البكاء في حضرة الوطن بقلم إبراهيم شواهنة
تاريخ النشر : 2021-11-30
البكاء في حضرة الوطن             بقلم إبراهيم شواهنة


البكاء في حضرة الوطن 

بقلم: إبراهيم شواهنة

صدقوني من قال هذا المثل كان محقا فيما قال : لا محبة إلا بعد عداوة .... يعني لتحب إنسان عليك أن تخلق معه أشكالا وفي نهاية الأشكال ستكون أنت وهو أصحاب بل أحباب ..

لم اقتنع بعد بفكرة المثل .حتى اللحظة .......كيف للبشر أن يصبحوا أحبة وأصحاب بعد أن تقع العداوة بينهم ..لكن وحسب اعتقادي أن من قال هذا المثل .. قد " مرمطة الزمان " ومرغ بأنفه الأرض ..وجعله يحتاج إلى عدو قديم فإخترع هذا المثل ليخفف عن نفسيته أثر الآذلال ..

ما أستطيع نصحك به هو الآتي: إذا اضطرك الزمن لأن تجعل من عدو قديم "صديقا"، ..

لا تضاعف حماقتك وتجعله صديقا مقربا، وإذا كنت تصدق الحكيم الذي قال "أبق أعداءك على مقربة منك"، فيبدو أنهم لم يخبروك كيف تم قتله، ولا من الذي ظل "يغرفه" حتى الموت؟ مع كل سطر متطرف تخسر معتدلاً، ومع كل سطر منصف تخسر متطرفاً، ومع كل سطر جريء تخسر محافظاً، ومع كل سطر متزمت تخسر جريئاً، ومع كل سطر تكتبه من غير التفكير فيمن ستخسره، ستكسب نفسك.


تبدأ الشيخوخة حين يعتقد الإنسان أنه قادر على إقناع من هم أصغر منه سناً، بأهمية أن يحولوا "السفّ" من غاية إلى وسيلة. ـ الحقيقة مثل الشمس. ولذلك اخترع الإنسان "نظارات الشمس". ـ أشياء كثيرة قالها السلف، في بدايات حياتهم، اتضح الآن أنها كانت أكاذيب أو ضلالات ذهنية حادة أو "تهيؤات"، ليس من بينها أن الجن والعفاريت سيتعجبون من أحوالنا اليوم وعلى ما آلت إليه ظروفنا ، فالثابت والمؤكد أن حلوقهم انشرخت من فرط التعجب. ـ لست من الذين يتعاملون باستخفاف مع الموت وأخباره. ومع ذلك، لم أستطع منع نفسي من الضحك، حين قرأت في صفحة الوفيات نعياً كتبه زملاء أحد الموتى بتأثر بالغ، لدرجة أنهم نسو مراجعته، فتم نشره منتهيا بعبارة تقول "وندعو الله أن يخمده برحمته". ـ تطورات الواقع العربي أعادت ترتيب قصيدة الشعر العربي داخل عقلي، فأصبحت كلما سمعت من يقول: "إذا الشعب يوما أراد الحياة"، أكمل البيت قائلا "يَعِش أبد الدهر بين الحُفَر". ـ كنت أستمع بالصدفة إلى خبير استراتيجي يتحدث زاعقاً عن حروب قادمة يتكهنون هو وزملاؤه من اللواءات العاملين والمتقاعدين في نهبنا..فكريا ، فتذكّرت جدي، ، رحمه الله، فقد كان له "لزمة" فريدة في ذكائها وخفة ظلها، كان كلما سمع أحداً يجيب سيرة "الحروب وحضارة السبعتلاف سنة"، يقول بجدية شديدة: شوفوا هالمجانين ...بلاد مبيوعة ".وأين هو الشعب الذي اراد الحياة .. لقد كنت يا ابا قاسم الشابي واهما حين قلت شعرك الذي استخف به جيل السوشيل ميديا .واصحاب السراويل ذات الخصر الساحل. ـ كادت أخبارالمعتقلين وصرخات أحبابهم وأسرهم تخنقني كمداً....حين كنت أقف في وقفة احتجاجية على ما يلقاه المعتقلون والاسرى في سجون الظلم والعدوان ، ـ لعلك لن تجد كلمة تعرضت للإبتذال مثل كلمة (ابتذال الانسان وامتهان كرامته ). ـ الحياة فعلاً يوم لك ويوم عليك، لكن المشكلة أنك دائما في اليوم الذي لك، تتذكّر أن اليوم التالي سيكون عليك، فتضيع فرحتك به، وفي اليوم الذي عليك، تنسيك شدة الفرح ... وقسوة المعاناة أن هناك يوما قادما سيكون لك هذه احوال البلاد والعباد تسوء يوما عن يوم ..ولا بارقة أمل ..كل شيىء في ذهني .. يتحول من الرمادي نحو الآسود .حين رجعت ورأيت -بأم عيني وأبيها ..وجدها ..وكل عائلة عيني ..حتى الجد السابع ..-

 المستوطنات التي غطت كامل ارض الضفة الغربية ضربت كف بكف يائسا ..أين ستقوم الدولة ....خسرنا كل شيىء ..رغم أننا لم نقاتل ولم نخض الحروب .... حين صارت حياتنا ....روتين قاتل .. وصباحات متشابهات صباحات معتمة ....والشمس التي انتظرناها تأخرت ..نحن بين فكي "كماشة " ..كطعم لا نستطيع بلعه يقف ويغص في حلقنا ..لم نعد نحتمل .. مل صبرنا ...