الإعلام وسلوك القطيع.. فن قيادة الخِراف إلى المذبح بقلم د. محمد عمارة تقي الدين
تاريخ النشر : 2021-11-23
الإعلام وسلوك القطيع.. فن قيادة الخِراف إلى المذبح
بقلم د. محمد عمارة تقي الدين


الإعلام وسلوك القطيع: فن قيادة الخِراف إلى المذبح

بقلم: د. محمد عمارة تقي الدين

"إن معرفة فن التأثيرعلى مُخيلة الجماهير تعني معرفة فن التحكم بها"، هكذا يصف                                                المفكر الفرنسي جوستاف لوبون في مؤلفهالرائع(سيكولوجية الجماهير) فن إدارة القطيع عبر التوجه بالحديث إلى عاطفتهاوقلبها دون عقلها، وهو الأمر الذي تعاظم تأثيره في أيامنا هذه في ظل الانتشارالواسع والتطور الهائل في وسائل الإعلام.

 إذ تكمن خطورة تلك الوسائل الإعلامية في مقدرتهاعلى حشد جموع كبيرة من الجماهير وراء فكرة ما وتأييدها بشكل مطلق مهما كانتسلبيتها، ومن ثم دفعهم للتصرف من دون تفكير لإنفاذ هذه الفكرة في عالم الواقع بغضالنظر عن العواقب من ورائها، وكأن ما تقوم به هذه الوسائل الإعلامية هو من قبيل عملياتالتنويم المغناطيسي، ولكن خطورتها أنها لا تتم بشكل فردي وإنما في شكل تنويمجماعي.

ومن ثم يتشكل العقل الجمعيبمفهومه السلبي الذي يتسم بالانصياع الأعمى والانقياداللإرادي والانسياق اللاواعي خلف الأيديولوجيات المختلفة بتجلياتها الدينية أو الطائفيةأو القومية، فهي إذن عملية تغييب تامة للوعي الإنساني، وتعد جماعات العنف مثالاًصارخاً على هذا السلوك، إذ يخلع الفرد المنتمي لها عقله على عتبات الجماعة لتتلبسهحالة متفاقمة من الخضوع والإذعان التام.

وفي هذا الشأن يشرح إميل دوركايمفي نظريته "قهر العقل الجمعي" كيف يقهر هذا العقل الجمعي الإنسان ويُخضعهله بشكل مطلق فيصبح واحدًا من القطيع، فهي إذن قوة آمرة أو سلطة قاهرة، تجبر الفردعلى الانصياع التام لها والتقليد الأعمى لسلوكها، أو ما يُسمى بالجبرية الاجتماعيةوفقاً لدوركايم.

وعليه تنشأ مجموعة من الخصائصالتي تُميز الجماهير التي تسير في شكل القطيع وهي: القابلية للتحريض المتسرعوالعنيف ضد العدو الذي اختلقه لهم قائد القطيع، السذاجة وسرعة تصديق ما يطرحه قائدالقطيع من فكر دون تمريره على العقل، اللجوء للعنف وتبني الحلول الجذرية، المبالغةفي العواطف والدفع بها إلى حدها الأقصى ومن ثم خفوت التفكير العقلاني وصولاً لدرجةالانطفاء التام.

وفي مجتمع القطيع، وكمايذهب البعض، يفقد الفرد فرديته بشكل مطلق ويذوب في المجموع ويتماهى معه بشكل تام فيبدوشخصاً آخر ذو سمات شخصية وسلوكية متناقضة تماماً مع سماته الحقيقية، فهو في الواقعوبعيداً عن القطيع نجده يفكر بعقلانية ومنضبط المشاعر والسلوك، أما في الحشد وداخلالقطيع فهو ينزع نحو الانفعالية والتطرف في السلوك والمشاعر لأقصى درجة متخيلة،فها هو عقله وقد أقاله تماماً، بل قتله بدم بارد وذهب به إلى ثلاجة حفظ الموتى.

وهو ما دعا مارك توين لأنيحذرنا من مغبة الانجرار وراء القطيع، إذ يقول: " كلما وجدت نفسك منجرفاً فيطريق الأغلبية دون تفكير، فعليك أن تتوقف دون تردد وتغير اتجاهك في التوواللحظة".  

يُعرِّف البعض عقلية القطيعأو سلوك القطيع  (Herdbehavior) بأنه:" الميل السلوكي عند الأفراد لاتباع رأي الجماعة التيينتمون إليها دون تفكير، فسلوك القطيع هو اتباع الفرد سلوك الجماعة التي ينتميإليها دون التفكير فى منطقية هذا السلوك، فهو تنازل الفرد طواعية عن عقله المستقلالواعى ليتبع غيره باعتبار أن هذا الآخر هو أكثر فهما ودراية منه"، ويطلقونعلى قائد القطيع المحرك الكُلي، وخير مثال على ذلك حركة أسراب الطيور المهاجرة، أوحركة مجموعات الأسماك عبر البحار، وكذلك قطعان الحيوانات في الغابات.

وهي في منهجها وآلية عملهاتتبع واحدة من المغالطات المنطقية، وهي مغالطة التوسل بالأكثرية أو مغالطة عربةالفرقة، وتقوم على افتراض صحة ما يقوم به أو يفعله أو يؤمن به أكثر الناس فما دامتالأكثرية تفعل ذلك فهو بالضرورة صحيح وذلك حسب هذا المنطق المغلوط، فهي تعتبر موقفالناس بديلا عن الدليل المنطقي، فمعظم الناس يميلون إلى الأخذ بالسائد والمنتشركونه الأسهل لهم والأقل خطورة، ولكنه فعل ينطلي على خطأ منطقي كبير، فهل يمكنللمرء أن يدعي أن التدخين مفيد للإنسان، لمجرد أن أعداد ضخمة من البشر يفعلون ذلك؟

إن أول من أطلق هذا المسمى(سلوك القطيع) هو عالم الأحياء هاملتون، إذ أكد أن :" كل عضو في مجموعة مايخدم نفسه بالدرجة الأولى حيث يقلل الخطر عن نفسه بالدخول مع الجماعة والسلوكبسلوكهم هكذا يظهر القطيع بمظهر الوحدة الواحدة، حيث يتبع الفرد الأضعف أو الأقلنفوذاً من هم أقوى منه وأشد نفوذاً"، فالسيف المُسلط على رقاب الجميع أن من يخالفالجماعة سيعرّض نفسه إلى الهلاك، ومن ناحية أخري فالقطيع دائماً وأبداً ما يكون لديهخوف من قطيع آخر مُعادٍ له.

ويُعد المؤرخ الفرنسي جوستافلوبون من أبرز من تعمَّقوا في بلورة ملامح هذه الظاهرة وكيف يكتسب الفردداخل المجموعة صفات جديدة ومتناقضة تماماً مع طبيعته الحقيقية، إذ يرى لوبون أن :"العقل الفردي يختلف عن العقل الجمعي (عقل القطيع) في التفكير, فالأول قد يصل إلىقرارات منطقية, ولكنه إذا انجرف مع العقل الجمعي فقد يتصرف بصورة سلبية, وعلى هذاالأساس يمكن أن توجد هوة سحيقة بين عالم كبير وبين عامل بسيط على المستوى الفكري",ولكن في ظل الجموع وتحت سطوة تأثيرها فإن الاختلاف معدوم غالباً, إذ ينصهروا فيكتلة واحدة مُستجيبين بشكل أعمى لما يدعوهم إليه قائد القطيع.

كما يؤكد لوبون أن الشيءالذي أدهشه وأدهش معه كثير من المتخصصين هو: كيف أن الجماهير قد تماهت مع الفاشيةوالنازية في إيطاليا وألمانيا أكثر دول أوروبا تحضراً ولماذا لم يستطع عصر التنويربما أحدثه من ثورة علمية وفكرية أن يمنع ذلك، ومن ثم انقادوا خلف قائد القطيعبإعجاب منقطع النظير.

ويرى جوستاف لوبون أنالتفكير النقدي هو عقبة كأداء تحول دون الانخراط في الجماهير اللاواعية وداخلالحشد، لذلك فقادة القطيع من محركي الجماهير لا يتوجهون بحديثهم أبداً إلى عقلهاوإنما إلى قلبها وعاطفتها.

تأسيساً على أطروحات لوبونفإن الفرد المنضوي في الجمهور يكتسب بواسطة العدد المتجمع، وكما يقول :" شعوراًعارماً بالقوة ويزداد العنف لديه مبالغة وتضخيماً بسبب انعدام المسؤوليةوالاطمئنان لعدم المعاقبة، ففي الجمهور يتحرر الأبله والجاهل والحسود من الإحساسمن دونيتهم وعدم كفاءتهم وعجزهم ويصبحون مجيشين بقوة عنيفة وعابرة ولكن هائلة ".

تلك هي بعض النتائج الرائعةالتي حاول من خلالها جوستاف لوبون بعبقريته توصيف سلوك القطيع وطرائق توظيفه، وكمايؤكد الدكتور عبد الفتاح إمام فقد :" أدرك كثيرون آلية عمل غريزة القطيع تلكفاتجهوا إلى مخاطبة مشاعر الناس لا إلى عقولهم، واكتسبوا التأييد من خلال تعطيلالعقل وإلهاب المشاعر وإثارة الحماس بالخطب واللافتات والشعارات الكبرى"، ولعلأكثر من استطاع توظيف هذا السلوك على الإطلاق هو الزعيم النازي أدولف هتلر، كذلكجماعات العنف والإرهاب في عصرنا الحاضر.  

الملاحظة المركزية هنا أنالإنسان دائماً وأبداً ما تتنازعه قوتان، فعندما تكون قوة الجذب المركزي (سلوكالقطيع)  أقوي من قوة الطرد المركزية(العقل الفردي) هنا يصبح الفرد جزءاً من القطيع، غير أنه عندما يحدث العكس وتصبحقوة الطرد المركزية (العقل الفردي) أقوى من قوة جذب القطيع له يبقى الفرد محافظاًعلى عقلانيته واستقلاليته بعيداً عن القطيع.

ولا نريد أن نغادر هذهالفكرة من دون الإشارة إلى العظيم يوجين يونسكو ورائعته الأدبية"الخرتيت"، وهي المسرحية التي من خلالها استطاع التعبير عن مخاوفه منسلوك القطيع كظاهرة تفشَّت بشكل وبائي في أوروبا مع رواج الأطروحات النازية والفاشيةفي الثلاثينيات من القرن المنصرم، فالقصة التي تطرحها المسرحية أن إحدى المدن تشهدظاهرة غريبة جداً وهي تحول الناس لخراتيت، باستثناء شخص واحد يحاول الصمود في وجههذه الظاهرة رافضاً الخرتتة، قائلاً وبأعلى صوت: " لا أريد أن أصبح خرتيتاًكباقي القطيع"، فهي صرخة أطلقها يونسكو معلناً رفضه لتلك الظاهرة داعياًالإنسان للحفاظ على النزعة الإنسانية والأخلاقية والعقلية الكامنة داخله.

وقد جاء اختيار يونسكو لحيوانالخرتيت تحديداً لاتصافه بالحمق وقصر النظر والغباء والتهور وضيق الأفق وهي ذاتهامواصفات فرد القطيع، ومن ثم يحذرنا يونسكو من القابلية للخرتتة كنزعة كامنة لدىالشعوب من شأنها أن تُخرِجها وقت انحطاطها الحضاري.

لقد أظهرت نتائج دراساتعملية أُجريت لتفحُّص الأنشطة المُخيِّة في حالة خضوع الفرد للعقل الجمعي وسطوةالقطيع، أن المشاركين يبدلون اختياراتهم التي اهتدوا إليها عن اقتناع عقلي عندمايجدونها تتعارض مع رأي المجموعة، لأن هذا يعطيهم شعوراً بالراحة،فهو يجنبهم ألم الإبعاد والخوف من النبذ الاجتماعيويعفيهم من تبعة اتخاذ القرار وتحمل المسؤلية، إذ في حالة تبنيهم آراء أوسلوكيات مخالفة فإنه تنتابهم مشاعر الخوف وهواجس الاستبعاد من الجماعة، يقول فريدريكنيتشه في سخرية تامة من هذا الفعل:" هل تريد ألماً أقل؟ انكمش إذاًوكن جزءاً من القطيع"،فهو تعطيل شامل للعقل الفردي وإبطال لكل ملكاته.

والإعلام الحالي، وبخاصةالمُؤدلج منه، من شأنه أن يقود إلى ترسيخ سلوك القطيع، إذ يتبع ذات الاستراتيجيات:التوظيف الديني أو التوظيف القومي العاطفي لخدمة أيديولوجيته، تضخيم التفكير التآمري،والقطيعة مع العقل والتفكير العقلاني، العداء الشديد للآخر عبر شيطنته بشكل تام، طرحالعنف المفرط والفوضوية كحل نهائي لكافة القضايا.

 لذا فكثير من الخبراء يُطلقون على غريزة القطيع" العربة المعصوبة "  التي تسيرفي طريق مجهول المسالك وبعشوائية فليس لها عقل بل هناك من يتحكم بها فيحركها حسبمايشاء ووفقاً لأجندته وأيديولوجيته أو مصالحه الخاصة.

والمُثير في الأمر أنه فيظل تنامي هذا السلوك فإن الفرد المستقل فكرياً والرافض للانخراط في سلوك القطيعيتم النظر إليه باعتباره عدو حقيقي للجماعة ومُهدِداً لوحدته، ومن ثم يُتهمبالخيانة وعدم الولاء، ليجد نفسه بين خيارين أحلاهما مُرّ: إما الاستمرار فيممارسة استقلاليته وهو ما يُعرِّضه لخطر محدق، أو الانضمام للقطيع ومن ثم فقدانهذاتيته، وبمرور الوقت ترتفع داخله القابلية للانقياد ويخفت التفكير الواعي لديهلأقصى درجة، هنا تتسع دائرة القطيع لتلتهم كل معارض لها وتستوعبهم داخلها.

ولا شك أن قول فرعون لقومه:" ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد" ، هي محاولة منهلقطعنة الشعب، بل إن ما بعد الحداثة ومحاولة تنميطها للبشر ليسهل توجيههم وقراءةتطلعاتهم وأحلامهم هى أمور تصب في ذات الاتجاه، كما أن الجماعات الارهابية هي خيردليل على توظيف سلوك القطيع في قيادة أتباعها بشكل واسع، بل إن سلوك عامة الناس وقتالحروب وفي الاضطرابات وعند الشعور بالخطر، وكذلك في سوق الأسهم هي أمثلة شاهد علىفجاجة سلوك القطيع.

ومن دون شك فإن تعقيداتالحياة المعاصرة من شأنها أن تزيد تلك الظاهرة (سلوك القطيع) تفاقماً، إذ يقودالتشوش وعدم اليقين في كل شيء نتيجة لهذا التعقيد إلى لجوء الناس للعقل الجمعيطلباً للمساعدة، إذ يفقد الأفراد قدرتهم على تحديد السلوك المناسب أو اتخاذ القرارالصائب نتيجة التضخم المعرفي وسيولة الأحداث المحلية والعالمية، وبدافع افتراض أنالآخرين من متخصصين أو مشاهير وغيرهم يعرفون أكثر منهم حول هذا الموضوع فيلجأونلتبني وجهات نظرهم وسلوك سلوكهم، هنا تكون قد اتسعت دائرة القطيع.

بل إن المستهلكين يلجأونإلى الأخذ بآراء الآخرين ويميلون إلى تصديقها ومن ثم اتباعها عندما يشترون سلعةما، وهو السلوك الذي  توظفه وسائل الدعايةجيداً عبر الترويج لأن منتجهم يشتريه كثيرون بل ومن بينهم عدد معتبر من المشاهيروالذي يجرى استئجارهم لهذا الغرض الترويجي.

الأمر المخيف أن وسائلالإعلام الحالية ومع التطور الهائل الذي حدث لها واستخدام تقنيات ومؤثرات بالغةالتطور وعالية التأثير، ومن ثم أضحت قدرتها على ممارسة الخداع والتزييف قدرة هائلة،وهو ما مكنها من توظيف هذه المغالطة المنطقية على نطاق واسع، فها هي وسائل التواصلالاجتماعي كمنصات الفيسبوك وتويتر وغيرها تتبع آلية سلوك القطيع عبر نشر الشائعاتوالأخبار المفبركة والفضائح المفتعلة، فيقوم الأفراد بإعادة نشرها دون تأكد من صحةما يتم ينشره، فقط لأنه يعتقد أن من كتبه أو نشره قبله هو أكثر علماً منه، ما زادالأمر مأساوية هو إمكانية تخفي الفرد خلف شاشة ولوحة مفاتيح صغيرة دون أن تظهرهويته الحقيقية، فيقوم بإعادة النشر مرات عديدة، تماماً كما في الحشد الواقعي علىالأرض الذي لا قيمة فيه للفرد أو لهويته الفردية، بل الكل منصهر في الحشد أو كتلةالقطيع، كما أن الحشود على مواقع التواصل الاجتماعي قد تنزع  دون وعي منها إلى التعتيم على الأجندة الحقيقيةللمجتمع، عبر آلية (المنع بواسطة العرض)، وقد تسهم في تشويه وعيه بدرجة كبيرة عبرتبديل أولوياته، والأمر سيكون في غاية الخطورة إذ أن تلك الظاهرة، وكما يذهب كثيرمن المتخصصين، مرشحة بقوة لأن تنتقل من فضاء الإنترنت إلى أرض الواقع.

الملاحظة المركزية هنا،والتي يجب أن نعيها جيداً، هي أن خصائص وسمات الحشد لا تعادل بأية حال مجموع خصائصأفراده، فمجموع خصائص أفراده قد يكون فاضلاً وعاقلاً، إلا أنها داخل الحشد تنقلبللنقيض، وهنا تكمن الخطورة. 

إذن،وفي التحليل الأخير، فإن الإعلام بصيغته الحالية يقود إلى ترسيخ سلوكالقطيع في الوعي الجمعي، لذا لا تسر أبداً خلف القطيع ولا تتَّبع سلوكه، فهي حقاًواحدة من أهم آليات تزييف الوعي رواجاً وذيوعاً في وسائل الإعلام، إذ داخل القطيعيغيب العقل تماماً وتحكم العاطفة.

ما يضاعف مأساتنا أن الفردالمستقل فكرياً داخل مجتمع القطيع يتم النظر إليه باعتباره عدواً للمجتمع ومهدداًلوحدته ومن ثم يُتهم بالخيانة وعدم الولاء، أما الفرد المندمج داخل القطيع المُنقادلمن يعتقد أنهم أكثر فهماً وعلماً منه، فتخفُت ملكة التفكير النقدي والمناقشةوالتساؤل والقدرة على التجاوز لديه، لنجد أنفسنا أمام إنسان الإذعان الذي جرىتدجينه ليصبح حبيس ارتهانات واقعه البائس.

من أجل هذا يتحتم تنميةثقافة الانشقاق الفكري بمفهومه الفلسفي القيمي والقدرة على الخروج من أسر القطيعلشق مسارات جديدة للأوطان، عبر إعمال آلة العقل في حدودها القصوي، فهذا هو الإنسانكما خلقه وكرَّمه الله حُراً مستقلاً ومفعماً بالإرادة، إرادة التجاوز التيمكَّنته من بناء الحضارة الإنسانية وإرساء دعائمها.

وفي النهاية دعنا نردد معوليم شكسبير قوله:" حشد العقلاء أمر مُعقد للغاية، أما حشد القطيع فلا يحتاجسوى راعٍ وكلب".