقَاء وَالتَّنَقُّل بَيْن عَواصِم الْعَالِم ،
إلَى الْخَيْمَة والمخيم وَالْفَقْر وَالْجُوع وَالرَّحِيل إلَى مَلَكُوت
اللَّهِ دُونَ نَظَرِة أَوْ وَدَاعٍ لِأَرْض الْآبَاءِ وَالْأَجْدَادِ . .
لِصَوْت الْأَذَانِ عِنْدَ الْفَجْرِ وتراتيل وتسابيح تنَاجِي اللَّهَ أَنْ
يَحْفَظَ السَّمْرَاء وسواعد ابنائها يَخْرُجُون للحقل ويهتفون . .
هُنَا وُلِدْنَا . .
هُنَا سنموت . .
هُنَا زرعنا اللَّيْمُون ..
وقطفنا
البُرْتُقال والحنون ، ..
هُنَا بكينا وفرحنا..
وغنينا سَامِر وعتابا وميجنا . .
هُنَا قَرَعْنَا الْأَجْرَاس وَجُدْرَان الْخُزَّان ،..
وهزمنا جُنُود يهوشع...
وَمَا زِلْنَا نَسِير عَلَى أَكْوَام الرَّمْل وَالْجَمْر وَالرَّمَاد
وَالْحَجَر وَالطِّين وَالسَّوَاد الْمُتَوَشِّح فِي قُلُوبِنَا وعقولنا
وَأَيَّامٍنَا وَزَمَانِنَا وحياتنا . . . سِتَّةَُ أَيَّامٍ وَتَغَيَّر
التَّارِيخ وَبَكَت الجغرافيا بأشلائها الْمُبَعْثَرَة والمصلوبة فِي ذَاكِرَة
النِّسْيَان وَيَد تَنْقُش جُرْح النَّكْبَة والنكسة وَالْأَحْلَام
الْمَسْرُوقَة وَبُيُوت الصَّفِيح وَالْعُيُون الْحَائِرَة وَأَكُفّ تَرْفَع
إلَى السَّمَاءِ وَعَجُوزٌ نِصْفُهَا الْآخَرُِ يَحْرُس
شَجَرَة الزَّيْتُون وَخُبْزَ الطَّابُون وَالْوَرْد وَزهْرَة بيلسان عَلَى
السَّاحَات وَتَرَقب زخات الْمَطَر وَصَوْت البَرْق وَالرَّعْد وتَرجل
الْفُرْسَان وتجاعيد الْعُرُوق المتشققة وَهَرِم الرُّوح وَالرَّحِيل
بعذابات الْأَرْضِ إلَى . . الأَجْيَال . . إلَى الْأَبْنَاءِ وَالْأَحْفَاد .
، إلَى علار والقبو والمالحة وَعَين غَزَال والطنطورة ويافا وَحَيْفًا
وَعَكَّا . . إلَى الْمِفْتَاح بِيَد غَرِيقٍ عَلَى شواطئ اسْبانِيا و
إِيطالِيا مَنقوش عليه سنعود يَوْمًا إلَى صَفَدَ وَالْجَلِيل وتل الصَّافِي
وَبَيْت عطاب وَرَأْس أَبُو عَمَّارٍ وَدَيْر الْهَوَى وَبَيْت نَتِيف وَدَيْر
الشَّيْخ وَدَيْر يَاسِين ، سنعود فِي دُرُوب العذابات وَقَلْب الْفَلَّاحِين
وَعَزَائِم الرِّجَال وَقَمْح الصبايا وملامح العَتَبَة وَالدَّار تَقُص
الرِّوَايَة و الْحِكَايَة . . حِكَايَة الوَطَن وَالعَوْدَة والأسلاك
الشَّائِكَة . . .