من روايتي (زغودة) بقلم شقيف الشقفاوي
تاريخ النشر : 2021-11-09
من روايتي (زغودة)

الحلقة 12

بقلم: شقيف الشقفاوي

كانت أشعة الشمس الصباحية تنعكس على وجه الماء و تغرق المدينة بضوئها الذهبي ، فتبدو بناية البريد المركزي كعروس التحفت رداء الزفاف الأبيض و انتشرت الأشعة في ممرات الحديقة المحادية ، لكن يحي كان سارحا في المجهول و عيناه مسمرتان في الفراغ ، فالضفة المقابلة من جهة برج البحري تبدو له يابسة لأرض أخرى و اعتقد أنها فرنسا التي ابتلعت أباه ، تنهد تنهيدة كتمت أنفاسه الجريحة قال في نفسه:

كم هي قريبة الضفة الأخرى من البحر ، لابد أن العبورإليها لا يتطلب وقت أو أموال ، فالمبروك كان صادقا حين قال لنا في الميلية أن العالم صار قرية صغيرة وهاهي دلالات صدقه واضحة كالشمس ، في هذه الأثناء أطل السعيد البحري من باب البريد و أشار له بالإقتراب قال له:

- غدا يا البراكة تذهب عند عمي النواري في مسلخ رويسو و هو من يتكفل بتشغيلك ، لقد اتصلت به و وعدني بذلك ،
غمرت الفرحة يحي وأحس بالانتصار ، تذكر غبة و تذكر زغودة و الجبال المحيطة بالميلية التي جلبت للمنطقة المأسي المتكررة منذ عقود طويلة و تركتها معبرا لكل الانتقامات و الإغتيالات ، ولم يعد الناس يضمنون فيها حياة اليوم الموالي قال في نفسه :
- حتى الدولة كانت ترعب السكان بقتل الأبرياء و سرقة ممتلكاتهم ، فالمبروك الذي سرق ثورعمي عبود يوم قصفت فرنسا تالة لفدور، كررها ابنه كسولة و سرق دهب خالتي العلجة يوم حاصر الجيش كتيبة الإرهابي لملوم على تخوم المدينة.