لا شيء يذكر بقلم علاء نصار
تاريخ النشر : 2021-10-28
لا شيء يذكر 

بقلم: علاء نصار

 ذكريات الطفولة الجميلة   

أزقة المخيم العتيقة 

 الجداريات المرسوخة على ظهر كل حجر 

مزاريب الأسطح جامعةً مياه المطر 

حاكورة المنزل وأشياءٌ وأشياء ...

باتت صورٌ من الذاكرةِ العمياء ...

كل شيءٍ قد عانق ضفاف النهر 

وكل صورةٍ كانت تحمل معها ذكرى 

لكن مياهُ النهرِ جرفتها كالناقةِ العشواء 

وتسألون بماذا يفيدُ البكاء ؟

لستُ أبكي  أنا بعيدٌ كل البعد عن البكاء 

وما أدراك ؟

وما أدراك بأن هذا الوجه يبكي وقد أتعبهُ البكاء ؟

لست أشكي  أنا وحيدٌ مع نفسي بين هؤلاء 

وما أدراك ؟

وما أدراك بأن هذا القلبُ يشكي وقد إنهال من العناء 

لست نفسي  أنا سجينٌ داخلَ جسدٍ وروحٌ في السماء 

وما أدراك ؟ 

وما أدراك بأن هذه النفسُ باقيةً وهي مشرفةٌ على الفناء 

أنا لستُ أبكي ولست أشكي ولست منفصمًا  

إنما أنا مشتاق  

لا أدري إن كان هذا الشوق قليلًا 

فالشوق لا يُقاس ولو جفَّ الدمع من العيون 

ولا أدري إن كنتُ عابرُ سبيلٍ 

فعابرو السبيل لا يشتاقون 

لا شيء يذكر ... لا شيء يذكر 

هديلُ الحمامِ خافت لا يضاهيه صوت 

فالحمام لا ينازع باكيًا عند سكرات الموت 

وما أدراك بأن للحمامِ صلةُ رحمٍ ببيت العنكبوت ؟

أنا لستُ أبكي ولست أشكي ولست منفصمًا  

إنما أنا مشتاق  

فالشوق بعد الساعةِ الثالثةِ فجرًا يصبح كالسم 

الذي يتغلغل داخل الجسد ويوقفه صامتًا عاجزًا دون حراك 

وما أدراك ؟ 

وما أدراك بأن هذا القلبُ قد ينامٌ في سباتهِ دون اشتياق ؟

الفراقٌ صعبٌ واللقاء من بعد الغياب أشد الصعاب ...

لاشيء يذكر ... لا شيء يذكر 

لا جلساتُنا تحتَ الشجرةِ الصفراء 

ولا حكاوينا من بعد المناقشةِ الحمقاء

تبًا لنا إن كنا متظاهرين البزخ ونحن ومن نعرفهم تعساء 

لا شيء يذكر  .. لاشيء يذكر 

أنا كالسجين بين كلَ ما تركتي لي من ذكريات 

ليت التفكير يتوقف كقلبكِ الذي بقساوتهِ قد فارق الحياة 

لا شيء يذكر ولا شيء مما توقعت 

أشياءٌ كثيرةٌ تنهارُ من حولي وأنا مقيد كالقعيد 

 لا أقوى على الخروج  من المآزق التي تلتف حول عنقي 

لا أدري إن كان  الخروج من هذه المآزق هو الحل الوحيد 

ليت العقل يجيد  كلماتٍ ذي رونقٍ يتلوها عناقٌ شديد 

ومن مذكراته مرزخةٌ يضعها في قلبي الطريد  

لعلها توقظ آفاقًا من الحُلم المرسخ  في تلك الذاكرة 

و من سينارو حياتي  لقطاتٌ جميلة تعيد نفسَها من جديد ...

لا أقوى على فعل شيءٍ 

وما أدراك بأن تلك الأشياءٌ تحدثُ جميعها دون وعيٍ وإدراك ؟

وما أدراك  

ليتني أفقد ذاكرتي وأنساك ...

لاشيء يذكر  

تفاصيلٌ كثيرة قد اشتقتُ لها :

محادثتها بين آنٍ وآن 

سماعُ صوتَها الجميل  وعيناها اللامعتان 

 المشي تحت المطر  وحديثها مع الخلان 

لضحكتها الجذابة ولضحكتي التي قد جار عليها الزمان

لم يكن عناقٌ قاتلٌ للشوقِ ولروحها الجميلة 

إنما وداعٌ في لحظةِ ضعفٍ وقلة حيلة 

لم أرَ ضحكتي لكنني لستُ أبكي 

ولم أظرفُ دمعةً واحدةً على ماضٍ

فيه لا شيء يذكر ...