حالة الترهل العربي بقلم إبراهيم شواهنة
تاريخ النشر : 2021-11-30
حالة الترهل العربي           بقلم إبراهيم شواهنة


حالة الترهل العربي           

بقلم: إبراهيم شواهنة

أستميحكم العذر .... أن يكون عنواني هذا، فيه تعميم، وأن أطلق عنان كلماتي كيف ما تشاء.!...فهو أقل تعبير يمكنني أن أطلقه على حال امتي العربية .. النائمة ، فهي تأخذني دون أن أكون عليها حارسا، أو أفرض عليها وصايتي، أو أحاول أن أخفف وطأتها على القارئ، حتى لا تكون عبارتي أقرب إلى الدبلوماسية والمداراة، في زمن باتت الدبلوماسية والمداراة أقرب إلى الكذب إن كانت الحالة تدعو إلى الصراحة دون أي مواربة، لهذا قررت أن أضع النقاط على الحروف، لأسلم المعنى عاريا كما ولدته أمه للقارئ أو هكذا أتمنى أن يصل المعنى، علني أستطيع أن أصف حالة الترهل المطلق الذي يعيشه المجتمع العربي....حالة مخزية معيبة مندية للجبين ... " والله عيب علينا " ونحن أمة المليار عربي ومسلم ..أن يحدث لنا هذا الترهل ..وهذا العجز ..الشبيه بحالة الموت السريري الذي لا أمل فيه ولا رجاء .. الكل يدفن رأسه في رمل الترهل والضياع ..ويقول .. نفسي نفسي ...لكن من المسئول عن هذا الترهل ..ومن أوصلنا لهذه الحالة المعيبة ؟؟.
لكن تعالوا معي .. نستعرض حالتنا المخزية .. ونعود للوراء لزمن خلى وعقودمن السنين خلت ..

فلقد جنينا على اللغة كثيرا وحبسناها في معنى ضيق ومترهل، وآن لها أن تنطلق من عقالها، حيث لا رجعة.

فلنبدأ باللغة المتجردة من المعنى المتحيز، لأنها هي من تعطيني المعنى، المقارب لوصف حالة الترهل.

فمعنى رهل في لسان العرب «الرهلُ الانتفاخ حيث كان، وقيل هو شبه ورم ليس من داء، لكنه رخاوة إِلى السمن، وهو إِلى الضعف، وقد رهِل اللحمُ رهلا فهو رهِل اضطرب، واسترخى وفرس رهِل الصدر قال العُجير السلولي، فتى قُد قد السيف لا مُتآزِف ولا رهِل لباتُه وبآدِلُه ويروى لزينب اخت يزيد بن الطثرِية وأصبح فلان مُرهلا إِذا تهبج من كثرة النوم وقد رهله ذلك ترهيلا، والرهل الماء الأصفر الذي يكون في السُخد، والرِهل سحاب رقيق شبيه بالندى يكون في السماء».
لاحظ معي كلمات الانتفاخ، الضعف، رخاوة، اضطراب، المذكورة في التعريف كلها مفردات تصب في معنى الترهل، فحينما نجمعها في جملة واحدة مع تغيير وإضافة بعض الأحرف لها نخرج بهذه الجملة، - المنتفخ بضعف مضطرب فيه رخاوة -، هل في ذلك شك أن الإنسان المنتفخ الضعيف يعاني اضطرابا تكتشف رخاوته في أول اختبار حقيقي تضعه فيه؟

فنحن لاعوام مضت نعاني من تلك الرخاوة والضعف ..وكنا نظن أننا نملك مقومات القوة ..فالبغض يقول نملك ثروة قومية هي ثروة النفط ..فقد برهنت الحادثات على أن النفط .فقط لأصحابة وأن الهم العربي لا يعنيهم بشىء ..وأن مقولة بلاد العرب أوطاني أكذوبة وكلمة للاستهلاك .. اليومي ..فكل دولة عربية من محيطنا إلى خليجنا ..رهينة تحالفات من الامبريالية والمستعمرين ..تلك الحالة كفيلة بأن تجعل من الامة "أمة مترهلة " مترفة بالمال والنفط والغاز..لكنه فقط لغاية حاجات وغايات في نفوس "يعقوبهم وسامهم "


إن اتفقت معي أظنك سوف تكمل قراءة هذا المقال، وإن لم تتفق، وضعفت لديك الرغبة في إكماله، على الأقل لا تهجوني على الطريقة العربية المترهلة من كثرة حالة الانتفاخ الرخو، التي تجمع كل مفردات الهجاء دفعة واحدة دون أن يكون بينها رابط يشخص الحالة المنقودة كما هي، لا كما تمليه عليك ذاتك المنتفخة حد الإسراف.

ومن هنا أدعوك لأن تتأمل المجتمع العربي من أقصاه إلى أدناه، ألا ترى معنى الترهل المذكور في لسان العرب، وبالأخص في مفرداته الأربعة التي ذكرناها آنفا: انتفاخ، ضعف، رخاوة، اضطراب، العنوان البارز والظاهر عليه، المجتمع العربي لدينا يعيش حالة الترهل، في أكثر من صورة وعنوان.

إنه يتحدث ويناقش ويجادل في قضايا لها قرون وقرون، ودائما نقده إياها بنفس المنطق القديم، وفي كثير من الأحيان بذات المفردات أليس هذا ترهلا، دون أن يتجاوزها وفي نفس الوقت تشكل لديه مصدر انتفاخ وضعف ورخاوة واضطراب، وكأن التاريخ ينتظره حتى يفرغ من هذا الجدل القيم، ليعاود حركته.؟!!
إنه منطق مترهل، اختار أن يكون منتفخا ضعيفا، على أن يقدم تنازلا في سبيل أن يتجاوز حالة الاضطراب والرخاوة التي يعاني منها، وحتى تكون الصورة أكثر وضوحا، هذا الترهل لا يخص جماعة دون أخرى، بل حتى «المثقف الليبرالي» الذي يبدو كأنه يتحدث، في معزل عن الموروث القديم، ويحمل عناوين ظاهرها جديد، هو شريك في حالة الترهل هذه، علم بذلك أم لم يعلم، لأن الترهل ما هو إلا حالة انتفاخ كاذب تمر بها المجتمعات في معزل عن حركة التاريخ، إلا ترى أن المثقف لدينا، متأخر عن هذه الحركة؟

من هنا حتى تعود لنا الحركة المنسجمة مع منطق التاريخ، يجب علينا أن نتجاوز هذه الحالة التي باتت تتحرك في اللاوعي لدينا بصورة آلية، من كثرة ما شكلت ثقافتنا ووعينا، وكأنها أصل في أي حركة، وهي العبء الذي لم نتجاوزه بعد.. لا ولن نتجاوزه .. مهما فعلنا ... وحاولنا أن نوهم بعضنا البعض بأننا أمة عربية ذات رسالة خالدة .وأن البعض منا قد إرتمى في حضن دولة الأحتلال وعلى أثر ذلك أصبحنا أمة منافقة .

.. وكاذبة .. ولن أطيل عليك عزيزي المثقف العربي ..ولن أحملك هم أمة لا تريد أن تحترم نفسها ولا شعوبها .. فهي أمة استخفت بنفسها .. فهانت على العالم من حولها .. واعتبرت في عداد الشعوب الميتة . ساحتها مستباحة كما هو الحال في سوريا والعراق ..وليبيا واليمن ..
 
ففي سوريا ..وضعت تركيا يدها على أرض سورية في الشمال .. وكذلك أمريكا التي انزلت قوات لها في الشمال السوري ..وكما هو الحال لروسيا ..التي أنشئت قواعد لها على الآراضي السورية .. وإسرائيل التي تبتلع فلسطين شبرا شبرا..وكما هو الحال في العراق ..حيث تلمح امريكا إلى أنها باقية على الآراضي العراقية إلى ما شاء الله ..

فهل من صحوة عربية ..تعيد إلى الآذهان ..أيام العرب الآولى ..تلك الآيا م الخوالي ..حين كانت الأمة في كامل هيبتها ..وجبروتها .. وفي ظل تلك المعطيات نوشك أن نفقد الأمل في وعينا كأمة سوف تنهض من سباتها العميق