وداعاً شرين أبو عاقلة الشهيدة البطلة
تاريخ النشر : 2022-05-12
وداعاً شرين أبو عاقلة الشهيدة البطلة
سمير دويكات


وداعاً شرين أبو عاقلة الشهيدة البطلة

بقلم: سمير دويكات

الحزن والموت زارنا اليوم، وتسمرنا تائهين، بفاجعة استشهاد الصحفية شرين ابو عاقلة، لم نستطع استكمال اليوم، وكأن الساعة توقفت هناك عند الساعة السابعة من هذا اليوم، فور تناقل خبر استشهاد شرين، وكان القيامة بعثت بوصاياها للجميع، وقبل باستشهاد فواز حمايل، وفاجعة موسى وولده اشرف، وقبلها عشرات الشهداء، فقد كانت ايضا فاجعة استشهاد الدكتور عيسى برهم، من اكبر المصائب وابواب الحزن التي مررت بها طوال حياتي، ان تعيش اللحظة مع انسان رائع، وفجأة يأتيك الخبر بإعلان الموت، هي قمة الحزن والفراق، هي ابلغ رسائل الدنيا الى الاخرة بلا انذارات او تباليغ او اخبار مسبقة.

اليوم كما باقي ايامنا نفجع ايضا باستشهاد الشاب ثائر خليل اليازوري في مدينة البيرة بعد دقائق من استشهاد شرين، انه الموت الذي يصنع بآلة الحرب الصهيونية، بآلة القتل التي لا ترحم ابناء شعبنا، كل يوم هناك قصة قتل ورواية حزن، كانت تغطيها شرين وتنقلها، لهذا وجد اليوم التضامن الكبير والاستنكار الواسع لقتلها بدم بارد. في زقاق المخيم الذي شهد اعدامات ميدانية كثيرة وفي يوم واحد سجل العشرات في مراحل النضال، فكان المكان الذي تحب والمكان الذي تمارس به اشد واخر المهن الموجودة في فلسطين لأنها في مواجهة مباشرة ومستمرة مع الاحتلال الصهيوني.

نستيقظ كل يوم خائفين مرعوبين متوقعين ان يكون هناك اعتقال او قتل او جرح لأي شاب او فتاة او رجلا او امرأة، في كل الميادين والمدن والقرى والمخيمات عنوان القضية الفلسطينية، هو احتلال وارهاب له روايته السافلة الخبيثة وله اعلامه المهزوم وله قوته الطاغية، هي ارض محتلة، وهي فتاة صحفية غامرة في الحياة محبة لمهنتها، بشوشة الوجه والعقل، ناقلة لحقيقة وآلام شعبها، متيقظة على مسيرة النضال المستمرة منذ عشرات السنوات نحو القدس مدينتها، انه القول الأبلغ هو قولها ونقل خبرها وروايتها الصحفية، فمهما قلنا وكتبنا وسطرنا لن نكتب مثلها ولن نروي القصة بقوة صوتها وجسدها الممد على الارض والذي كشف زيف هذا الاحتلال، فلم تستطع رد جسدها، وبقي على حاله لحظة السقوط الاولى.

هنيئا للشهداء الموت احياء عند ربهم يرزقون، نحن ابناء فلسطين، نشر بغصة في القلب والجسد في الارض والسماء، فيسقط منا كل يوم شهيد واكثر، والحوار مع الصهاينة يصبح مستحيل، ومنطفئ الى الابد، وحان الوقت ان تبتعد كثيرا على مجون التنسيق معهم، عن حوار الطرشان، ان نصنع الموت فيهم كما هم يصنعون الحزن فينا.

هي ليست العاطفة التي حركت فينا كل شيء اليوم وامس وكل يوم، ولكنها مسيرة الاحزان والموت المفجع الذي تربص بنا في كل مكان وفي كل زمان، والذي استمر في قتل ابناء شعبنا، على الرغم من استمرار التنسيق والحوار الصامت على بوابات المدن وكان هذا الاحتلال رسائلهم من السماء، لا والف لا انه الموت المسجى كل يوم لأبناء شعبنا لأطفاله ونسائه وشبابه.

وامام عجز السان والحال، وداعا شرين ابو عاقلة وداعا فواز وعيسى وموسى واشرف وكل الشهداء، وعند الله الملتقى بإذن الله.