الترقب عن كثب للحظات الأخيرة بقلم خالد صادق
تاريخ النشر : 2022-01-04
الترقب عن كثب للحظات الأخيرة

بقلم: خالد صادق

مسيرات تضامنية مع الأسير البطل هشام أبو هواش المضرب عن الطعام في سجون الاحتلال الصهيوني منذ 141 يوما، المسيرات انطلقت في غزة والضفة والداخل الفلسطيني المحتل وتحديدا في مدينة ام الفحم، ومسيرات في المخيمات الفلسطينية في بيروت, ودعوات لمسيرات تضامنية مع الأسير أبو هواش في الأردن، فكرة اللهب تكبر وتزداد اشتعالا, والاحتلال وحده يتحمل تبعات سياساته تجاه الاسرى الفلسطينيين وعليه ان يدفع ثمن حماقاته, ومن المرجح ان تشهد الساعات القادمة حراكا اكبر في الشارع الفلسطيني, فالشعب الفلسطيني يترقب عن كثب اللحظات الأخيرة التي تضعنا امام خيارين, الخيار الأول هو التوصل لاتفاق مع اسرة الأسير هشام أبو هواش بالإفراج عنه وفك هشام اضرابه المفتوح عن الطعام, والخيار الثاني هو استمرار الاحتلال في تعنته في ملف الأسير أبو هواش وانتظار اللحظات الأخيرة للإعلان عن استشهاده لا سمح الله, والدخول في معركة مع فصائل المقاومة الفلسطينية غير مضمونة النتائج وفيها مقامرة كبيرة من الاحتلال, ولن يتحكم الاحتلال في مسار المعركة ولن يحدد بدايتها ونهايتها وستبقى الكلمة ببدايتها ونهايتها للمقاومة, وبالتأكيد ان الاحتلال نفسه يتخبط, وهو لا يدري اين تسوقه الاحداث, لان حكومة نفتالي بينت الهزيلة قد تسقط في اية لحظة, وهى تعايش على ميزان التوازنات حتى الان, بعد ان اخذ نتنياهو على عاتقه مهمة اسقاطها في اقرب وقت ممكن.

الحقيقة ان المشهد كله يظهر فيه بطل واحد, يعجز اللسان او الكلمات او قصائد المدح والثناء عن التعبير عنه, البطل هو هشام أبو هواش نفسه الذي يقف على حافة قبره, وحياته مهددة في اية لحظة, الا انه يرفض انهاء اضرابه المفتوح عن الطعام حتى تتحقق مطالبه, فهو لا يريد ان يسجل اخفاقا واحدا في المعارك التي خاضها الاسرى الإداريون ضد السجان الصهيوني واستطاعوا ان يسجلوا نقطة البداية لحريتهم وانتزاعها من بين انياب السجان, هشام ومنذ إعلانه الاضراب المفتوح عن الطعام ايقن ان معركته شاقة وصعبة لأنها تحمل خيارا واحدا هو خيار الانتصار, وقبل هشام ان يمضي بمعركته وفق محددات النصر والنصر فقط, ونحن مطمئنون تماما لانتصار الأسير البطل هشام أبو هواش وانتزاعه لحرية, وندرك انه يملك من اليقين والإرادة ما يجعله يخوض معركته حتى الرمق الأخير, هشام وهو نائم على سريره بين الموت والحياة يدرك ان هناك رجالا يقفوا معه ولن يتركوه, يعلم ان أخاه خضر عدنان يقود مسيرات تضامنية معه في كل مدن الضفة, ويعلم ان الأمين العام للجهاد الاسلامي القائد زياد النخالة وفصائل المقاومة الفلسطينية, لن يتركوه وحده يواجه الاحتلال, وان الاسرى اغلى ما نملك وفداهم الروح والنفس, ويعلم ان شعبه الفلسطيني الحر لن يقبل بان يقامر الاحتلال بحياة الاسرى وسيخرج الى الميادين للتضامن معه, وهذا هو الزاد الذي يغذي روح الأسير البطل هشام أبو هواش.

هل تعتقدون ان هشام أبو هواش يخشى الموت, لو كان هشام يخشى الموت لما اقبل عليه بإرادته, فهو حر ويبحث عن حريته ويبذل الغالي والنفيس لأجلها, انما من يخشى موت هشام هو الاحتلال, لأنه يعلم ان استشهاد هشام لا سمح الله يعني انه سيدفع ثمن هذا الفعل الاجرامي, لذلك لم تتوقف اتصالات الوسطاء لحظة واحدة لان الاحتلال يبحث عن مخرج للمعضلة التي وضع نفسه فيها, وهو لا زال يكابر بعدم اتخاذ قرار بوقف الاعتقال الإداري بحق الأسير هشام أبو هواش لأنه يخشى الاستمرار في الإضرابات الفردية للأسرى الإداريين لأجل انتزاع حريتهم, والاحتلال عليه ان يعلم ان معركة الاسرى الإداريين لن تتوقف ما لم يتوقف الاحتلال الصهيوني عن سياسة الاعتقال الإداري, فالاحتلال الصهيوني مارس سياسة الاعتقال الإداري بحق الفلسطينيين منذ احتلاله لفلسطين عام 1948م بعد ان توارث هذه الجريمة من قوانين الانتداب البريطاني على فلسطين , واسقاط سياسة الاعتقال الإداري أصبحت واجباً وطنياً على الجميع ان يأخذ دوره لمساعدة الاسرى الفلسطينيين المعتقلين إداريا على اسقاط سياسة الاعتقال الإداري, ووقف عبث الإسرائيليين الأشرار بحياة الاسرى والمقامرة بمصائرهم, وهذا يتطلب توافقا وطنيا, وتحمل الجميع لمسؤولياته تجاه الاسرى, وعلى المؤسسات التي تعنى بالأسرى الفلسطينيين ان تأخذ دورها بالتنسيق مع الفصائل الفلسطينية في قيادة المسيرات الشعبية لنصرة الاسرى والوقوف لجانبهم.

ما يضعف الحراك الشعبي للتضامن مع الأسير هشام أبو هواش, هو موقف السلطة الفلسطينية التي تعترض المسيرات التضامنية مع الأسير, وتقوم بمنع المتضامنين من التجمهر والوصول الى مقار الصليب الأحمر للتعبير عن الموقف الرافض للصمت المريب من الصليب الأحمر تجاه ممارسات الاحتلال التعسفية بحق الاسرى, وتحديدا الاسرى الإداريين, ولا تدرك خطورة الوضع للأسير البطل هشام أبو هواش, الذي يصرخ بأعلى صوته, يصرخ بألآمه ومعاناته, يصرخ بجوعه وعطشه وامعائه الخاوية, يصرخ بإعيائه وانفاسه الأخير المتلاحقة التي تبحث عن متنفس للحياة , هشام يصرخ في وجه الجميع هل من مغيث؟ ونحن نترقب عن كثب تلك اللحظات الاخيرة.