الكلب المسعور بقلم إبراهيم شواهنة
تاريخ النشر : 2021-12-02
الكلب المسعور          بقلم إبراهيم شواهنة


الكلب المسعور          

بقلم: إبراهيم شواهنة

عندما تصاب الكلاب بداء " اسمه داء الكلب " فإنها بلا شك تصبح كالنمور والذئاب بل أشد ضراوة ووحشية.

القصة ليست هنا .. بل قد تكون أعمق وأشد إيلاما حين تتضح حقيقتها ومغزاها.

لقد ابتلينا في شرق أوسطنا ..بكلب مسعور .. أطلقه وتركه في أرضنا "بلفور الملعون" وترك ... له العنان في أرضنا .. فراح ينهش كل من يقف بطريقه .. ولم يقف الحد به إلى "النهش" ..
وجرح كل من يعترض طريقه ... كيف لا وهو كلب مسعور لا تخفى عليه شاردة ولا وارده .. يقف على ناصية الطرقات تجده في كل مفترق وعند كل حاجز .. يعوى على الماره .. ويتفلت من عقاله الوهمي ..فهو حر سائب يجول في أرضنا من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها.

لم يترك ولا عائلة إلا وقتل منها واحدا .. بأسنانه الحادة وشراسته التي لا وصف لها.

لم تنفع معه الحجارة ولا المقاليع ..ولا (النبيطة) .حتى ولا السلاح الناري ..حتى السموم القوية هي الأخرى لم تنفع معه ..فقد استشرى وتجذر في أرضنا .. وصار يهاجم القوافل المجاورة ..ويقتل كل من يظن أنه من جنس عربي .. فقد تسلط علينا نحن الأمة التي تسد الشمس بجحافلها وأسلحتها .. التي لا نبدي شجاعتنا إلا على بعضنا البعض .. فصار العربي يقتل أخيه العربي .. من أجل كسب رضى هذا الكلب المسعور ..وصار يعمل على أفساد العلاقات بين العائلة الواحدة حتى صار الكل يغزل له ناعما حتى يسلم من أذيته.

ويوم عن يوم .. صار الكلب المسعور ..أقوى وأشرس من سالف عهده ..فصار كلما حشر في زاوية وأجمع القوم على الاجهاز عليه يهاجم بأساليب جديدة متطورة ..فلم يعد يستخدم أسنانه في العض والنهش ..فقد أصبح لدية أقوى ترسانة في شرق أوسطنا ..وحشد جيوش من الكلاب المثيلة له ..وأصبح يحتل قرى وهجر وبلدان.

ويستوطن الأرض ويهلك الحرث والنسل .. وكل من حوله لا يجد الحيلة للخلاص منه .. وتخليص الدنيا من شرورة ومصائبه التي يخلفها ورائه . وفشلت كل المحاولات منذسنين ..وتوالت الايام والشهور والكلب المسعور يزداد شراسة يوما عن يوم .
لم يشهد التاريخ شراسة مثل شراسة هذا الكلب الذي تركه لنا البلفوري اللعين الانجليزي المستعمر.

كبرت أحلام هذا الكلب ..وإزدات طموحاته فصار ينظر إلى ثروات جيرانه من النفط والغاز .. وأدعى بأنه صاحب الحق في التنقيب عنها .. ولا يجوز لكائن من كان أن يستخرج كنوز أرضه إلا بإذن منه ..ناهيك عن الاحلاف والاتفاقيات التي عقدها مع كلاب مثله ليأمن مكرهم وشرهم ..فربطهم بعهود وعقود وسمح لنفسه بنودا يحق له الأخلال بها والتنصل منها متى رغب وشاء .
أي كلب هذا ..لم أرى بحياتي أشرس من هذا الكلب ..واليوم ونحن على أعتاب حقبة زمنية جديدة نشهد قطعان من الكلاب تجوب مدننا وقرانا وهجرنا ..مدججة بإسلحة متطورة ..فإسلحة النهش والعض باتت قديمة ..لا تسمن ولا تغنى من جوع ..مزرعة من الكلاب الشرسة تمتد على كامل أرضنا ..منتشرة هنا وهناك ..تماما كالسرطان الذي يستشري في أوصال هذا الوطن المقطع ..وأزيدكم من الشعر بيتا ، لقد أصبح لهذا الكلب أصدقاء من أبناء جلدتنا وعمومتنا، وأصبح يضرب بإسمهم ويستمد قوته من قوتهم ويحاول الأستقواء بهم ، فصاروا كلابا مثله ، حين تحالفوا معه وعقدوا راية الصلح معه ورفعوا له الراية البيضاء.

فما أكثر الكلاب في زماننا ، الكلاب الشرسة والمفترسة ، والتي لا تمت للوفاء بصلة ، فلقد كنا نعتقد أن من صفات الكلاب الوفاء ،في حين تحولت الكلاب في هذا الزمان إلى ذئاب كاسرة مفترسة، تفتك بمن حولها من محيطنا إلى خليجنا .. كلاب بشرية
متخفية بثياب البشر .