كتاب شكر حمساوي لبريطانيا العظمى
تاريخ النشر : 2021-11-23
كتاب شكر حمساوي لبريطانيا العظمى
حمدي فراج


كتاب شكر حمساوي لبريطانيا العظمى 

بقلم: حمدي فراج
 
بريطانيا "العظمى" التي لم تصبح عظمى الا من خلال احتلالها العالم تقريبا في قاراته الخمس ، ما زالت تتماهى مع تاريخها الاسود بحق شعوب الكوكب ، بما في ذلك القتل حد الابادة وسرقة ثروات الغير وسن القوانين العنصرية والفاشية ، بما في ذلك قوانين الطوارئ والذي يعد الاعتقال الاداري الذي تمارسه اسرائيل اليوم ضد المناضلين الفلسطينيين احد أهم مكوناته اللا انسانية.

تطاول هذه الدولة على فلسطين وشعبها ، لم يبدأ باستعمارها "انتدابها" ، ولن ينتهي باعتمادها حماس منظمة ارهابية ، بل عندما بلغت من التجبر والتوحش والتنصل من قيم الانسانية حد ان تمنح فلسطين لأعدائها ، ما فعلته امريكا ترامب بمنح القدس كلها عاصمة ابدية لهم.

إن ما اعلنته مؤخرا ضد حركة حماس ، اعلنته مسبقا ضد كل حركة فلسطينية مقاومة لكيانها الذي سعت لاقامته قبل ما يزيد على مئة عام ، وبدلا من ان تذهب لاعادة تقييم موقفها المعّر والمخزي بمناسبة مرور مئويته الاولى ، تتمادى وتوغل اكثر وأكثر في محاربة تطلعاتنا ، انها باختصار تريدنا مستسلمين ، تريدنا ان نذعن لارادة هذا الكيان الاحلالي العنصري ضاربة بكل قيم الحضارة والحرية والتمدن والتقدم التي تتلمظ بها قولا ، وتتنصل من حده الادنى إزاءنا ، فعلا.

ما لا تعرفه بريطانيا ، انها بمثل هذا القرار ، انما منحت حماس ، ورقة أخرى نحو التفاف الشعب الفلسطيني وشعوب الامة حولها ، ذلك ان هذه الشعوب لها تجربة مباشرة مع هذه الدولة المستعمرة ، فقد قيل انها كانت تعاقب بالاعدام من تجد بحوزته رصاصة او بندقية ، وها هي اليوم تخرج حركة مقاومة خارج قوانينها فتحكم على كل من والاها بالسجن اربعة عشر عاما.

انها دعوة لحماس ان تستمر في نهجها الصحيح ، لطالما ان بريطانيا العظمى تراه خاطئأ ، انها دعوة ان تواصل حماس تطوير مواقفها الايديولوجية ، وبقدر ما تعمق انها حركة تحرر وطني ، تنأى اكثر فأكثر عن تيارات مشبوهة لتحقيق اهداف مضروبة ، ان تعمّق فهم "الدين لله والوطن للجميع" ، الذي لطالما رفضه الاخوان وبقية الظلاميين . 

أن تتعظ بأن سنيّتها لم تشفع لها عند النظام العربي السني ، بل ان الشق الشيعي هو الذي دعمها وسلحها وموّلها . ان تدع الكلاب تعوي على قافلة المظلومين وهي تغذ الخطى منذ مئة عام ، لكن عليها ادراك ان ليس بريطانيا وحدها من يعكف على وقف المسير واستكمال النبح ، لا ولا بقية اصحاب العيون الزرق في القارة العجوز ، بل هناك عربا يلبسون زيّنا ولهم سحنتنا ويتكلمون لغتنا ويقرأون في قرآننا وانجلينا ويؤدون الصلاة في اوقاتها ، انما هم ينبحون ايضا ، واحيانا كثيرة ما يعلو صوت نباحهم على نباح الاخرين . و على حماس ان لا تتفاجأ بمن يمكن ان يقوم باستنكار العملية في القدس ، وإن لم يستنكرها علنا فقد يستنكرها سرا . و أخيرا ، أن تسأنس ونحن معها بما قاله المتنبي قبل اكثر من ألف سنة : لك يا منازلُ في القلوب منازلُ / أفقرتِ انتِ وهن منك أواهلُ * واذا اتتك مذمتي من ناقص / فهي الشهادة لي بأني كاملُ.