القرار 181 لعام 1947 واليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني بقلم د. ثائر العقاد
تاريخ النشر : 2021-11-30
القرار 181 لعام 1947 واليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني 

بقلم د. ثائر العقاد

يصادف اليوم الذكرى الـ74 لصدور القرار الأخطر في تاريخ القضية الفلسطينية ( القرار181 لعام 1947م)، والذي بموجبه تم زرع كيان يهودي في فلسطين على ما نسبته 56% من الأراضي الفلسطينية، مع دولة عربية ، ووضع القدس وبيت لحم ضمن نظام دولي خاص ترعاه الأمم المتحدة .

هذا القرار الذي يُعرف بقرار تقسيم فلسطين إلى دولتين يهودية وعربية مع وضع نظام خاص للقدس، صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بموافقة 33 دولة، ومعارضة 13 دولة، وعشر دول امتنعت عن التصويت.

ولو بحثنا في مدى قانونية هذا القرار من وجهة نظر القانون الدولي، لوجدنا فيه مخالفة صارخة لعدد من المبادئ القانونية الدولية المستقرة، ومن أهمها:

·       القرار فيه مخالفة واضحة وانتهاك جسيم لصك الانتداب البريطاني على فلسطين، والذي أقرته عصبة الأمم في عام 1922، حيث يقتصر دور الدولة المنتدبة على فلسطين ( بريطانيا)،  في العمل على تهيئة وترسيخ الاستقلال السياسي لدولة فلسطين، وإقامه كيانه المستقل والخاص به.

·       مخالفته الصريحة لحق الشعوب في تقرير مصيرها ، وهو الحق الطبيعي والإنساني الذي نص عليه ميثاق الأمم المتحدة( الفقرة الثانية/ المادة الأولى)، ومن قبل عصبة الأمم، فهذا القرار ينتهك هذا الحق، عبر قيام الجمعية العامة ببحث مصير شعب آخر، وهو حق غير مخول لها نهائياً، فلا تملك حق إنشاء دول، ولا تملك حق انتزاع أراضي دولة لصالح كيان آخر (إسرائيل)، وهذا ما ورد في الفقرة الرابعة من المادة الثانية من الميثاق.

ولكن بريطانيا عملت على عكس ذلك، من خلال تحالفها الوثيق مع الصهيونية العالمية منذ وعد بلفور في عام 1917، وتجاوزها صلاحياتها كسلطة انتداب الواردة في صك الانتداب، من خلال تسهيل الهجرات اليهودية لفلسطين، ومنح الحماية للعصابات الصهيونية لتنفيذ جرائمها ومخططاتها الهادفة لتهجير الشعب الفلسطيني.

·       القرار 181 أخطر بكثير من وعد بلفور، فالوعد تضمن وعداً بإنشاء وطني قومي لليهود، ولكن القرار خلق الدولة وشرعن وجودها الدولي والقانوني وحدد حدودها ونسبتها(56%) على أراضي شعب آخر حرم من تقرير مصيره .

·       ومن دلائل أهمية هذا القرار نجده منصوص عليه في وثيقة استقلال إسرائيل لعام 1948، وفي قرار قبول عضويتها في الأمم المتحدة لعام 1949 بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 273 لعام 1949 والذي قبل عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة بعد توصية مجلس الأمن بذلك بشرط تطبيق القرارين 181 لعام 1947، والقرار 194 لعام 1948، والذي ينص على عودة اللاجئين الفلسطينيين وتعويضهم وإعادة ممتلكاتهم، ومع ذلك لم تلتزم إسرائيل بشروط عضويتها، ولم تنفذ الالتزامات الدولية، وثبت على الدوام أنها دولة غير محبة للسلام ولا راغبة فيه من خلال انتهاكاتها المستمرة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وضربها بعرض الحائط كافة القرارات الدولية، مما يستدعي مراجعة عضويتها في الأمم المتحدة.

وبرغم ما حمله هذا القرار من ظلم تاريخي بحق الشعب الفلسطيني، وسلبه لجزء كبير من أرضه، فإسرائيل لم تلتزم بهذا القرار، الذي يخول مجلس الأمن صلاحية النظر في كل محاولة لتغيير التسوية التي ينطوي عليها هذا القرار بالقوة ويعتبرها تهديدا للسلام، أو خرقاً له، أو عملاً من أعمال العدوان بموجب المادة 39 من الميثاق، ومع ذلك لم يُفعل هذا النص.

وفي عام 1977، قررت الجمعية العامة اعتبار يوم 29 نوفمبر/ تشرين الثاني من كل عام يوماً للتضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني بموجب قرارها (40/32)، فهل كان هذا القرار بمثابة تعويض ولو بشكل جزئي عن الظلم الفادح الذي لحق بالشعب الفلسطيني،  حيث تضمن  في فحواه جملة من الحقوق للشعب الفلسطيني، ومنها:

-        حقه في التمثيل السياسي له، من خلال اعتبار منظمة التحرير ممثلاً له.

-        حقه في تقرير المصير، والاستقلال الوطني والسيادة الوطنية.

-        الحق في العودة.

على الرغم من أهمية ذلك ، وما تمخض عنه ، فلم يؤدِ إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع ولم تعاد جزء من الحقوق المسلوبة للشعب الفلسطيني، وظل هذا اليوم على الرغم من إقراره منذ عقود يوماً للخطب والشعارات فقط.

وبقيت قرارات الأمم المتحدة، ورغم ما فيها من تجاوز خطير لنصوص الميثاق وظلم للشعب الفلسطيني، مجرد حبر على ورق، ولم تستطيع أن تكبح جماح الغطرسة الإسرائيلية وتلزمها بتنفيذها.

الخلاصة الأمم المتحدة أوجدت إسرائيل وشرعنت وجودها وتركتها تخالف وتنتهك حتى قراراتها، وبعد ذلك بعقود أوجدت لنا اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني من أجل إلقاء الخطب والشعارات بالظلم التاريخي الواقع علينا.