لماذا هذا الارتفاع الجنوني على أسعار مستلزمات الطاقة البديلة؟ بقلم ضياء حامد الجدع القواسمي
تاريخ النشر : 2021-10-27
لماذا هذا الارتفاع الجنوني على أسعار مستلزمات الطاقة البديلة؟
بقلم ضياء حامد الجدع القواسمي


لماذا هذا الارتفاع الجنوني على أسعار مستلزمات الطاقة البديلة؟

بقلم: م. ضياء حامد الجدع القواسمي 

الارتفاعات المستمرة على أسعار مستلزمات الطاقة الشمسية خلال العقد الأخير كانت في نظر المتابعين عقلانية ومنطقية، وكانت نتيجة طبيعية لحجم الطلب الكبير على منتجات الطاقة البديلة بكل مجالاتها، لكن أحداً من المتابعين وذوي الاختصاص لم يكن يتوقع الحجم الكبير في ارتفاعات أسعار الطاقة البديلة لا سيما الطاقة الشمسية، وبصورة مفاجئة سيكون لها أثرها على سوق الطاقة البديلة برمته.

في الأيام الأخيرة أعلنت الشركات المصنعة للألواح الخاصة بالطاقة الشمسية في أكثر من بلد حول العالم زيادة مفاجئة في أسعار هذه اللوحات وصلت لغاية 20% من السعر التقليدي، وإذا تمت إضافة سعر النقل البحري الآخذ بالازدياد بصورة غير منطقية، فإننا نتحدث اليوم عن حالة من عدم الاستقرار في التوجهات الرسمية والشعبية والمنزلية في مجال الطاقة البديلة، وهي حالة إجبار لا حالة اختيار، فهذه الأسعار العالية ستشكل عبئاً حقيقياً على الفرد والمؤسسة والجهات الحكومية على حد سواء.

إن التبريرات التي ساقتها الشركات المصنعة لألواح الطاقة الشمسية، وهي شركات تتحكم بالمطلق في مجالات تصنيعها، تعبر عن حالة من التصميم على رفع مستمر في أسعار هذه اللوحات، وليست أمام قرار برفع السعر لمرة واحدة، بل هي سياسة ستكون ثابتة لديها حتى عدة أشهر قادمة كما يبدو للمحللين والمتابعين، وهو أمر سيشل حركة التوريد والتركيب للمشروعات التي تم إقرارها أو سيتم إقرارها خلال الفترة اللاحقة، وهو ما سيدفع إدارات الشركات العاملة في هذا المجال للتردد في إبرام أي اتفاق في هذا المجال مع أي جهة كانت، سواء شخصية ( منزلية ) أو صناعية أو حكومية.

إن تبريرات الجهات المصنعة بارتفاع أسعار المواد الخام، ولا سيما البولي سيليكون التي تعتبر العصب الحقيقي لصناعة اللوحات الشمسية، إضافة إلى تبريرات شركة GCL  التي أعلنت عن سلسلة انفجارات في مصانعها، وهي واحدة من الشركات التي تتكفل بما حجمه 10% من الحاجة العالمية في مجال اللوحات الشمسية، إضافة إلى التبرير بارتفاعات الشحن وسلاسل التوريد ونحوها، كلها تبريرات لا ترقى إلى هذا الحجم من رفع الأسعار المطرد، والذي سيؤثر بشكل مباشر ورئيس على قطاع الطاقة البديلة، هذا إذا لم يطل الارتفاع غير العقلاني بقية مستلزمات الطاقة من المحولات والمولدات والبطاريات والمستلزمات الخاصة بالتوصيل والتفعيل للمشروعات الصغرى والكبرى.

وفي وقت تتجه الأنظار فيه نحو تعزيز حضور الطاقة البديلة كبديل ناجح للطاقة الكلاسيكية والوقود الأحفوري، وبعد انتشار الرغبة الدافعة لدى شرائح واسعة من الشعوب والمؤسسات والأفراد نحو توريد وتركيب هذه الأنظمة كنظام عملي في بيوتهم ومنشآتهم ومؤسساتهم، حتى انتشرت هذه الثقافة في نطاقات جغرافية واسعة، تأتي هذه التطورات بخصوص ارتفاعات الأسعار غير العقلانية لتنسف الجهود المبذولة في تعزيز ثقافة القبول للطاقة البديلة، وإيجاد العقبات في وجهها.

إن انعدام الرؤية التنموية في منطقتنا العربية في مجال الطاقة والطاقة المتجددة، فرضت علينا أن نتعامل مع المصادر الحصرية في تصنيع مصادر الطاقة ومواردها، وجعلنا أسرى الأسعار التي تفرضها علينا دون أن نملك حق النقاش أو المفاوضة.

الصورة المستقبلية في مجال التعاطي مع ملفات الطاقة المتجددة، والحصول على ألواح الطاقة وأجهزة التحويل والتخزين ونحوها ليست واضحة بتاتاً، فالعالم اليوم منشغل بالنقل البحري، والصراع على مصادر النفوذ، انقطاع سلاسل الإمدادات الغذائية، وتداعيات كورونا وانعكاساتها على الواقع الاقتصادي والاجتماعي، وهذا يعني أهمية التفكير الحقيقي والجدي في سبل بديلة لإيجاد المعدات والآلات والألواح والمحولات ونحوها، وهذا لا يتحقق دون أن تنهض قطاعات رجال الأعمال في عدة دول بالاستثمار الأمثل في هذا المجال، وتأمين المواد الختام وخطوط الإنتاج اللازمة لتلافي أزمات المستقبل المتعلقة بهذا المجال، حتى لا نجد أنفسنا رهينة تقلبات السوق ورغبات المصنعين المتحكمين بكل شيء.